مكامن الموت في النجف: قنابل منسية تحصد أرواح العراقيين

النجف (العراق) - استنزفت الحرب أرواح الملايين من العراقيين، وفي زمن السلم يموت الكثير أيضا بسبب مخلفات حروب الماضي من قنابل كامنة وألغام منسية. يعيش على وقع هذا التهديد أهالي مناطق عراقية عديدة، منها مدينة النجف، التي تحولت بسبب المعارك بين عامي 1991 و2003 إلى أكثر المناطق تلوثا بمكامن الموت والذخيرة التي لم تنفجر في العراق، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
أحدث ضحايا مكامن الموت في النجف عائلة خضير في منطقة الرحبة، التي اصطدمت مركبتها بقنبلة عنقودية منسية حيث أصيب أفراد الأسرة الستة بسبب متفجرات يعود تاريخها إلى أكثر من عقدين، لكن ما زال يكمن في داخلها الشر والقدرة على التدمير والتشويه والقتل.
وقال مسؤول محلي في النجف وخبير في موضوع الأسلحة التي لم تنفجر إن الحوادث الأخيرة في الجنوب ناجمة عن انكشاف المتفجرات بسبب الأمطار والفيضانات وغير ذلك من الأحوال الجوية والمناخية. وفي منطقة الرحبة وحدها تسببت انفجارات مخلفات الحرب في مقتل وإصابة 25 شخصا، على حد قول رئيسها حسن العياش.
وبعد أكثر من شهر على حادث اصطدام مركبة عائلة خضير بالقنبلة العنقودية يوم الجمعة (21 ديسمبر 2019)، لا يزال أفراد الأسرة طريحي الفراش يتلقون العلاج. وقال أحد الأطفال إنهم ركبوا دراجتهم النارية ذات الثلاث عجلات بعد أن تناولوا الغداء ثم وقع الانفجار.
وفي مكان مفتوح كان خبير في التخلص من المتفجرات -يدعى عمار- وأعضاء فريقه يبحثون عن الذخائر. وقال عمار إن المنطقة التي يعملون فيها تم تطهيرها بالفعل من الألغام لكن الأمطار والفيضانات كشفت الأرض لتظهر المتفجرات.
وقال المدير العام للدفاع المدني في النجف رشيد ثابت رشيد إن انفجارين وقعا في الشهر نفسه من عام 2018 والسبب هو التأثيرات الناجمة عن الأحوال الجوية.
وقال فني متخصص في تركيب الأطراف الصناعية في مركز إعادة التأهيل بمستشفى الصدر التعليمي في النجف إن حالات جديدة تأتي إلى المستشفى للعلاج كل يوم.
وأضاف الفني جابر رشيد أن بعض هؤلاء الضحايا مصابون بذخائر متخلفة عن الحرب العراقية الإيرانية وأصيب البعض الآخر بذخائر حرب الخليج في أوائل التسعينات، في حين أصيب آخرون بذخائر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد عام 2003.
وقال علاء أحمد -وهو فني أطراف صناعية تابع للجنة الدولية للصليب الأحمر- إن أغلب الضحايا من الرجال حيث لا تمثل السناء سوى 10 في المئة فقط.
وأضاف أن مركز الأطراف الصناعية والتقويم في النجف يستقبل ما بين 900 و1000 مريض سنويا، 150 إلى 200 منهم تعرضوا للإعاقة بسبب القنابل. لكن هناك من يحاولون جعل المناطق الخطرة أكثر أمانا للعراقيين.
وقام فريق متخصص في التخلص من الذخائر التي لم تنفجر بأعمال بحث في النجف في الشهر الماضي لتطهيرها. وتم التخلص من 632 قنبلة ومادة متفجرة من مخلفات الحرب في النجف وحدها عام 2018.