النقابي والسياسي.. فصل مستحيل أم تداخل مدمّر

اتحاد الشغل يضغط على الحكومة التونسية دون اقتراح حلول، واعتلاء المسرح السياسي نوع من الانتحار.
الثلاثاء 2019/01/22
هل يحق للنقابات أن تقحم نفسها في السياسة؟

تونس - النقاش الذي يستعر بين فترة وأخرى بشأن التداخل بين العملين النقابي والسياسي ليس أمرا مستجدا، بل هو جدل قديم متجدد يطفو على السطح مع كل مناسبة ترفع فيها النقابات شعارات سياسية.

الاتحاد العام التونسي للشغل وهو المنظمة النقابية الأبرز في تونس والأكثر تمثيلا يبرز كأكبر مثال حديث عن تجدد الجدل التاريخي حول تداخل النقابي والسياسي، هذا النقاش استعاد بريقه في الفترة الأخيرة عندما دعت المنظمة النقابية التونسية إلى إضراب عام في القطاع العام وتم تنفيذه الخميس الماضي وإعلانه عن خوض إضراب عام ثان بيومين في فبراير القادم.

ما زاد أيضا من حدة الجدل بشأن المزج بين الأدوار النقابية والسياسية هو إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل بأنه سيشارك في الانتخابات القادمة سواء بتقديم مرشحين من بين أعضائه أو بمساندة أحزاب يتقاسم معها وجهات النظر. وبرر المتحدث الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري، في تصريح إعلامي، قرار منظمته حول الانتخابات بالقول إنه ”تاريخيا كان الاتحاد متواجدا باستمرار في مواقع القرار منذ بناء الدولة الوطنية بعد الاستقلال”.

الجدل بشأن التداخل بين السياسي والنقابي يطرح تساؤلات من قبيل: هل يحق للنقابات أن تقحم نفسها في السياسة؟ ما هي الأسباب التي تدفع الاتحادات العمالية لطرق باب السياسة وارتداء جبة السياسي؟

في الإجابات على هذه التساؤلات تطرح وجهتا نظر: الأولى ترى أنه أمر صحي أن يلعب النقابي دورا يمزج فيه بين نضاله من أجل مبادئ الطبقة الكادحة وبين وجوده في مراكز القرار ويعتبر أن كلا الدورين يكملان بعضهما ويعززان فرص تحقيق الأهداف النقابية. فيما يعارض الرأي الثاني هذا الموقف ويعتبره من باب “النفاق” إن صح التعبير وأن السعي وراء أي غنائم أو طموحات سياسية لا يمكن أن يكون سوى تنكر لمبادئ العمل النقابي والنضال في سبيلها.

أي طموحات سياسية للنقابات؟
أي طموحات سياسية للنقابات؟

ويرى أصحاب الطرح الأول أنه في تونس على سبيل المثال لم يختر الاتحاد العام التونسي للشغل الدخول في معترك الحياة السياسية إلا بسبب الأزمة العميقة التي تخنق تونس بسبب فشل الطبقة السياسية في ترجمة تطلّعات الشعب وطبقاته المتوسطة والكادحة على أرض الواقع.

ويدعم المدافعون عن لعب النقابي أدوارا سياسية إلى جانب نضاله الكلاسيكي من أجل حقوق العمال أطروحتهم بالرجوع إلى تاريخ الحركات النقابية في العالم منذ ظهورها، حيث قادت ثورات ضد أنظمة سياسية غير منصفة لكل فئات الشعب على حد السواء، كما انتفضت ضد المستعمر منصهرة في حركات التحرر الوطني التي عرفها العالم في القرن الماضي وحققت استقلال الدول.

لكن المدافعين عن الرأي المخالف يعتبرون أن العمل النقابي تميزه الأخلاقيات والإنسانية في ممارسته وفي رمزيته وأن أي اقتراب أو تداخل مع السياسة “سيلوثه” باعتبار التحالفات التي تفرضها ظرفيات معينة وتطورات الأحداث والتي تجبر الأطراف المتحالفة على تقديم تنازلات من أجل الوصول أو البقاء في السلطة قد لا تتناسب مع قيم النقابي.

هؤلاء يقولون صراحة وبكل وضوح إن السياسة أمر يجب ألا يعني النقابي وإلا فإنه سيتهم بأن الدفاع عن حقوق العمال والموظفين والطبقة المتوسطة والفئات الضعيفة في المجتمع لم يكن سوى شعارات فقط ونضال مزيف هدفه الأساسي تحقيق الطموحات الشخصية.

ويرى الرافضون لفكرة تداخل النقابي بالسياسي أن يتحول المدافع عن حقوق العمال “خصما وحكما” في الوقت نفسه داخل مشهد حزبي وسياسي بامتياز.

اقرأ أيضا

النقابي والسياسي.. خطان متلازمان لا ينفصلان

النقابي والسياسي.. كيف يصبح النقابي خصما وحكما؟

12