شباب في ذكرى الثورة: حصلنا على الحرية لكن ليس على الكرامة

الانتعاش الاقتصادي لم ينعكس على سكان الضواحي الفقيرة ومدن الداخل حيث تفوق نسبة البطالة بضعفين أو ثلاثة أضعاف النسبة الوطنية للبطالة البالغة 15.5 بالمئة، خصوصا بين خريجي الجامعات.
الاثنين 2019/01/14
الشباب يريدون آذانا صاغية

دوار هيشر (تونس)- يقول مهندس الكمبيوتر الشاب العاطل عن العمل سفيان جبالي إنه ليس نادما على الثورة التي أنهت الاستبداد في تونس في 2011 على حد قوله، لكن بعد ثماني سنوات تغلب المرارة على الأمل “فقد حصلنا منذ الثورة على الحرية، لكن ليس على الكرامة”.

وفي منطقة دوار هيشر الضاحية الشعبية للعاصمة التونسية حيث يقيم سفيان، يعد شباب من الكشافة وراقصون وفكاهيون لعرض لمناسبة الذكرى الثامنة لـ“ثورة الحرية والكرامة” وهم يتدربون على العرض في دار الجمعيات وهي إحدى المؤسسات الأربع التي توفر أنشطة لهذه المنطقة التي يبلغ عدد سكانها مئة ألف نسمة.

ولئن تميزت تونس بكونها البلد العربي الوحيد الذي استمر في درب الديمقراطية السياسية بعد مجريات ما سمي “بالربيع العربي”، فإن السلطة الاقتصادية مازالت متركزة بين أيدي أقلية في حين يشعر سكان الأطراف خصوصا أنهم مستبعدون وتم التخلي عنهم. ويضيف سفيان الذي عمل في الدهان وبيع الكتب لعدم عثوره على عمل في اختصاصه “إذا لم يتغير النظام في 2019 (مع الانتخابات التشريعية والرئاسية)، فسيكون كل ما حدث خسارة”.

وتقول الخبيرة في علم الاجتماع ألفة لملوم التي ترأس منظمة غير حكومية تهتم بالمناطق المهمشة في البلاد “قامت الثورة على ثلاثة شعارات ‘عمل وكرامة وحرية’ لكن العمل والكرامة لم يتحققا”.

وأشارت إلى “بعض التقدم مع تخصيص حصة إجبارية للشباب دون 36 عاما بين مرشحي الانتخابات البلدية ما سمح بدخول عدد كبير منهم إلى المجالس البلدية في 2018”. بيد أنها تضيف “لا شيء تم لتحسين مستوى العيش اليومي للشباب الذين تعرض وضعهم إلى تدهور حقيقي”.

لم ينعكس الانتعاش الاقتصادي على سكان الضواحي الفقيرة ومدن الداخل حيث تفوق نسبة البطالة بضعفين أو ثلاثة أضعاف النسبة الوطنية للبطالة البالغة 15.5 بالمئة، خصوصا بين خريجي الجامعات.

ولئن تميزت تونس بكونها البلد العربي الوحيد الذي استمر في درب الديمقراطية السياسية بعد مجريات ما سمي “بالربيع العربي”، فإن السلطة الاقتصادية مازالت متركزة بين أيدي أقلية

وعلاوة على الصعوبات الاقتصادية يشير سفيان بأصابع الاتهام إلى إهانات وتضييقات يومية منها سلوك مناوئ من الشرطة واستحالة الحصول على فحص طبي دون “رشوة”، وضرورة الحصول على ترخيص من الوالدين للسفر حتى سن 35 للعديد من الشبان المصنفين “في خطر” منذ اعتداءات 2015.

ومن جانبه يقول حمزة ضيف الله وهو طالب ثانوي يشرف على مجموعة رقص “قمنا بهذه الثورة لنصبح مواطنين، لكن في النهاية أنا لست مواطنا إلا في مستوى حرية التعبير”.

ويقول عصام الهالي (31 عاما) الذي اقترض سبعة آلاف دينار تونسي (ألفا يورو) لبدء مشروع دكان خردوات، “على الورق هناك برامج مساعدة”. ويضيف رب الأسرة الشاب “لكن نسبة الفائدة تبلغ 21 بالمئة وأنا لا أجد حلا للأمر”.

ومع ذلك فإن عصام هو أحد الشبان النشطين في دوار هيشر ويرأس جمعية تحاول الحفاظ على النظافة والبيئة في الحي. وقال “نحن بين أقلية هنا مازالت تتمسك بأمل، الباقون يشعرون أنه تم التخلي عنهم وينتظرون في المقاهي”.

وهناك كثيرون غيره من الشبان لا يرون مستقبلا أفضل إلا خارج البلاد. بيد أن زينب رنان (17 عاما) التي تريد الحصول على شهادة الباكالوريا بتميز تقول “أنا أؤمن بالتعليم للخروج من الوضع، سواء هنا أو في أي مكان آخر”، لكنها تضيف “بيد أني أريد الذهاب إلى مكان آخر للحصول على الاحترام والكرامة اللذين لا أحصل عليهما هنا”.

7