الشكوك تستقبل محاولات الجزائر تحفيز القطاع الخاص

ميلة (الجزائر) - حولت الحكومة الجزائرية أنظارها إلى القطاع الخاص، الذي لا يزال بعيدا بشكل كبير عن المنافسة، بسبب مناخ الأعمال المنفر، وذلك في محاولة لامتصاص معدلات البطالة المرتفعة.
ودفعت الأزمة الاقتصادية الحكومة هذه المرة للبحث عن حلول بهدف تحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتشجيع رواد الأعمال رغم مطبات البيروقراطية والفساد لتعزيز مساهمة هذا القطاع في إنعاش النمو.
ونسبت وكالة الأنباء الرسمية لوزير العمل مراد زمالي قوله إن “الاقتصاد الجزائري يحتاج إلى أكثر من مليون مؤسسة ليكون اقتصادا منافسا للاقتصاديات الأخرى”.
وأضاف على هامش زيارة عمل لولاية ميلة شرق البلاد مؤخرا إن “حل مشكلة التشغيل يكمن في إنشاء مؤسسات من طرف شباب مكونين وحاملين لشهادات، مما سيحد من البطالة ويسهم في صناعة الثروة”.
ودعا الوزير الشباب للإقبال أكثر على إنشاء مشاريعهم الخاصة، مشيرا إلى أنه “إذا تم احتساب 4 عمال في كل مشروع فنكون بذلك قد وفرنا مليوني فرصة عمل”.
وأكد أن البلاد تحضن نصف مليون مشروع صغير ومتوسط منذ إنشاء أجهزة دعم التشغيل من طرف الدولة لاسيما الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب والصندوق الوطني للتأمين على البطالة.
وتظهر بيانات وزارة الصناعة والمناجم أنه تم استحداث 50 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة في مختلف المجالات خصوصا المناولة خلال السنوات الأخيرة ساهمت في توفير أكثر من 2.5 مليون فرصة عمل.
ويرى خبراء أن الشركات الصغيرة والمتوسطة بالبلاد أمام صعوبات كثيرة في سبيل اقتحام قطاع الأعمال وتحتاج للكثير من الدعم والتحفيز من الحكومة كونها أحد مفاتيح النمو الاقتصادي للدولة العضو في منظمة أوبك.
وتشكل البطالة وسوء التوظيف أحد أهم التحديات، التي تواجه الجزائر، يليها فشل السياسات الحكومية والتسيير وإدارة الشؤون العامة.
وتبلغ نسبة البطالة حوالي 11.1 بالمئة، وفق أحدث البيانات الرسمية، في بلد يسكنه قرابة أربعين مليون نسمة، غير أن البعض يعتقد أن المعدل قد يكون أعلى من ذلك.
وصنف تقرير صادر عن منتدى الاقتصاد العالمي نشر مؤخرا، الجزائر ضمن الدول التي تواجه مخاطر تقوض هذا المحيط بالنسبة للمستثمرين المحتملين، وحددت عدة عوامل تواجه مناخ الأعمال والاستثمار بالبلاد من بينها صدمة أسعار الطاقة.
ولا تزال الجزائر تراوح مكانها في قائمة الدول من حيث مناخ الأعمال، حيث جاءت في المركز 144 بقائمة الدول المصنفة بالأسوأ في العالم لسنة 2019 من بين 161 بلدا.
وعزت مجلة فوربس الأميركية المتخصصة في عالم المال والأعمال، والتي نشرت التقرير، ترتيب الجزائر إلى عدم استثمار جهود الحكومة في تنويع الاقتصاد.
وحتى الآن، لم تتمكن السياسات المتبعة من قبل الحكومات المتعاقبة من تطوير الصناعات غير النفطية لتقليص نسبة البطالة أو وضع حد لأزمة الإسكان.
وحذر صندوق النقد الدولي من ارتفاع نسبة البطالة في الجزائر خلال العام الجاري، وطالب الحكومة بالإسراع في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية اللازمة لإعادة التوازن لمؤشرات الاقتصاد مع تعزيز النظام المالي.
كما طالب الصندوق الحكومة الجزائرية باتخاذ إجراءات أكثر تحفيزا لتحسين مناخ الاستثمار وتسهيل استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.
كما أطلق مركز إنترناشونال كرايسز غروب للدراسات صفارات الإنذار من أنّ الجزائر قد تُواجه أزمة اقتصادية حادة هذا العام في حال لم يُجر هذا البلد، الذي تراجعت مداخيله النفطية قبل أربع سنوات، إصلاحات اقتصاديّة فورية.
وكان البنك الدولي قد وجه منذ سنوات إشارات للجزائر حول ضرورة بذل جهود إضافية، لإزالة العراقيل أمام تحسين مناخ الاستثمار والعمل على تذليل جميع الصعوبات، بما فيها تلك غير المعتمدة في مؤشرات “دوينغ بيزنس”.
وساهم تضارب السياسات الحكومية، في اهتزاز صورة مناخ الأعمال الجزائري، لاسيما مع فضائح الفساد المدوية، التي تحدثت عن ضلوع رجال مال وسياسة في ملفات ثقيلة، تم تداولها على نطاق واسع في “وثائق بنما” و”وثائق برادايس”.
ورغم تلك المؤشرات والتحذيرات، إلا أن المسؤولين ومن بينهم وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، يصرون على أن الحكومة تعمل على تحسين مناخ الأعمال بإدراج الإصلاحات القانونية المناسبة.
وقال لوح خلال ملتقى دولي حول المحامي ودوره في الاستثمار والتنمية الاقتصادية عقد هذا الأسبوع في العاصمة الجزائر إن “الدولة تسهر على مكافحة التصرفات البيروقراطية بتعميم العصرنة وترشيد العمل الإداري”.