هواوي استخدمت شركات واجهة في إيران وسوريا

تؤكد وثائق حصلت عليها وكالة رويترز ما قاله ممثلو ادعاء كنديون، أمام المحكمة في فانكوفر خلال جلسة محاكمة، أن كبيرة المسؤولين الماليين السابقة في شركة هواوي مينغ وان تشو، كذبت بشأن العلاقات بين شركة هواوي وشركة تبيع معدات الاتصالات لإيران، في انتهاك للعقوبات الأميركية على البلاد. وحسب تقرير للوكالة، تشير الوثائق إلى أن مينغ وان تشو خدعت بنوكا دولية في ما يتعلق بمعاملات مالية مع شركتين بزعم أنهما مستقلتان عن الشركة الصينية.
لندن – ستيف ستيكلو /باباك دهقان/ بيشه /جيمس بومفريت - تتركز الاتهامات الأميركية الموجهة إلى المديرة المالية لشركة هواوي مينغ وان تشو، التي ألقت السلطات الكندية القبض عليها الشهر الماضي على صلات يشتبه أنها تربط الشركة بشركتين غير معروفتين.
تتخصص الشركة الأولى في بيع معدات الاتصالات وتعمل في طهران والثانية هي الشركة المالكة لها وهي شركة قابضة مسجلة في موريشيوس.
وتصر هواوي على أن الشركتين مستقلتان، وهما شركة سكايكوم تك المحدودة لبيع معدات الاتصالات وشركة كانيكولا القابضة المحدودة، غير أن مستندات رسمية موجّهة من الشركة لسلطات الأوراق المالية ومستندات أخرى توصلت إليها وكالة رويترز في إيران وسوريا تبيّن أن الصلات بين هواوي، أكبر شركة موردة لمعدات شبكات الاتصالات في العالم، والشركتين أوثق مما كان معروفا من قبل.
وتكشف الوثائق أن مسؤولا تنفيذيا كبيرا في هواوي قام بتعيين مدير شركة سكايكوم في إيران. وتوضح أن ثلاثة أفراد على الأقل بأسماء صينية كان لهم حق التوقيع فيما يتعلق بالحسابات المصرفية لشركتي هواوي وسكايكوم في إيران.
وقالت رويترز إنها اكتشفت أيضا أن محاميا من الشرق الأوسط قال إن هواوي أدارت عمليات في سوريا من خلال شركة كانيكولا. وربما تكون للصلات التي لم يسبق نشر أيّ شيء عنها بين هواوي وهاتين الشركتين أثر في الاتهامات الأميركية الموجهة لمينغ ابنة مؤسس شركة هواوي رين تشينغ في، وذلك من خلال تقويض مزاعم هواوي بأن سكايكوم مجرد شريكة أعمال تعمل بشكل مستقل.
وتؤكد السلطات الأميركية أن هواوي احتفظت بالسيطرة على سكايكوم واستخدمتها في بيع معدات اتصالات إلى إيران وتحويل الأموال من خلال النظام المصرفي العالمي. وتقول السلطات إن البنوك قامت نتيجة لهذا الخداع بتسوية معاملات بمئات الملايين من الدولارات غير مدركة أنها ربما تنطوي على مخالفة للعقوبات التي كانت واشنطن تفرضها في ذلك الوقت على التعاملات مع إيران.
البنوك قامت نتيجة لخداع مينع وان تشو بتسوية معاملات بمئات ملايين الدولارات غير مدركة أنها ربما تنطوي على مخالفة للعقوبات التي كانت واشنطن تفرضها على إيران
وأخلت السلطات الكندية سبيل مينغ في 11 ديسمبر بكفالة قدرها عشرة ملايين دولار كندي (7.5 مليون دولار أميركي) وهي لا تزال في فانكوفر ريثما تحاول واشنطن تسلمها.
وفي حالة تسليمها للولايات المتحدة فستوجه إليها اتهامات بالتآمر للاحتيال على مؤسسات مالية متعددة. وتصل العقوبة القصوى عن كل تهمة إلى السجن 30 عاما. ولم تُعلن الاتهامات على وجه الدقة.
وتقول السلطات الأميركية إن المديرة المالية مينغ وان تشو احتالت على بنوك دولية وجعلتها تسوي معاملات مع إيران زاعمة أن الشركتين مستقلتان عن هواوي رغم أن الشركة الصينية تسيطر عليهما في حقيقة الأمر.
وفي الشهر الماضي قالت هواوي إنها لم تتلق معلومات تذكر عن الاتهامات الأميركية “ولا علم لها بأي خطأ ارتكبته مينغ”. ووصفت هواوي علاقتها بشركة سكايكوم بأنها “شراكة أعمال عادية”. وقالت إنها تلتزم التزاما كاملا بكل القوانين واللوائح وتشترط أن تلتزم بها سكايكوم أيضا.
وأثار القبض على مينغ بناء على أمر أميركي باحتجازها ضجة في الصين. إذ يأتي في وقت يشهد توترات متصاعدة على الصعيدين التجاري والعسكري بين واشنطن وبكين ووسط مخاوف من جانب المخابرات الأميركية من أن معدات الاتصالات التي تنتجها هواوي تحتوي على “أبواب خلفية” للتجسس لحساب الصين.
عرض لإيران
تضمن ملف الدعوى الأميركية بحق مينغ تقارير نشرتها وكالة رويترز في 2012 و2013 عن هواوي وسكايكوم ومينغ نفسها. وجاء في أحد هذه التقارير أن سكايكوم عرضت بيع معدات كمبيوتر محظورة من هيوليت باكارد لا تقل قيمتها عن 1.3 مليون يورو إلى أكبر شركة لاتصالات الهواتف المحمولة في إيران في 2010. وكان ما لا يقل عن 13 صفحة من العرض موسومة بعبارة “سري لهواوي” وتحمل شعار الشركة. وقالت هواوي إن الأمر انتهى إلى أنها لم تقدم هي أو سكايكوم المعدات الأميركية. كما أشارت رويترز إلى صلات عديدة تربط هواوي بسكايكوم من خلال معاملات مالية وأفراد من العاملين بالشركتين من بينها أن مينغ كانت عضوا في مجلس إدارة سكايكوم في الفترة من فبراير 2008 إلى أبريل 2009.
وأظهرت وثائق قضائية قدمتها السلطات الكندية بناء على طلب من الولايات المتحدة في الجلسة التي نظرت فيها المحكمة طلب الإفراج عن مينغ بكفالة في فانكوفر الشهر الماضي أن عدة بنوك استفسرت من هواوي عن تقارير رويترز.
وتبين الوثائق أن السلطات الأميركية تدعي أن مينغ وموظفين آخرين في هواوي “كذبوا مرارا” في ردودهم على البنوك التي لم يُذكر اسم أي منها عن علاقة الشركة بسكايكوم ولم يكشفوا أن “سكايكوم تخضع بالكامل لسيطرة هواوي”.
وتشير السلطات الأميركية أيضا إلى أن مينغ قالت في لقاء خاص مع مدير تنفيذي بأحد البنوك في أغسطس 2013 أو نحو ذلك إن هواوي باعت أسهمها في سكايكوم لكنها لم تكشف أن المشتري كان “شركة تسيطر عليها هواوي”.
وتقول الوثائق القضائية إن هواوي أبلغت ذلك البنك أن الشركة الصينية باعت أسهمها في سكايكوم في 2009، وهو العام الذي تنحت فيه مينغ عن عضوية مجلس إدارة سكايكوم.
لم يُكشف عن هوية المشتري في الوثائق، غير أن مستندات سكايكوم المقدمة للسلطات في هونغ كونغ حيث جرى تسجيل الشركة تبين أن ملكية أسهمها نُقلت في نوفمبر 2007 إلى شركة كانيكولا. وتوضح سجلات سكايكوم أن كانيكولا المسجلة في موريشيوس في 2006 ظلت تحتفظ بأسهم سكايكوم لنحو عشر سنوات.
وجاء في “ملخص الحقائق” الذي قدمته السلطات الأميركية في جلسة المحكمة الكندية للنظر في الإفراج بكفالة عن مينغ أن “الوثائق وسجلات البريد الإلكتروني تظهر أن أشخاصا وصفوا بأنهم ‘أعضاء مجلس إدارة منتدبون’ في سكايكوم كانوا موظفين في هواوي”. ولم يرد ذكر لاسم أي من هؤلاء الأفراد.
وتقول وثيقة من شركة سكايكوم قُدمت في إيران ودخلت السجلات الإيرانية في ديسمبر 2011 إن شي ياو هونغ انتخب مديرا لفرع سكايكوم في إيران لمدة عامين. ويعمل في هواوي مدير تنفيذي اسمه شي ياو هونغ.
ويظهر من خلال بياناته على موقع لينكد إن الإلكتروني أنه كان يعمل في هواوي “رئيسا لمنطقة الشرق الأوسط” في يونيو 2012. وقالت وكالة أنباء الإمارات في نوفمبر 2010 إنه المسؤول في هواوي عن تعاملات رئيسية مع شركة اتصالات التي تعد من شركات الاتصالات الكبرى في الشرق الأوسط وشريكا لهواوي. وذكرت وكالة رويترز أن الرئيس الحالي لوحدة البرمجيات التابعة لهواوي أغلق الهاتف عندما سألته عن علاقته بشركة سكايكوم.
وتتضمن وثائق عديدة قدمتها سكايكوم للسلطات في إيران أسماء من لهم حق التوقيع على حساباتها المصرفية في البلاد. وأغلب هذه الأسماء صينية.
وكان ثلاثة أفراد على الأقل لهم حق التوقيع على الحسابات المصرفية لشركتي سكايكوم وهواوي. وورد اسم أحد الأفراد في السجلات الإيرانية بشكلين مختلفين اختلافا طفيفا غير أن رقم جواز السفر الخاص بالاسمين كان واحدا.
وتقول السلطات الأميركية في الوثائق القضائية المقدمة في كندا إن موظفين في هواوي كانوا يوقعون على الحسابات المصرفية لشركة سكايكوم في الفترة من 2007 إلى 2013. وتبيّن سجلات في هونغ كونغ أنه جرت تصفية شركة سكايكوم اختياريا في يونيو 2017 وأن كانيكولا حصلت على 132 ألف دولار في إطار التسوية.
الحلقة السورية
حتى عامين مضيا كان لكانيكولا مكتب في سوريا التي تخضع أيضا لعقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وفي مايو 2014 نشر موقع الاقتصادي لأخبار المال والأعمال في الشرق الأوسط مقالا موجزا عن حل شركة تابعة لهواوي في سوريا متخصصة في معدات آلات الصراف الآلي.
وكتب المحامي أسامة قرواني، الذي وصف نفسه بأنه المصفي، رسالة طلب فيها تصحيحا موضحا أن المقال تسبب في “ضرر كبير” لشركة هواوي.
وقال في رسالته إن التقرير أشار إلى أن شركة هواوي للاتصالات نفسها قد تم حلها وليس شركة “هواوي لحلول الاتصالات المتكاملة المحدودة المسؤولية.. المتخصصة بآلات الصراف الآلي”. وقال المحامي “نوضح لكم بأن شركة هواوي لم يتم حلها مطلقا”.
وأضاف أن “شركة هواوي كانت ولا تزال تمارس عملها في سوريا من خلال عدة شركات وهي هواوي تكنولوجيز المحدودة المسؤولية وشركة كانيكولا هولدينجز ليمتد المسجلة بسجل الفروع والمكاتب والوكالات الأجنبية لدى مديرية التجارة الخارجية في سوريا”.
وشركة هواوي تكنولوجيز واحدة من الشركات الرئيسية العاملة في هواوي. وكغيره من المسؤولين الذين اتصلت بهم رويترز، لم يرد قرواني على الاستفسارات التي أرسلتها له الوكالة بالبريد الإلكتروني عن شركة كانيكولا.
وقال شخص مطّلع على التحقيق إن المحققين الأميركيين على علم بصلة كانيكولا بسوريا. وأضاف آخر أن كانيكولا كان لها مكتب في دمشق وتعمل في سوريا لحساب هواوي، مشيرا إلى أن من بين زبائن كانيكولا في سوريا ثلاث شركات كبرى للاتصالات.
إحدى هذه الشركات هي “أم.تي.أن سوريا” التي تسيطر عليها مجموعة أم.تي.أن المحدودة في جنوب أفريقيا ولها أنشطة في مجال الهاتف المحمول في كل من سوريا وإيران. ولشركة أم.تي.أن مشروع مشترك في إيران باسم أم.تي.أن إيرانسل وهو أيضا من زبائن هواوي.
وقال مصدر آخر مطلع إن أم.تي.أن قدمت لهواوي المشورة في ما يتعلق بهيكل العمل بمكتب سكايكوم في إيران. وقال ذلك المصدر “سكايكوم مجرد واجهة”.
وفي ديسمبر 2017 نشر المدير العام لفرع شركة كانيكولا المحدودة المسؤولية إعلانا في صحيفة سورية لكن لم يذكر اسمه في الإعلان. وجاء في الإعلان أن فرع كانيكولا “توقف عن العمل في الجمهورية العربية السورية نهائيا” قبل ذلك بشهرين. ولم يُذكر تفسير لذلك.