رحلة العلاج في مستشفيات الأردن تزيد من معاناة المرضى

المراجعون للمستشفيات الحكومية في الأردن يشكون من تردي الخدمات العامة، وعدم توفر الدواء بشكل مستمر إلى جانب النقص الواضح في الكوادر الطبية.
الأربعاء 2019/02/13
هل يقوم الطبيب العام بدور الطبيب المختص

عمّان- في مستشفى الأميرة بسمة، تُراجع والدة أسامة المصاب بسكري الأطفال من الدرجة الأولى منذ سنتين، العيادات الخارجية شهريا لصرف الدواء، وكل 3 شهور لمراجعة الطبيب المتخصص لمتابعة حالة ابنها ذي الـ7 سنوات، واصفة رحلتها بـ”عناء” طويل لا ينتهي، تصادف فيها مشكلات أبرزها عدم توفر طبيب متخصص لحالة أسامة، ليقوم “طبيب عام” بدوره، وعدم توفر الدواء اللازم وبشكل دائم، إذ يحتاج المصاب بسكري الأطفال لإبر الأنسولين والدواء على الدوام فلا حياة بدونه، وبالتالي فهي تضطر لشرائه من الخارج بثمن مرتفع.

أم أسامة تقول لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن المعاناة مردها الإجراءات الطويلة والمعقدة لها والفوضى أمام المحاسبة والسجل والعيادات والصيدلية، وتطلب من الوزارة تقليص الإجراءات وتعزيز مرونتها، وتوفير أطباء الاختصاص والأدوية واعتماد نوعيات ذات جودة عالية خصوصا لمرضى السكري.

وفي العيادات الخارجية للمستشفى، يشكو مراجعون من تردي الخدمات العامة، وعدم توفر الدواء المخصص للصرف بشكل مستمر، وعدم اعتماد آلية واضحة لتنظيم الدور بين المراجعين، إلى جانب النقص الواضح بالكوادر الطبية والتمريضية في المستشفى، واعتماد مختبر طبي لا يلبي تطلعات المرضى ولا يستوعب الأعداد الكبيرة منهم يوميا.

ويعاني المرضى من فترات انتظار طويلة عند تلقي العلاج أو صرف الدواء، والتي تمتد لساعات فضلا عن الازدحام الشديد أمام العيادات والصيدلية والمحاسبة والمختبر والأشعة، ما يشكل عبئاً إضافياً عليهم خصوصا كبار السن.

طوابير المرضى في العيادات التابعة للمستشفى تتسع وتطول، في ظل غياب نظام إلكتروني للدور، ولا مراعاة الحالات المرضية الشديدة أو كبار السن من خلال الإجراءات الروتينية لتوقيع الأوراق والوصفات

وتعتبر مريضة القلب صفاء عبدالله أن واقع الخدمات الصحية المقدمة للمرضى ما تزال دون المستوى، وأن واقع الحال والشواهد العامة في المستشفيات الحكومية ولاسيما مستشفى الأميرة بسمة وعياداته الخارجية تؤكد ذلك، حيث تحتاج يوما كاملا لإجراء فحص دم في المختبر وغالباً لا تستطيع إجراؤه لأنه يتوقف عن استقبال العينات عند الساعة 11 صباحا، وعليها أن تمر بسلسلة طويلة من الإجراءات الطويلة التي يتخللها الوقوف في طوابير لا تنتهي قبل التوجه لتسليم العينة، فضلاً عن حالات الازدحام والضغط الشديدين.

تضيف أن تكرار حالات عدم توفر الدواء أمر لا يمكن تقبله أبداً، خصوصا للمرضى المصابين بأمراض مزمنة ولا يستطيعون العيش دونها، كما أن النقص الواضح في عدد الأطباء ولاسيما أطباء الاختصاص أصبح يشكل ضغطاً إضافياً على المريض والمستشفى في آن واحد.

وفي مستشفى غور الصافي الحارة، يلفت الانتباه وجود الذباب بكثرة مع حديث وزارة الصحة عن مكافحة مستمرة، بينما يؤكد المراجعون أن الحال في الصيف أسوأ من ذلك بكثير.

وعلى الرغم من أن مستشفى غور الصافي يمتاز بالنظافة العالية في أقسامه كافة، وتتوفر لديه سيارات إسعاف، ولا وجود للاكتظاظ في عياداته الخارجية، أو في قسم الطوارئ الذي افتتح حديثا بعد توسعته وتطويره، والأطباء متوفرون في هذا القسم، إلا أن يزن خليفات العامل في إحدى محطات المحروقات ويحمل بطاقة تأمين صحي بسبب الفقر الشديد، اشتكى من سوء الخدمات وضعفها، مدللا على ما حدث مع ابنته شخصيا، وأن المستشفى تحوّل إلى منامات، ولا يوجد في الكثير من الأحيان مناوبو إسعاف “وهناك ممارسات غير مقبولة من الموظفين والممارسين لمهنة الطب”، على حد تعبيره.

لكن نواش النوايشة اختلف مع يزن، مؤكدا، أن الفرق كبير بين الماضي والحاضر، والمستشفى متميز جدا، ونظيف “وقد وفر كثيرا من العناء والتعب”، وإنه يراجعه باستمرار وأن هناك كوادر طبية متميزة.

تردي الخدمات العامة
تردي الخدمات العامة

وفي مستشفى الحسين بمدينة السلط، كان عمال النظافة يقومون بعمل الإداريين والممرضين مثل حمل ملفات المرضى ونقلهم من غرف العمليات إلى الغرف. وعبّر معن الذي حضر إلى المستشفى لأخذ صورة أشعة للأسنان عن استيائه من عدم توفر أفلام للصور، وهو الأمر الذي أكدته ممرضة في قسم الأشعة وأن عليه العودة الأسبوع المقبل.

معن يقول إن كلمة “ارجع الأسبوع المقبل” سهلة على لسان الموظف، ولكنها ثقيلة على المريض، فهو سيعود مرة أخرى ويتحمل عناء ماديا ومعنويا وانتظارا قد يفاقم مرضه، وأكد أن هواتف المستشفى التي حاول الاتصال بها تعمل لكن لا مجيب.

تتسع وتطول طوابير المرضى في العيادات التابعة للمستشفى في ظل غياب نظام إلكتروني للدور، ولا مراعاة الحالات المرضية الشديدة أو كبار السن من خلال الإجراءات الروتينية لتوقيع الأوراق والوصفات، وصعوبة التنقل بين الطوابق.

وفي رصد لحالة المستشفى تبين أنه يعاني من تهالك في بنيته التحتية خصوصا دورات المياه في قسم الرجال، إضافة إلى صدأ في خزانات غرف المرضى، وتقديم وجبات غذاء مكشوفة للمرضى.

20