صحافة البيانات تثبت أقدامها عالميا بعد إنجازات عام 2018

صحافيو البيانات يقودون فرقا استقصائية تتجاوز حدود الدول، والوصول إلى البيانات الحكومية ما زال عائقا أمام التحقيقات.
الجمعة 2019/02/22
نملك بيانات عينيك وأصابعك
 

ينظر خبراء إعلام إلى مستقبل صحافة البيانات بتفاؤل كبير بعد الكشف عن تحقيقات في غاية الأهمية العام الماضي، من بينها تحقيق شركة كامبريدج أناليتيكا الشهير، وهناك المزيد من عمليات التعاون الصحافية، ليس فقط في الدول الغربية، ولكنها تشمل أيضا آسيا وأميركا الجنوبية وأفريقيا.

واشنطن - حققت الفرق الصحافية المتخصصة في البيانات حول العالم قفزة هائلة في التحقيقات الاستقصائية خلال عام 2018، وأصبح التعلم عن بعد والأتمتة ومصادر البيانات الجديدة من الأمور الشائعة والمتداولة.

ويجمع الخبراء على أنّ فرق البيانات حول العالم تفوقت على ما كانت عليه في العام الماضي. ووفق تقرير لماريان بوتشارت المتخصصة في صحافة البيانات، وقد نقلته شبكة الصحافيين الدوليين، قالت الصحافية رينالد شوا من وكالة رويترز “كان هناك الكثير من العمل المثير للاهتمام؛ من وثائق اللجنة السريّة إلى كامبريدج أناليتيكا، وصولا إلى بعض الأعمال المصورة من الأقمار الصناعية حول ميانمار وغيرها الكثير”.

وتمثلت أفضل الابتكارات الصحافية لعام 2018 باستخدام تقنيات التعلم الآلي، والتي أصبحت أكثر تواترا في العديد من البلدان، كما ظهرت تقنيات أخرى مبتكرة لسرد القصص، إضافة إلى فن استخدام الروبوتات لتسهيل إعداد المشاريع.

ويقول سيمون روجرز، محرر البيانات في غوغل ومدير مسابقة جوائز صحافة البيانات “لقد قطعنا شوطا كبيرا بالتأكيد، وتجري الكثير من الأمور في العالم. أشعر أنّ هذا النوع من الصحافة أصبح منتشرا بشكل كبير حول العالم”.

وتؤيد جيانينا سينيني من جامعة كولومبيا، روجرز حيث تقول إن “الأتمتة ومصادر البيانات الجديدة أصبحت أكثر شعبية”.

ولاحظ الخبراء أنّ هناك المزيد من عمليات التعاون الصحافية، ليس فقط في الدول الغربية، ولكنها تشمل أيضا فرقا في آسيا وأميركا الجنوبية وأفريقيا، مثل مشروع “أمبلانت فايلز” للمركز الدولي للصحافيين، الذي تمّ بالاشتراك مع 250 صحافيا في 36 دولة، والذي حقّق في الضرر الذي تتسبب فيه الأجهزة الطبية التي لم يتمّ اختبارها بشكل كاف أو لم تختبرعلى الإطلاق.

وهناك مبادرة “ذا بيرو لوكال” في المملكة المتحدة، وهي شبكة استقصائية تعاونية أطلقها مكتب الصحافة الاستقصائية، تتألف من 833 عضوا ونتجت عنها 293 قصة حتى الآن.

صحافيون عاملون في مشروع لإعداد التقارير عن الجريمة المنظمة والفساد، القيام بعمل رائع يشمل أوروبا وأفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، وفي الولايات المتحدة

 وكانت هناك تسريبات في غرب أفريقيا، وجرى التحقيق في كيفية تهريب نخبة أفريقيا للمليارات إلى الخارج.

ويواصل الصحافيون العاملون في مشروع لإعداد التقارير عن الجريمة المنظمة والفساد، القيام بعمل رائع يشمل أوروبا وأفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، وفي الولايات المتحدة، وتنشر شبكة بروبابليكا بانتظام أعمالا تعاونية للصحافيين.

 كذلك في الولايات المتحدة، يهدف مشروع الأخبار المحلية، وهو جزء من مبادرة ستانفورد للصحافة والديمقراطية، إلى جمع ومعالجة وتبادل البيانات الحكومية التي يصعب الحصول عليها وتحليلها.

وتعد هذه المبادرة نموذجا للتعاون في مجال صحافة البيانات، وستتعاون مع غرف الأخبار المحلية والوطنية لاستخدام هذه البيانات للبحث في مجموعة واسعة من القضايا والمواضيع بما في ذلك العدالة الجنائية، والإسكان، والصحة وتعليم صحافة المُساءلة.

ويقول التقرير “بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يعتقدون أن صحافة البيانات هي نوع من الصحافة التي تخصّ الدول الغربية، فهناك أمثلة كثيرة تثبت أنهم مخطئون، من بينها تلك التي نشرها كويك سير كونغ كينغ حول صحافيين في تايوان استخدموا البيانات بشكل منهجي خلال الانتخابات النصفية الأخيرة.

وقد استخدمت كل المواقع الإلكترونية تقريبا هذه البيانات الخاصة بالانتخابات والخرائط لتعزيز تقاريرها وتحليلاتها.

إضافة إلى ما تقدّم يجمع مقال “كيف تعمل وسائل الإعلام التايوانية في الانتخابات المحلية في 2018؟” التقارير المستندة إلى البيانات من وكالات أنباء مختلفة في تايوان، ويتزايد كذلك استخدام البيانات من جانب فرق الأخبار في كوبا.

سيمون روجرز: أشعر أنّ هذا النوع من الصحافة أصبح منتشرا بشكل كبير حول العالم
سيمون روجرز: أشعر أنّ هذا النوع من الصحافة أصبح منتشرا بشكل كبير حول العالم

وعلق الصحافي يوديان ألميدا كروز من موقع “بوستادا كلوب” على هذا الموضوع بالقول “إن تحرير البيانات أمر مثير للاهتمام لأننا نعمل على وضع دستور جديد والعديد من وسائل الإعلام تستخدم نهجا يعتمد على البيانات.

وأصبح المتابعون أكثر اهتماما في هذا المجال، لاسيما مع تعزيز وجودهم على مواقع التواصل الاجتماعي”.

 وكان أيضا موقع “بوستادا كلوب” بمثابة قوة دافعة في انتشار صحافة البيانات بكوبا خلال العام الماضي، مع تغطيته حول الدستور الكوبي الجديد والزواج من نفس الجنس والمرأة في السلطة.

لكن لا تزال هناك العديد من التحديات أمام صحافة البيانات في 2019 وأبرزها: صعوبة تحويل المعلومات غير المنظمة إلى بيانات منظمة، فمع تزايد كمية البيانات المتاحة هذه الأيام، وإن لم تكن دائما صحيحة، يبذل الصحافيون جهودا كبيرة لجمع مجموعات كبيرة من البيانات، وهنا يأتي مفهوم المعلومات المنظمة وغير المنظمة.

وشرح المتخصص في صحافة البيانات براندون وولف الفرق بين المصطلحين، قائلا “يمكن البحث بسهولة عن البيانات المنظمة باستخدام الخوارزميات الأساسية. وتشمل الأمثلة جداول البيانات.

أما البيانات غير المنظّمة فهي أشبه باللغة البشرية؛ لا تتناسب بشكل جيد مع قواعد البيانات المرتبطة، والبحث عنها بناء على الخوارزميات القديمة يمكن أن يكون صعبا، وربما يكون مستحيلا”.

 من جانبها، تقول شيرلي فيليبس من جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة الأميركية “إنّ جمع وتحويل المعلومات غير المنظّمة إلى بيانات منظّمة يشكل تحديا كبيرا، وذلك لأن الأدوات ليست جاهزة في غرف الأخبار حتى الآن”.

ويعتقد الكثيرون أنّ التعلم العميق سيكون له دور مهم في هذا التحدي. ويمكن استخدامه للمساعدة في تحليل البيانات.

والتحدي الآخر هو أن صحافة البيانات لا تتطور بشكل متساو في العالم، ففي أماكن مثل كوبا تبقى صحافة البيانات تحديا، ويقول يودوفيان ألميدا كروز إن الصحافيين وجدوا صعوبة في تغطية أخبار محلية مبنية على البيانات، لأن الأمر الأكثر شيوعا هو الحصول على بيانات وطنية أو متعلقة بالدولة، ومن الصعب الحصول على بيانات لأماكن محلية.

وذكرت شيرلي فيليبس أنّ التحدي الثاني الذي حدده خبراؤنا هو العمل الكبير الذي يقوم به الصحافيون في العديد من البلدان، حتى تلك التي لديها قوانين سجلات مفتوحة، ولذلك فالوصول إلى البيانات الحكومية كان مشكلة في عام 2018، وسيبقى كذلك في العام 2019.

18