قناة تلفزيونية تركية توقف بثها بسبب ضغوط حكومية

أنقرة – أعلنت قناة “فلاش تي.في” التلفزيونية التركية الترفيهية أنها ستعلق البث بسبب ضغوط سياسية ومالية “لا تطاق” من جانب الحكومة، في تأكيد جديد على الظروف الصعبة التي يعيشها الإعلام التركي المحايد في وقت تخنق فيه السلطات كل تجربة لا تسير في ركاب الأجندة الرسمية سياسيا ودينيا.
وكانت المحطة التي تبث برامجها منذ عام 1992 واحدة من أولى القنوات التلفزيونية الخاصة في تركيا.
وقالت المحطة إن الضغط الحكومي تضمن قيودا على الإعلانات.
وأضافت “نخفض صوتنا لبعض الوقت بسبب ضغوط لا تطاق نواجهها منذ فترة طويلة. أصبح التنفيذ غير القانوني للضغط الحكومي والإداري والسياسي والمالي أمرا لا يطاق”.
وبات سجل تركيا في مجال حرية الإعلام في مرتبة متأخرة عالميا بسبب الحرب التي تشنها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان على وسائل الإعلام المختلفة سواء ما تعلق بالإعلام التقليدي من صحف وفضائيات، أو بوسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر الذي تعرض لعمليات حجب مستمرة.
وصنفت منظمة “مراسلون بلا حدود” وهي منظمة مدافعة عن حرية التعبير، تركيا العام الماضي في الترتيب 157 من أصل 180 دولة وذلك في تقريرها السنوي بشأن حرية الصحافة العالمية، وقدرت أن حوالي 90 بالمئة من تغطية الصحف التركية موالية للحكومة.
وقال بيان من المحطة التركية إنها مستهدفة بسبب حيادها. وتشتهر القناة في الغالب ببرامجها الموسيقية التي تستغرق ساعات طويلة وبالرقص التقليدي وبرامج إيجاد الشريك المناسب.
ولا تلقى مثل هذه البرامج قبولا لدى السلطات التركية، التي تحاول إظهار حزمها لاسترضاء التيار المتشدد الذي يحيط به الرئيس التركي نفسه سواء من داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، أو من قيادات وعناصر إسلامية وافدة وصارت بدورها تتحكم في القرار التركي عبر “الفتاوى” والنصائح التي توجهها لأردوغان.
وبدأ الشارع التركي يضيق بنفوذ هذه القيادات الوافدة، وهي في الغالب الأعم عناصر فارّة من العدالة في بلدانها الأصلية.
وأغلقت حكومة أردوغان أكثر من 150 وسيلة إعلامية قالت إنها مرتبطة بمحاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016.
وأعلن يلماز تونجا ممثل القناة في أنقرة ومقدم برنامج إخباري صباحي أن القناة لم يُترك لها أي خيار سوى وقف البث.
وقال لرويترز في مكتبه في أنقرة، أثناء جمع متعلقاته ووضع كتبه في صناديق لنقلها، “الضغوط التي نواجهها بما في ذلك القيود على الإعلانات لم تترك لنا أي شيء نفعله سوى وقف البث”.
ولا يضيق صدر الرئيس التركي فقط بوسائل الإعلام المحلية التي تجد صعوبة في الالتزام بالحياد، ولكن يمتد إلى ممثلي وسائل الإعلام الخارجية التي تسعى لتغطية الأحداث التركية المختلفة وسبر آراء الأتراك تجاه مواقف السلطات في قضايا حساسة.
واحتجت السلطات الألمانية على رفض تركيا منح تصاريح عمل لعدد من الصحافيين بينهم توماس سيبرت مراسل “العرب ويكلي” ومراسل لصحيفة تاجيس شبيخل، وآخر ممثل للقناة الثانية بالتلفزيون الألماني.
وتشير تقارير إعلامية دولية إلى أنّ وسائل الإعلام التركية تعاني في ظل القمع الذي تفرضه السلطات التركية عليها، والتي تحاول التضييق على الحريات الصحافية التي أصبحت ضحية من ضحايا التنكيل بالحريات العامة في تركيا.
وفي الوقت الذي تتم فيه محاكمة المئات من الصحافيين المعارضين لسياسات الحكومة التركية، تصر الأخيرة على أن سبب سجن الصحافيين هو ارتكابهم لجرائم وليس ناجما عن أدائهم لوظيفتهم.
وأصدرت تركيا، التي تمارس حكومتها السلطة في ظل حالة الطوارئ التي فرضت بعد وقت قصير من وقوع الانقلاب الفاشل عام 2016، مجموعة من القوانين الصارمة لمكافحة الإرهاب والتشهير.
وأغلقت العشرات من وسائل الإعلام التركية أبوابها بينما فقد المئات من العاملين بمجال الإعلام وظائفهم أو تم سجنهم. ويواجه بعض الصحافيين المنتقدين توقيع عقوبة السجن بحقهم لمدد طويلة وإدانتهم بتهم تتعلق بالإرهاب.