تطوير الصناعات الحربية ثورة أوروبا الجديدة للحاق بركب القوى العالمية

طائرات الجيل السادس يمكن أن تعمل كمنصة لإطلاق ضربات الطائرات دون طيار وأن تحمل أسلحة الطاقة الموجهة.
الاثنين 2019/02/25
قدرات مقاتلات الجيل السادس تفوق طاقة الإدراك البشري

باريس - حين وقّع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في شهر يناير الماضي معاهدة جديدة لتوطيد العلاقة بين فرنسا وألمانيا كانت الرسالة الأولى ترمي إلى بناء اتحاد أوروبي يكون قويا وصامدا أمام المتغيرات الدولية وأيضا لمواجهة النزعات الشعبوية التي اجتاحت أوروبا في السنوات الأخيرة.

أعلنت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لين، ونظيرتها الفرنسية فلورنس بارلي مؤخرا عن مشروع دفاع تعاوني، هو على الأرجح الأكثر طموحا في أوروبا.

وبإلقاء نظرة أقرب على الطائرات التي لا تزال في مرحلة التطوير النظري، فإن طائرات الجيل السادس  تشير بالفعل إلى “ثورة في الشؤون العسكرية” خلال القرن الحادي والعشرين.

ولا تزال طائرات الجيل السادس والجيل القادم من الحرب الجوية ضمن الإطار المفاهيمي في الوقت الحاضر، لاسيما أن القوات المسلحة في جميع أنحاء العالم لا تزال تسعى إلى استيعاب الجيل الخامس (أي الطائرات F-22 و F-35 ، والطائرات الصينية J-20) التي دخلت مؤخرا الخدمة.

ومن المحتمل أن تتمتع منصات الجيل السادس ونظم الحرب الجوية القادمة بالسمات الثورية لطائرات الجيل الخامس، إلى جانب إضافة بعض القفزات التكنولوجية الرائدة.

طائرات الجيل السادس ستتجاوز مقاتلات الجيل الخامس في العديد من الجوانب، وهو ما يشي بثورة حقيقية في الشؤون العسكرية خلال القرن الحادي والعشرين

تقدم فلسفة تصميم الطائرات F-35 أدلة مهمة، فجوهر طائرات الجيل الخامس هو قدرتها على التخفي عن رصد الرادارات، وزيادة القدرة على اختراق المجالات الجوية غير المسموح بدخولها والاتصال متعدد المجالات.

ويركز مصنعو هذه الطائرات على تعزيز قدرتها على التخفي عن الرادار، وتزويدها بأجهزة استشعار حديثة، وتعزيز الخصائص الداخلية والخارجية، وتزويد الطائرات بقدرات غير مسبوقة على قراءة الواقع الذي يحيط بها.

والأهم من ذلك، أن القوات الجوية من الجيل الخامس ستسيطر على الحرب التي تتمحور حول الشبكات العملياتية وعمليات التحالفات المشتركة، ولا يزال التفوق المعلوماتي في بؤرة فهم الجيل الخامس.

إن الجمع بين تقنيات التخفي وتطوير صواريخ جو- جو أبعد من مدى الرؤية بشكل سريع، يجعلان الحرب الجوية أكثر تعقيدًا.

وطائرات الجيل السادس، نظريا، ستتجاوز مهارات طائرات الجيل الخامس في العديد من الجوانب.

وتشير المؤلفات الحالية إلى أن منصات الجيل السادس ستكون “مأهولة (بطيارين) بشكل اختياري” ، مما يعني أنها يمكن أن تطير بطيار أو دونه. وإذا تحقق ذلك، فإن هذا التقدم سيمثل تحولا حاسمًا في أوامر القوات الجوية العالمية بمعركة ما. بالإضافة إلى ذلك، وبما أن أسراب الطيران المختارة بشكل انتقائي أو غير المأهولة ستغير بشكل كامل فهمنا لإدارة مخاطر الإصابات والخسائر البشرية في المعارك، فإنها يمكن أن تعيد صياغة المفهوم المعروف للعمليات وقواعد الاشتباك في العديد من مناطق العالم.

الجدير بالذكر أن طائرات الجيل السادس يمكن أن تعمل كمنصة لإطلاق ضربات الطائرات دون طيار. ومن المحتمل أن تحمل أسلحة الطاقة الموجهة (DEW) أيضًا.

إن إدارة مثل هذه المهام المعقدة تتجاوز القدرات المعرفية البشرية. وما أحضره الجيل الخامس حتى الآن هو تصاميم أحادية المقعد، وإذا اتبع الجيل السادس هذا النموذج بشكل عام -ولأنه سيتعامل مع كمية هائلة من البيانات في مساحة معركة أكثر تعقيدًا- فإن السبيل الوحيد للمضي قدمًا هو تعزيز الذكاء الاصطناعي (AI) والتوافق بين البشر والآلات.

وتعهدت الحكومتان في ألمانيا وفرنسا بتقديم دعم سياسي قوي للمضي قدما في إنتاج الطائرات المقاتلة من الجيل السادس. ومع ذلك، ينبغي للمرء أن يضع عقبات خطيرة في الاعتبار أيضا. فهناك اختلاف كبير في سياسات ومرونة الصادرات الألمانية والفرنسية. ومن المحتمل ألا يريد عمالقة الدفاع الفرنسيون أن يخسروا الأسواق المربحة، ولاسيما في الخليج، بسبب المشهد السياسي الألماني الحساس.

منصات الجيل السادس تتمتع بالسمات الثورية لطائرات الجيل الخامس
منصات الجيل السادس تتمتع بالسمات الثورية لطائرات الجيل الخامس

ثانياً، بينما لا يزال موقف الدفاع الفرنسي ينتهج خصائص غير عادية، فإن النخبة السياسية العسكرية الألمانية ليست على نفس المنوال، وبالتالي قد تختلف التوقعات الفنية من المشروع المشترك المخطط له إلى حد كبير.

ثالثًا، قد يكون الوصول إلى البريطانيين وطائراتهم المقبلة من الجيل السادس “Tempest”، من أجل تعاون أوروبي أوسع، أمرا مثيرا للإشكاليات، خاصة في ظل شروط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

تجدر الإشارة إلى قرار إسبانيا الانضمام إلى البرنامج الفرنسي الألماني في هذا الصدد. وبحسب ما ورد، افترضت وزارة الدفاع الإسبانية أن البرامج البريطانية والفرنسية الألمانية ستندمج في نهاية المطاف في ضوء متطلبات الاستثمار الملحة.

من الناحية السياسية، إذا كانت باريس وبرلين ستقومان “ببيع” المقاتلة الجديدة من الجيل السادس “كجناح للجيش الأوروبي”، عندها سيكون من المستحيل تقريباً إقناع لندن بالاندماج في ذلك المشروع.

وقررت كل من باريس وبرلين تحديث قواتهما الجوية، اللتين تم تجهيزهما حالياً بطائرات من الجيل الخامس من طراز (Dassault Rafale وEurofighter Typhoon)، لنقلهما إلى قدرات الجيل السادس المجهزة بالطائرات بدلاً من اللحاق بسباق الجيل الخامس الحالي.

وتأتي هذه الخطوة الجديدة بعدما فشلت أوروبا في أن تصبح فاعلة في المنافسة العالمية، حيث أصبح التنافس بين الولايات المتحدة والصين في التطورات التكنولوجية، كما أصبح النشاط العسكري الروسي يسيلان الكثير من الحبر.

7