مؤسس طالبان الملا عمر قضى آخر أيامه في مخبأ مجاور لقاعدة أميركية

حقائق جديدة تكشف إخفاقات مخجلة للاستخبارات الأميركية في تعقب مؤسس حركة طالبان.
الثلاثاء 2019/03/12
كشف مخبأ زعيم طالبان محرج لواشنطن

كابول - منذ سقوط نظام طالبان في عام 2001 عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 التي هزت الولايات المتحدة، ظل مكان اختفاء مؤسس الحركة المتطرفة بمثابة اللغز الذي حيّر الإدارة الأميركية، فقد طاردته واشنطن بل وخصصت جائزة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يرشد إلى مخبئه، إلا أن كل ذلك باء بالفشل على مدى أكثر من عشر سنوات.

وتدعمت الشكوك في قدرة القوات أو المخابرات الأميركية على النجاح في اعتقال الملا عمر عام 2011 حين نفت حركة طالبان وفاته، حيث ظلت واشنطن تعتقد أن الرجل الأخطر في الحركة كان متخفيا في قبائل البشتون أو الأراضي الباكستانية.

كل خفايا اختفاء الملا عمر الذي أعلن عن وفاته في عام 2013، طفت على السطح مجدّدا بعدما كشف كتاب جديد بعنوان “البحث عن العدو ” الذي أعده الصحافي الهولندي بيتي دام أن مؤسس حركة طالبان عاش على بعد مسافة قصيرة عن قاعدة أميركية في أفغانستان، وهو ما كشف مجدّدا عن إخفاقات مخجلة للاستخبارات الأميركية.

وظنّت واشنطن أن الزعيم الذي فقد إحدى عينيه كان مختبئاً في باكستان، لكن سيرة جديدة للملا عمر بينت أنه كان يعيش على بعد حوالي 4 كيلومترات عن قاعدة عمليات عسكرية أميركية متقدمة في مسقط رأسه في محافظة زابول، إلى حين وفاته عام 2013.

ودعمت السلطات الأفغانية رواية الولايات المتحدة حيث أعلنت مصادر حكومية أفغانية في 29 يوليو 2015 وفاة الملا عمر منذ عام 2013 في باكستان بعد مرضه، مضيفة أن لديها تأكيدات من السلطات الباكستانية ومصادر في طالبان على أنه توفي هناك قبل عامين جراء إصابته بمرض.

وأظهر الكتاب الجديد أن زعيم طالبان كان يعيش كراهب افتراضي، يرفض استقبال أفراد عائلته ويكتب على الدفاتر بلغة وهمية. وأمضى الصحافي دام خمس سنوات من الأبحاث من أجل كتابه، وقابل الحارس الشخصي لعمر، جبار عمري الذي ساعده على الاختباء وقام بحراسته بعد إسقاط نظام طالبان.

وبحسب الكتاب، استمع عمر إلى نشرات أخبار شبكة بي.بي.سي بلغة البشتون في المساء، لكنه لم يعلّق على الأحداث التي كانت تحصل في العالم الخارجي إلا نادرا، حتى عندما علم بمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

وبعد هجمات 11 سبتمبر 2001 التي أدت إلى سقوط طالبان، خصّصت الولايات المتحدة مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار لمن يعثر على عمر الذي كان مختبئاً في مجمع صغير في قلات عاصمة المحافظة، بحسب ما كتب دام.

الملا عمر كان يعيش على بعد حوالي 4 كيلومترات عن قاعدة عمليات عسكرية أميركية
الملا عمر كان يعيش على بعد حوالي 4 كيلومترات عن قاعدة عمليات عسكرية أميركية

ولم تعلم العائلة التي كانت تعيش في المجمع هوية هذا الضيف المجهول، وأوشكت القوات الأميركية على العثور عليه مرتين.

وفي مرحلة ما، اقتربت دورية أميركية فيما كان عمر وعمري يسيران في الفناء. واختبأ الرجلان خلف كومة من الخشب بعد رؤية الدورية، لكن العسكريين الأميركيين مروا من أمام المكان دون أن يدخلوا إليه.

وفي المرة الثانية، فتشت القوات الأميركية المنزل الذي كان يعيش فيه، لكن أخفقت في اكتشاف المدخل السري إلى غرفته. وليس واضحاً ما إذا كان ذلك التفتيش روتينيا أو جاء نتيجة معلومات وصلت إلى الأميركيين.

وقرر عمر المغادرة بعدما بدأ الأميركيون بناء قاعدة لغمان الأميركية للعمليات العسكرية المتقدمة في 2004 على بعد أمتار قليلة عن مخبئه.

وانتقل لاحقاً إلى مبنى آخر، لكن سرعان ما شيّد البنتاغون قاعدة وولفرين العسكرية القريبة التي تضم ألف عنصر أميركي، حيث تتمركز أحياناً قوات خاصة أميركية وبريطانية.

ورغم تخوّفه من أن يتم الإمساك به، لم يجرؤ عمر على تغيير مكانه مرة جديدة ولم يخرج من مخبئه إلا نادراً، وغالباً ما يحتمي داخل أنفاق عند تحليق الطائرات الأميركية.

وبحسب دام، غالبا ما كان عمر يتحدّث إلى حارسه وطباخه، واستخدم هاتفاً قديماً من نوع نوكيا لا خطّ فيه ليسجل صوته وهو ينشد مقاطع من القرآن.

وحكمت طالبان البلاد بين عامي 1996 و2001، وأطلقت تمرداً مناهضاً للسلطة منذ سقوط حكمها. ومنذ تسليمه قيادة الحركة في عام 2001، بات عمر بمثابة قائد روحي لها، وأبقيت وفاته سراً في عام 2013 مدةَ عامين.

6