باريس تحارب رهاب الأجسام الممتلئة قبل أسبوع الموضة

خصصت باريس قبل انطلاق أسبوع الموضة معرضا لصور النساء المكتنزات في الهواء الطلق، بهدف كسر المعايير ومواجهة رهاب الأجسام الممتلئة، وتعزيز ثقة سكان العاصمة الفرنسية وضيوفها بأجساد البدينات.
باريس - تحتفي باريس بالنساء المكتنزات في معرض مخصص لصورهنّ في الهواء الطلق هدفه توسيع آفاق سكان العاصمة وضيوفها المدعوين لأسبوع الموضة الذي ينطلق الاثنين المقبل.
ونشرت على مقربة من مقرّ بلدية باريس، صور لنساء ممتلئات الأجسام التقطت خلال عرض في صالون البلدية في ديسمبر 2017 على واجهة ثكنة عسكرية سابقة. وأرفقت الصور برسائل من كلّ عارضة حول التأثير الإيجابي لهذه المبادرة.
وكتبت جيري بالاسيوس بيدو التي تظهر في صورة بفستان أسود “مدّني هذا العرض بالقوّة لأواجه التمييز”.
وقالت بيدو (36 عاما) والتي تدرّس الإسبانية “أنا ممتلئة البنية وطويلة القامة وسوداء. وقاسيت التمييز مرارا في حياتي”، معربة عن امتعاضها من توصيات بعض الأطباء والأقرباء الذين نصحوها بممارسة الرياضة والتخفيف من الأكل.
وأضافت “لديّ 15 سنة من الخبرة في الفنون القتالية وأنا حائزة على الحزام البني في الجودو وغالبا ما يزداد وزني عندما أخفّف الوجبات التي أتناولها”. وتابعت “لسنا هنا لتبرير بنيتنا المكتنزة، لكن حتّى البدناء بحاجة إلى أن يخالطوا الناس ويرتدوا ملابس أنيقة ويندمجوا في مجتمعاتهم”.
وأفاد المدير الفني للمعرض فنسان ماك دوم نجم تلفزيون الواقع المتشبّه بالجنس الآخر الذي ارتدى للمناسبة فستانا زهري اللون وانتعل حذاء ذهبيا عالي الكعب “جدتي وشقيقاتي كنّ مكتنزات وكنّ يشتكين طوال الوقت من عدم قدرتهن على ارتداء ما يحلو لهن والقيام بما يروق لهن بسبب نظرة الآخرين. وقد كنّ يتقوقعن على أنفسهن ويزددن وزنا”.
وقرّر ماك دوم أن يختار “رهاب الأجسام الممتلئة” محورا لكفاحه ضد التمييز، باعتبار أن المتحولين والمثليين جنسيا يتمتّعون بتمثيل كاف.
وصحيح أن عروض الأزياء باتت تزداد تنوعا مع عارضات من أصول عرقية متعدّدة وأعمار مختلفة، لكن من النادر جدا الاستعانة بعارضات مكتنزات أينما كان، من نيويورك إلى باريس مرورا بلندن.
ولعلّ المصمّم العالمي كارل لاغرفيلد الذي توفّي هذا الأسبوع والذي كان يعرف بحدّة لسانه قد تجرّأ على أن يجاهر بما يعتبره مصمّمو الدور الكبرى من المسلّمات وقت اختيار العارضات. وقد صرّح “لا أحد يرغب في أن يرى نساء مكتنزات على منصات عرض الأزياء”.
غير أن الأحوال باتت تتبدّل بفضل وسائل التواصل الاجتماعي حيث تلقى مؤثّرات مكتنزات شعبية كبيرة. ويقول ماك دوم “الموضة أصبحت متأخرّة اليوم”.
أما المسؤولة الرئيسية على هذا المعرض إيلين بيدار معاونة رئيسة البلدية المكلفة بمكافحة التمييز، فأطلقت مبادرة لإدراج عبارة “رهاب الأجسام الممتلئة” (“غروسوفوبي” بالفرنسية) في قاموسي “لاروس” و”روبير”. وحقّقت مرادها.
وأوضحت بيدار أن “الأمور باتت تتحرّك في مجال الموضة لكن الوتيرة بطيئة ولا يزال الطريق طويلا قبل ضمان تنوّع فعلي”.
وردّا على منتقديها الذين يتّهمونها بالترويج للبدانة، تجيب “نقوم بعكس ذلك تماما. فمكافحة البدانة لا تقضي بمواجهة البدناء. فلا أحد يختار أن يكون بدينا ولا بدّ من مرافقة هؤلاء الأشخاص في مسارهم”.
ومنذ بضع سنوات، تزداد العروض المخصصة للمقاسات الكبيرة (التي تبدأ بالمقاس 42 في فرنسا) في نيويورك وريو ولندن وباريس وميلانو، علما وأن نقابة الموضة الأميركية دعت، في يناير الماضي، المصممين ودور الأزياء إلى الاستعانة بالمزيد من النساء بقياسات مختلفة.
وقالت بلانش كازي مؤسسة أسبوع الموضة المخصص للقياسات الكبيرة في باريس في عام 2014 “كانوا دوما يقولون لنا إن النساء المكتنزات لسن جميلات ومثيرات، وعليهن اختيار الملابس من متاجر قديمة الطراز. وإن الجمال الحقيقي يكمن في المقاسات التي تتراوح بين 32 و34 المعروضة في المجلات، في حين أننا لا نرى أشخاصا بهذه المقاسات في الشوارع”.