موالون للأسد في لبنان: لا قمة عربية في بيروت دون دمشق

بيروت – ظهرت في الأيام الأخيرة ملامح أزمة جديدة تطلّ برأسها في لبنان، بسبب انقسام داخلي بشأن دعوة النظام السوري إلى حضور القمة الاقتصادية العربية المقرّرة في وقت لاحق هذا الشهر في العاصمة بيروت.
وتصرّ القوى الموالية لنظام الرئيس بشار الأسد وفي مقدمتها حزب الله على ضرورة مشاركة دمشق في هذه القمة، فيما ترى قوى معارضة له، بأن لبنان لا يملك زمام المبادرة في هذه المسالة حيث أن القرار لا بد أن يصدر عن مجلس الجامعة العربية، باعتباره المخوّل الوحيد للنظر في مسألة الدعوات.
ويراهن لبنان على القمة المقرر إجراؤها في 20 يناير الجاري لاستعادة زخم علاقته مع محيطه العربي التي تضررت كثيرا في السنوات الأخيرة بفعل السياسات الخارجية اللبنانية التي يقودها الوزير جبران باسيل فضلا عن تورط حزب الله في أجندة إيرانية معادية للدول العربية.
ويأمل لبنان الذي يعاني أزمة اقتصادية في ظل شلل حكومي جاوز شهره السابع في إبرام اتفاقيات مع دول عربية في القمة، بيد أن الانقسام حول مشاركة سوريا قد يهدد بنسفها.
ويذهب موالو دمشق من القوى اللبنانية حدّ تشكيل لوبي ضغط لتأجيل القمة، وفسح المجال أمام إمكانية التوصل إلى توافق عربي بخصوص مشاركة الحكومة السورية في القمة.
ودعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الأربعاء إلى تأجيل القمة الاقتصادية، مرجعا ذلك إلى فشل البلاد في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة.
ونقل نواب من كتلة بري النيابية عنه بعد اجتماع “في غياب وجود حكومة، ولأن لبنان يجب أن يكون علامة جمع وليس علامة طرح، ولكي لا تكون هذه القمة هزيلة، نرى وجوب تأجيلها”.
ويواجه لبنان منذ مايو الماضي عجزا في التوصل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، حيث أنه ما إن يتم حل عقدة حتى تطرأ عقدة جديدة آخرها إصرار حزب الله على تمثيل النواب السنّة الموالين له في الحكومة العتيدة.
وقد ظهرت قبيل أعياد الميلاد بوادر انفراجة حينما تقدّم رئيس الجمهورية ميشال عون بمبادرة سوّق لها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم تقوم على إعطاء ممثل عن النواب السنّة الستة حقيبة من حصته، بيد أنه سرعان ما انتكست جهود اللواء على وقع خلاف بين التيار الوطني الحر وحزب الله على تموضع الوزير الموعود.
ويرى كثيرون أن حزب الله يتذرع بعقدة تمثيل النواب الموالين له لعرقلة تأليف الحكومة لغايات إقليمية، جزء منها مرتبط بمقايضة القوى السياسية بملف عودة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق.
وأكد النائب عن القوات اللبنانية وهبة قاطيشا الأربعاء “حزب الله هو من يعرقل تشكيل الحكومة ويستحدث العُقد. ومن المعروف أن هذا الحزب مرتبط بمشاريع إقليمية ترفض الإفراج عن تشكيل الحكومة وتكلف حزب الله بتعطيل تشكيلها، ليكن الله بعون الرئيس المكلف سعد الحريري وهو يتبع الصمت وهذا أمضى سلاح لأن السبب معروف”.
وتحاول رئاسة الجمهورية مقاربة ملف القمة بروية لإنجاحها، وقد كلّفت وزير الخارجية جبران باسيل بمحاولة جس نبض الدول العربية بخصوص دعوة سوريا بصفة مراقب، وفي الآن ذاته ترى بضرورة انعقادها في موعدها لأن الأهم إعلاء مصلحة لبنان.
وقال النائب السني الموالي لدمشق عبدالرحيم مراد الأربعاء “سواء نجحت مبادرة باسيل أم لا بطلب وقف تجميد عضوية سوريا يجب ألاّ يعقد لبنان قمة في غياب سوريا وإن فعل فهي خطيئة كبيرة”.
وكان الرئيس اللبناني أكد، الاثنين الماضي، أن القمة العربية الاقتصادية التي ستستضيفها بيروت ستعقد في موعدها، بصرف النظر عن مسألة تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان.

وقال عون، خلال استقباله وفد رئاسي تونسي سلّمه دعوة إلى حضور القمة العربية العادية التي ستعقد في تونس في مارس المقبل، إن “القمة العربية الاقتصادية ستنعقد في موعدها”، مشيرا إلى أن “كون الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال ليس سببا لتأجيلها، فالحكم استمرارية والحكومة الحالية تمارس صلاحياتها وفقا للدستور”.
وعلّقت الجامعة العربية عضوية سوريا منذ سبع سنوات بعد الحملة التي شنّتها الحكومة على الاحتجاجات ضد حكم الرئيس بشار الأسد.
ورغم تسجيل خطوات عربية نحو إعادة التواصل مع دمشق، في الأشهر الأخيرة ترجمت في فتح الإمارات العربية المتحدة لسفارتها في العاصمة السورية، وقبلها زيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى سوريا ولقائه بالأسد، بيد أن هذا الانفتاح يبقى خجولا وهناك قناعة بأنه ما يزال مبكرا إعادة سوريا إلى مؤسسات الجامعة العربية.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري الثلاثاء إنّ دمشق يجب أن تتخذ عدة خطوات قبل أن تتمكن من العودة إلى الجامعة بما في ذلك إحراز تقدم سياسي في محادثات السلام حول سوريا برعاية الأمم المتحدة.
وأضاف “عندما يتم ذلك نستطيع الحديث عن هذا الأمر، ولكن في هذه الأثناء ليس هناك جديد يؤهل”.