الجيش الليبي يفتتح معركة الجنوب بتوجيه ضربة موجعة للإرهاب

سبها (ليبيا) - وجه الجيش الليبي الجمعة، ضربة موجعة للجماعات الإرهابية، بعد أن قضى على القيادي في تنظيم القاعدة أبي طلحة الليبي، وذلك بعد ثلاثة أيام من انطلاق عملية “تطهير الجنوب”.
وأعلن الجيش الوطني الليبي الجمعة، مقتل أبي طلحة الليبي وإرهابيين اثنين آخرين خلال عملية نوعية بمنطقة سبها جنوب ليبيا.
وقال الناطق باسم الجيش العقيد أحمد المسماري إن “غرفة عمليات الكرامة تعلن عن مقتل الإرهابي عبدالمنعم الحسناوي المكنى بأبي طلحة والإرهابي المهدي دنقو والإرهابي المصري عبدالله الدسوقي في عملية نوعية قامت بها مجموعة العمليات الخاصة المشكلة من كتيبة شهداء الزاوية وكتيبة طارق بن زياد فجر الجمعة بمنطقة الشاطئ في الجنوب الغربي”.
وأضاف أن العملية تمت “بعد توارد معلومات (تفيد) بوجود عناصر إرهابية في المكان الذي يقع شمال غرب مدينة سبها بحوالي 60 كيلومترا”.
وسطع اسم أبي طلحة سنة 1996 عندما قبضت عليه الأجهزة الأمنية الليبية برفقة مجموعة أخرى من المتطرفين، بتهمة محاولة اغتيال العقيد الراحل معمر القذافي في براك الشاطئ.
وبعد مشاركته عام 2011 للمعارضة المسلحة في قتالها ضد “قوات الشعب المسلح” في ليبيا، برز اسمه مرة أخرى وأصبح أبرز قيادات الجماعة في جنوب ليبيا. وحصل حينها على دعم من المؤتمر الوطني، وتحديدا من “لجنة الدفاع والأمن القومي” التي ترأسها عبدالوهاب القايد.
ويعتبر أبو طلحة الليبي أحد أبرز القيادات الإرهابية ليس في ليبيا فحسب إنما كان أيضا من بين القيادات التي شكلت جبهة النصرة في سوريا قبل أن يعود إلى ليبيا عقب إطلاق المشير خليفة حفتر عملية الكرامة في مدينة بنغازي في مايو 2014.
وكان أبو طلحة يشرف على خط إمداد خلفي لـ”مجلس شورى ثوار بنغازي” ويتنقل عبر مدن الجفرة وسبها وأوباري ومصراتة لشراء السيارات والأسلحة من السوق السوداء بمبالغ مالية مغرية.
أسس أبو طلحة كيانا مسلحا يحمل اسم “مجلس شورى قبيلة الحساونة” في مدينة الشاطئ، وذلك على غرار ما يعرف بـ”مجالس شورى ثوار بنغازي ودرنة وأجدابيا” التي تتزعمها عناصر من “الجماعة الليبية المقاتلة” أو تنظيم القاعدة.
وفى نوفمبر 2016 شنت مقاتلات أجنبية مجهولة غارة جوية مدمرة على منزلين آخرين يعودان إلى أبي طلحة في المنطقة ذاتها، قُتل فيهما عدد من أفراد تنظيم القاعدة، ويُرجح بقوة أن زعيم التنظيم في بلاد المغرب العربي مختار بلمختار قد كان من بينهم.
وكان المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي، المعين من جانب مجلس النواب المنتخب في طبرق، قد أعلن في الخامس عشر من الشهر الجاري عن انطلاق عملية عسكرية شاملة في الجنوب الغربي.
والأحد، وصلت تعزيزات وآليات عسكرية ضخمة إلى قاعدة “تمنهنت” الجوية بمدينة سبها، لمساندة القوات المسلحة الموجودة في الجنوب، في استعادة السيطرة على منطقة الجنوب، التي أصبحت مرتعا للعصابات المسلّحة والتنظيمات المتطرفة العابرة للحدود، التي تسيطر على أهم المسالك الصحراوية وطرق التهريب، كما تمارس الخطف مقابل الفدية وتكدّس الأسلحة.
ويشهد الجنوب منذ الإطاحة بنظام القذافي، انفلاتا أمنيا وتهميشا غير مسبوقين، حيث تحول في البداية إلى معقل للمهربين وخاصة مهربي البشر، قبل أن تتخذه الجماعات الإرهابية معقلا لها عقب الضربات التي تلقتها في كل من المنطقتين الشرقية والغربية.
وكانت تقارير إعلامية غربية حذرت منذ نحو سنتين من إمكانية تحول الجنوب الليبي إلى معقل للجماعات المتطرفة المهزومة في كل من سوريا والعراق.
وتتصاعد هذه المخاوف على وقع الضربات التي يوجهها تنظيم داعش بين الحين والآخر لمواقع تابعة للجيش في الجنوب.
وبالإضافة إلى المجموعات الإرهابية المتطرفة، يعاني الجنوب أيضا من انتشار عصابات مسلحة تابعة للمعارضة التشادية.
وتتمركز تلك العصابات في عدة مناطق جنوب ليبيا، منها جبال تربو، وبن غنيمة، ومنطقة “أم الأرانب”.
وقال مبعوث الأمم المتحدة رئيس بعثتها للدعم في ليبيا، غسان سلامة، إنّ الوضع في الجنوب الليبي لا يزال متدهورًا ومثيرًا للقلق، واصفًا المنطقة بـ”خاصرة ليبيا الضعيفة”.
وأشار سلامة خلال إحاطة قدمّها لمجلس الأمن الدولي، الجمعة، إلى غضب أهالي الجنوب تجاه الوضع الحالي، لافتًا إلى أن هذا الغضب “مُكلِّف”.
وتأتي هذه التطورات العسكرية في الجنوب، بينما تشهد العاصمة طرابلس هدوءا حذرا وسط تبادل للوعيد بين فصائل مسلحة ومتناحرة.
وتوعد عضو الغرفة الأمنية في اللواء السابع مشاة مصعب زقلوط أمس الجمعة ما وصفه بـ”الميليشيات المدعومة من رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج” .
وقال زقلوط إن تلك الميليشيات ما زالت تسيطر على طرابلس، متوعداً إياها برد قاسٍ كما حملها مسؤولية بداية الهجوم على تمركزاته في جنوب العاصمة.
وبدورها أعلنت قوة حماية طرابلس (تحالف لأربع ميليشيات كبرى) خروجها عن طاعة المجلس الرئاسي، إلا عندما “يكون مجتمعاً وتصدر قراراته بكامل أعضائه التسعة”، وذلك بعد ساعات من تجدد الاشتباكات في جنوب العاصمة طرابلس.