إدراج اللغة الإسبانية في قائمة أعداء ترامب

جدل متصاعد في الولايات المتحدة على رفض المهاجرين المتحدثين بالإسبانية، وتنامي التمييز الاجتماعي بتشجيع من خطاب ترامب الشعبوي.
الاثنين 2019/03/11
أريدك أن تتحدث الإنكليزية

نيويورك - منذ وصوله إلى البيت الأبيض في عام 2017 انطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تنفيذ برامجه ووعوده الانتخابية، وكان أولها إلغاء اللغة الإسبانية من الموقع الإلكتروني الجديد للبيت الأبيض في إطار مضيه قدما في مواجهة ملف المهاجرين من أصول أميركية لاتينية.

وقد سُجلت منذ ذلك الحين الكثير من الحوادث المرتبطة باستخدام هذه اللغة في الولايات المتحدة. وبعد أكثر من سنتين على ذلك وفي حين يتواجه الرئيس الأميركي مع الكونغرس لتمويل بناء جدار عند الحدود مع المكسيك للجم الهجرة من أميركا الوسطى، تشكل هذه الحوادث دليلا على الاستقطاب السياسي المتزايد الذي تشهده هذه اللغة المنتشرة جدا في الولايات المتحدة.

وحسب ما يفيد مركز “بيو ريسيرتش سنتر”، تشكل الإسبانية اللغة الأم لأكثر من 41 مليون شخص مقيم في الولايات المتحدة، فيما يعتبر الأشخاص من أصول أميركية لاتينية الأقلية الأكبر في البلاد (17 بالمئة من السكان).

لكن دراسة نشرها هذا المركز في أكتوبر أظهرت أن نحو 40 بالمئة من هؤلاء يقولون إنهم تعرضوا لمضايقات في الأشهر الإثنى عشر الأخيرة بسبب أصولهم بما في ذلك لأنهم كانوا يتكلمون الإسبانية في العلن.

وقال كريستوفر محامي جمعية “ليفل إيد آت وورك” في سان فرانسيسكو التي توفر دعما قانونيا للعمال وخط اتصال مجاني لتلقي الشكاوى حول التمييز المرتبط بهذه اللغة، إنه منذ انتخاب دونالد ترامب “نتلقى المزيد من الاتصالات من عمال يطلب منهم أن يتكلموا الإنكليزية فقط”.

وتزخر وسائل التواصل الاجتماعي بالحوادث وتحظى بانتشار واسع عبرها. ففي مايو الماضي صرخ محام من نيويورك في وجه موظفين في متجر في مانهاتن كانوا يتحدثون بالإسبانية مهددا إياهم بالاتصال بشرطة الهجرة لطردهم.

وفي يونيو كان الأميركي خوليو سيزار أوفايي (24 عاما) يتنزه في مدينة سان أنطونيو في تكساس عندما أوقفه عنصر في شرطة الهحرة. ولم يكن أوفايي الذي ولد في لوس أنجلس لكنه شبّ في المكسيك ولا ينطق الإنكليزية جيدا، يحمل أي أوراق ثبوتية، فاتهم بالإقامة غير القانونية في الولايات المتحدة وطرد في اليوم نفسه رغم محاولته تفسير الوضع.

في إطار مواجهته لملف المهاجرين نفذ دونالد ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض برامجه ووعوده الانتخابية عبر إلغاء اللغة الإسبانية من الموقع الإلكتروني الجديد للبيت الأبيض

 وقال الرجل الشاب لصحيفة “سان أنطونيو إكسبرس نيوز”، “كان في الأمر ظلم ينطوي على عنصرية فقط لأنني لم أكن أفهم الإنكليزية أو أنطقها بشكل جيد". وتعرض أفراد عائلة من غواتيمالا لمضايقات في أكتوبر لأنهم تحدثوا بالإسبانية في فيرجينيا. وصرخت امرأة بعدما طلبت الاطلاع على جواز سفرهم، بوجههم قائلة “عودوا إلى بلدكم اللعين!”.

وفي نفس السياق أيضا أوقفت أميركيتان في مونتانا في مايو الماضي من قبل شرطة الحدود لأنهما كانتا تتحدثان الإسبانية.

ويقول كود وفسي المحامي في جمعية الدفاع عن الحقوق المدنية النافذة (ايه سي أل يو) التي تمثل الشابتين في الدعوى التي أقامتاها بها ضد شرطة الحدود “حكومة ترامب وخطابها يشجعان شرطة الهجرة على سلوك سيء”.

ويضيف “لا تملك الولايات المتحدة لغة رسمية. يمكن للناس أن ينطقوا باللغة التي يريدون ويُنطق بالمئات من اللغات في الولايات المتحدة”.

ولطالما كانت الإسبانية تتمتع بانتشار واسع في الولايات المتحدة، ولاسيما في الغرب حيث اشترت الولايات المتحدة الأراضي التي تشكل ست من ولاياتها الآن من المكسيك في منتصف القرن التاسع عشر.

وقد توقفت الكثير من العائلات المهاجرة عن تكلم الإسبانية بعد أجيال عدة، إلا أن دينامية هذه اللغة تبقى قوية بسبب المهاجرين الجدد والقرب الجغرافي من أميركا اللاتينية.

وتقول مارتا ماتيو مديرة مرصد اللغة الإسبانية في جامعة هارفرد إنه لا يمكن الحديث عن تمييز على صعيد اللغة. وهي تشدد على “الانتشار الواسع” للإسبانية في الولايات المتحدة والخدمات الكثيرة المتوافرة في هذه اللغة التي أطاحت منذ السبعينات بالفرنسية كأكثر اللغات تعلما.

وتوضح “قد تكون العدائية التي تواجه بها الإسبانية أكثر وضوحا اليوم. لنكون أكثر دقة ينبغي الحديث عن تمييز اجتماعي وليس لغويا بتشجيع من خطاب ترامب الشعبوي”.

وتتابع قائلة “المهاجرون الأكثر عددا هم أولئك الذين من أصول أميركية لاتينية فتتم مهاجمة لغتهم”. وتشدد ماريا كاريرا أستاذة اللغة الإسبانية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلس هي أيضا على التمييز الاجتماعي.

وعلى ما توضح، فإنه رغم الانتشار الكبير للإسبانية إلا أنها غالبا ما تعتبر لغة من الدرجة الثانية مقارنة بلغات لاتينية أخرى مثل الفرنسية أو الإيطالية، مضيفة أن “الإسبانية مرتبطة بأشخاص داكني السحنة، إنها لغة عاملات التنظيف والبستانيين والمربيات”.

7