واشنطن تدرس وضع جهادية حرضت على سفك دماء الأميركيين

واشنطن- أعلنت الولايات المتحدة، التي تسعى لإعادة جهاديين أجانب معتقلين في شمال شرق سوريا إلى بلادهم لمحاكمتهم فيها، أنّها تدرس قضية جهادية أميركية معتقلة لدى الأكراد في سوريا بعد انشقاقها عن تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو للصحافيين الثلاثاء إنّ "وضع المواطنين الأميركيين، أو الذين يرجّح أنهم أميركيون، (المحتجزين) في سوريا هو أساساً قضية بالغة التعقيد ونحن ندرس هذه الحالات لفهم التفاصيل بشكل أفضل".
وأتى تصريح بالادينو في معرض ردّه على سؤال بشأن هدى مثنّى، الشابة الأميركية المتحدّرة من ولاية ألاباما والتي التحقت بتنظيم الدولة الإسلامية في 2015 حين كان عمرها 19 عاماً قبل أن تستسلم أخيراً للقوات الكردية في شمال شرق سوريا وتطالب بالعودة إلى الولايات المتحدة.
وهدى مثنى اشتهرت بتحريضها على سفك دماء الأميركيين، لكنها بعد أن ساءت أوضاعها في مخيمات اللاجئين توسلت العودة لبلادها، مبررة أن جهلها بتعاليم الإسلام رماها "في حضن التطرف".
تهديد عالمي
ورفض المتحدّث التعليق على قضية هذه الشابة الجهادية، مشيراً إلى موانع تتعلّق بالسلامة والخصوصية، لكنّه أكّد مجدّداً أنّ سياسة الولايات المتحدة تتمثّل في إعادة الجهاديين ومحاكمتهم.
وشدّد بالادينو على أنّ "إعادة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية وضمان محاكمتهم وسجنهم هو السبيل الأفضل لمنعهم من العودة إلى ساحة المعركة".
وأضاف "نحن نعتبر هؤلاء المقاتلين تهديداً عالمياً ونأمل حصول تعاون دولي للتصدّي له". ومن ناحيته عبر حسن شبلي محامي مثنى، عن الاستياء لعدم قيام مسؤولي الحكومة الأميركية بمقابلة موكلته بعد.
وقال شبلي "إنها حقا معضلة، أن تقوم (نيويورك) التايمز والغارديان وإيه.بي.سي نيوز بلقائها ومقابلتها فيما الحكومة لم تتمكن من القيام بذلك".
وتعاطى عدد من المسؤولين الأوروبيين بفتور مع دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهم لاستعادة مواطنيهم الجهاديين المعتقلين لدى القوات الكردية في سوريا ومحاكمتهم في بلدانهم.
وقال ترامب ليل السبت إنّ بلاده تطلب من حلفائها الأوروبيين "استعادة أكثر من 800 مقاتل من تنظيم الدولة الإسلامية، ألقينا القبض عليهم في سوريا، ومحاكمتهم".
وتواجه أوروبا صعوبة في كيفية التعامل مع المقاتلين الذي خرجوا من أراضيها للقتال مع تنظيم الدولة الإسلامية، وأنصارهم وعوائلهم المحتجزين في سوريا.
إلا أن الانسحاب الأميركي الوشيك من سوريا وضع أمام الحكومات الأوروبية مهلة لمعالجة قضية مواطنيهم المحتجزين حالياً لدى قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.
وكانت هذه المسألة على طاولة اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل الاثنين، وخصوصا أن آخر مقاتلي التنظيم الجهادي باتوا محاصرين في بقعة صغيرة في شرق سوريا، توشك قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن على اقتحامها.
تحوّل إلى السرية
وقد فاقم الانهيار الوشيك لـ"خلافة" تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا المخاوف من هروب مقاتلين متمرّسين وتشكيلهم خلايا جديدة في سوريا وخارجها.
وقالت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين إن "تنظيم الدولة الاسلامية يتحوّل ليصبح سريا ويعيد تنظيم صفوفه في السر ويبني شبكات مع مجموعات إرهابية أخرى بما في ذلك شبكة عالمية".
كما ذكر وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان أن التحالف يتطوّر "من أجل التصدي للتهديد الدولي الذي تشكّله فروع تنظيم الدولة الإسلامية وعقيدته الإجرامية" وصولا إلى أفغانستان والفيليبين.
لكن القلق الرئيسي الذي يساور حاليا حلفاء الولايات المتحدة هو الملف السوري حيث سيتسبب خروج القوات الأميركية بفراغ أمني وحيث تتنازع روسيا وإيران وتركيا النفوذ.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن "إنجاز هذه المرحلة سيشكل نقطة إيجابية يمكن أن تساعد في استقرار الوضع".
وسيطرح خروج القوات الأميركية من سوريا تحديا آخر هو مستقبل المناطق الخاضعة حاليا لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن، عند انسحاب القوات الاميركية. هل ستهاجم تركيا التي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية "مجموعة إرهابية" الأكراد؟ هل تستعيد دمشق التي تطالب بإنهاء الحكم الذاتي الكردي، المنطقة، بمساعدة حلفائها الإيرانيين والروس؟