ما رح ندفع.. ما فينا ندفع" مسرحية ساخرة تلهب الاحتجاج في لبنان

مسرحية ساخرة مقتبسة من عمل لأديب إيطالي حائز على جائزة نوبل تحط الرحال بلبنان، مردّدة للمرة الثانية “ما رح ندفع.. ما فينا ندفع” في قالب كوميدي غاضب رافق احتجاجات اللبنانيين ضد تردي الوضع الاقتصادي في البلاد.
بيروت - يبدو أن “ما رح ندفع.. ما فينا ندفع” شديدة الالتصاق بالاحتجاجات اللبنانية، فعندما عُرضت هذه المسرحية المقتبسة من مسرحية ساخرة للأديب الإيطالي داريو فو الحاصل على جائزة نوبل عام 2017، تزامن عرضها مع احتجاجات على زيادات ضريبية أقرها البرلمان اللبناني في ذلك الوقت.
وبعد ذلك بعامين ما زالت مشاعر الناس تجاه المسرحية تتردد في شوارع لبنان، فبينما قدم عدد من الممثلين اللبنانيين أداء مبهرا في العرض المسرحي السبت الماضي، احتج العشرات في العاصمة بيروت على الأوضاع الاقتصادية المتردية. ورفع المحتجون لافتة كُتب عليها “حقك بالصحة، حقك بالعمل، حقك بالحياة”.
وتتناول المسرحية، التي كُتبت أصلا عام 1974، قصة امرأتين قررتا أن تدفعا ما يمكنهما دفعه فقط لشراء الطعام من متجر احتجاجا على ارتفاع الأسعار.
وعلى خشبة المسرح تحاول كل من أنطوانيت وصديقتها ريتا، اللتين تلعبان دورهما كل من الممثلتين دارين شمس الدين وهبة سليمان، بيأس إخفاء السلع التي حصلتا عليها من زوجيهما اللذين يلتزمان بالقانون.
وترى المخرجة لينا أبيض، التي اقتبست المسرحية مرتين، أن القيمة الأساسية للمسرحية تتمثل في ارتباطها بما يحدث محليا وعالميا. وقالت أبيض “هذه المسرحية في الحقيقة كنا قدمناها منذ سنتين، كان الوضع تعيسا وقتها، لكنني أتصور أنه بعد سنتين صار الوضع أتعس، ونحن لم نتحرك بعد.. أعتقد أنه يوجد رابط مباشر بين هذه المسرحية والوضع ليس فقط في لبنان، لأنه كما نشاهد هناك السترات الصفراء بفرنسا، صار الوضع الاقتصادي بالعالم في انحطاط ويعاني مشكلات ضخمة.. إن هذه المسرحية فعلا في وقتها تماما”.
وأضافت “للأسف المشاهد يضحك بالأساس على حاله، فهي تقدم الوضع المزري الذي نعيشه الآن.. الأسعار في ارتفاع مستمر ولا ضمان اجتماعيا يحمينا”.
وكاتب النص الأصلي للمسرحية، التي مدة عرضها 90 دقيقة، داريو فو، هو كاتب مسرحي ومخرج وناشط وساخر مشهور وضع إصبعا في عين الكنيسة والدولة.
وعُرضت هذه المسرحية في 35 دولة باقتباسات متنوعة، وهو ما تعتبره الممثلة دارين شمس الدين دليلا على صلتها بما يجري. وأكدت أن “عرض هذه المسرحية في أكثر من 35 دولة هو دليل قاطع على أنها تنطبق أحداثها على كل المجتمعات الفقيرة بكل دول العالم.. أعتقد أينما وجد الغلاء والطبقة الكادحة سيستمر عرض المسرحية وتظل مناسبة لكل هذه الأجواء”.
وشارك عدة مئات في احتجاج ببيروت على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في ديسمبر الماضي، وأغلقت بعض الاحتجاجات شوارع رئيسية بالمدينة.
وأفاد الممثل سني عبدالباقي بأن “هذه المسرحية بإمكانها أن تكون طريقة للاحتجاج، للتظاهر، للتعبير، لكن أكثر ما يميزها باعتقادي أنها تعكس لنا واقعنا الذي نعيشه”. وأضاف عبودي، وهو رجل من الجمهور، “إنك تشعر بالحماس حقا عندما تشاهد مثل هذه العروض على المسرح، ذلك يعطيك طاقة تساعدك على التفكير والإبداع”.