"ماتريوشكا" كتابة الشعر تتطلب هدوء الحلزون

ميلانو (إيطاليا) - تستلهم الشاعرة المغربية فدوى الزياني عنوان مجموعتها الشعرية الجديدة “ماتريوشكا” من الدمية الروسية الشهيرة، وقصائد الشاعرة في هذا الكتاب لا تشبه الدمية الروسية فحسب، واحدة داخل أخرى وهكذا؛ إنما تنفلت بقسوة من قبضة الوحدة، ذلك الألم الذي لا يتشبه، ولا يمكن مداراته بين صمت وصخب، بين غياب وحضور، بين لحظة حب ولحظة نكران، وبين البين ابتسامات مقفلة، وعيون مقفلة، وتعاسات تحصى بجدية، كما نقرأ في قصيدة عنوان الكتاب:
لليلة واحدة فقط/ أريد أن أكون جادة مع الوحدة/ جادة مثل أزمة قلبية/ صارمة مثل صانع ألعاب روسي
في قصائد فدوى الزياني مزج واع بين أشياء عادية يومية، وأساطير وحكايات تاريخية، تلتقط الشاعرة مشهدا مفصليا منها، أو محاكاة تفتح القصيدة على أكثر من جهة. وهي في طريقها لتكتب تاريخها وشعريتها الخاصة، تحضر الحروب، كما المعارك الصغيرة الحميمة، يحضر اللاجئون والنازحون والموتى والأنبياء الجدد، تحضر القصائد الطويلة بحجم المسافات التي تقطعها الأقدام الحافية، والأجساد العارية، والقلوب المكسورة.
في قصيدة “في المرة القادمة” نقرأ للشاعرة:
الكلمات عمال متعبون/ الكلمات أجنحة للموتى الأطفال/ الكلمات أرواح أمي التي لا ترى
تمنح فدوى الزياني الكثير من نفسها للشعر، لقصائد لو رسمت لكانت بورتريهات متعددة لشخص الشاعرة، لذكرياتها وهواجسها التي تبدأ من سيجارة واحدة قد لا تكفي لإسقاط سقف الوحدة، ولا تنتهي بمآسي الحروب والتشرد والضياع بين القتل والدماء وأنانية إنسان هذا العصر. نقرأ ونرى الشاعرة طفلة وامرأة ناضجة وعاشقة مجنونة ومحاربة متمرسة، وبدل أن تكون فراشة تؤثر الحلزون، كما جاء في عتبة الكتاب، لا لشيء سوى لتترك في الطريق، طريق الشعر، تقول الشاعرة “الحلازين أكثر استجابة للشعر وحكمته/ لتكون شاعرا يحتاج الأمر سكون حلزون صغير يتشبث بالعشب”.
ونذكر أن “ماتريوشكا” هي المجموعة الشعرية الخامسة الصادرة للشاعرة فدوى الزياني، جاءت في 112 صفحة من القطع الوسط، وصدرت مؤخرا ضمن سلسلة “براءات” التي تصدرها منشورات المتوسط، وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاء بهذه الأجناس الأدبية.
أما فدوى الزياني فهي شاعرة مغربية، من مواليد مدينة زاكورة. رئيسة جمعية زاگورة الشعر وفاعلة جمعوية بعدة جمعيات منها: جامعة المبدعين المغاربة وجمعية المبدعين اللغويين. صدر لها شعرا “خريف أزرق” 2014، مجموعة “إيماءات شعرية” 2014، “أسبق النهر بخطوة ” 2015، “خدعة النور في آخر الممر” 2017.