لأول مرة اختبار التنفس قد يكشف عن الإصابة بالسرطان

علماء يطورون فحص يمكنه الكشف عن الإصابة بالسرطان عبر تحليل جزيئات موجودة في الهواء.
الاثنين 2019/01/07
اختبار التنفس ثورة في تشخيص السرطان

يمثل الاكتشاف المبكر للإصابة بالسرطان عاملا مهما وأساسيا في إنجاح عملية الشفاء منه. لذلك يعمل الباحثون، في كل مرة، على ابتكار طرق فعّالة ودقيقة تساعدهم في رصد أولى علامات المرض. فبعد اختبارات الدم والبول والجلد والحمض النووي، هل ينجح اختبار التنفس في اقتفاء أثر هذا المرض الخبيث؟

لندن – كشف فريق من العلماء في بريطانيا عن طريقة جديدة تساعد على ملاحظة مؤشرات الإصابة بالسرطان. وأعلنت الصحيفة البريطانية ذي إندبندنت أن اختبار التنفس يمكنه الكشف عن المرض، عبر تحليل جزيئات موجودة في الهواء.

وتقول الصحيفة إن العلماء يعتقدون أن هذا الكشف البسيط قد ينقذ أرواح الآلاف سنويا عبر التشخيص المبكر لمرض السرطان ويوفر ملايين الجنيهات الإسترلينية التي تصرف في مجال الرعاية الصحية.

وترى الصحيفة أن هذه الطريقة البسيطة وغير المكلفة لفحص التنفس قد تشكل ثورة في مجال تشخيص مرض السرطان.

ويعتمد الفحص على جهاز يأخذ عينة من هواء الزفير لتحديد علامات تدل على السرطان في الجزيئات التي تخرج من رئة المريض مع الهواء. وسيبدأ تطبيق تجريبي لهذا لفحص في مستشفى أدينبروك في كمبريدج، ويشارك في الاختبار التجريبي 1500 شخص، بينهم أشخاص أصحاء فضلا عن مصابين بالسرطان.

المشاركون في الاختبار يكونون، بشكل أولي، من مرضى سرطان المريء وسرطان المعدة. ويوسع الاختبار لاحقا ليشمل مصابين بسرطانات البروستاتا والكلية والمثانة والكبد والبنكرياس.

وتنقل الصحيفة عن البروفسورة، ربيكا فيتزجيرالد، من مركز بحوث السرطان في كمبريدج والتي تقود فريق البحث قولها “نحتاج إلى أن نطور بشكل عاجل أدوات جديدة، مثل اختبار التنفس هذا، الذي قد يساعد في تحديد وتشخيص السرطان بشكل مبكر، مانحا المرضى أفضل فرصة للنجاة من المرض”.

وسيطلب من المختبرين التنفس لمدة عشر دقائق في جهاز خاص لقياس التنفس. ويجمع الجهاز ما يسمى بجزيئات المركبات العضوية المتطايرة (فوكس)، التي ترسل إلى مختبر في كمبريدج لتحليلها.

وتنتج خلايا الجسم مثل هذه المركبات العضوية المتطايرة في سياق عملية الأيض أو التفاعلات الكيميائية التي تحدث في الخلايا وتديم حياة الكائن، وهذه الجزيئات تجد طريقها إلى الرئة وتطرح مع الزفير في عملية التنفس.

ويقوم الفحص على فكرة أن السرطان يمكن أن يتسبب في تغييرات يمكن رصدها في عينة هذه المركبات العضوية المتطايرة، ويُستدل عبر مثل هذه التغييرات على الإصابة بالسرطان.

وإذا تأكدت فعالية هذه الوسيلة، فمن المرجح أن يعمم اختبار التنفس على عيادات طبية في بريطانيا ليستعين بها الأطباء في توجيه المرضى لإجراء فحوصات واختبارات إضافية.

الفحص يقوم على فكرة أن السرطان يمكن أن يتسبب في تغييرات يمكن رصدها في عينة المركبات العضوية المتطايرة

وسيضاف هذا الاختبار، حسب الباحثين، إلى الاختبارات المعمول بها حاليا للكشف المبكر عن الإصابة بالسرطان، مثل اختبارات الدم والبول. لكن نتيجة هذه التجارب لن تعرف إلا بعد عامين.

وأوردت هيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي، تقريرا أفاد باستحسان مسؤولين في القطاع الطبي البريطاني لهذه التجارب، وتنبيههم إلى أن الاختبار لن يكون متاحا في جميع العيادات قريبا.

وتعد هذه التجربة الأولى، وعليه لن نتأكد من فعاليتها إلا بعد مرور سنوات. لكن التقنية التي يعتمد عليها الاختبار ليست جديدة، فكثير من العلماء يبحثون منذ سنوات في إمكانية الكشف عن بعض أنواع السرطان من خلال التنفس.

وأوضح التقرير أن هناك مؤشرات جادة على أن اختبار التنفس قد يكشف عن بعض أعراض السرطان، ولكن لم يتأكد العلماء من دقة ذلك. وأشار إلى ضرورة أن تكون اختبارات التنفس دقيقة حتى نتجنب التشخيص الخاطئ.

ويعني هذا أن الطريق لا يزال طويلا، ولابد من إجراء اختبارات على عدد أكبر من العينات، قبل أن يتاح الاختبار في العيادات الطبية.

ومن بين المشاركين في التجربة، ريبيكا كلودريك التي تبلع 54 عاما، وهي تعاني من تشوّه في المريء قد يؤدي إلى السرطان.

ونقلا عن بي.بي.سي، تقول “أنا سعيدة بالمشاركة في هذه التجربة. أريد أن أساعد قدر الإمكان في تقدم البحث العلمي. وأعتقد أنه كلما كثرت الأبحاث أمكنت السيطرة على الحالات مثل التي أعاني منها”.

ويقول الدكتور، ديفيد كوسبي، مسؤول وحدة التشخيص المبكر في الجمعية، إنه بإمكان هذه الطريقة أن تحدث “ثورة في تشخيص السرطان مستقبلا”.

يذكر أن علماء الفيزياء في جامعة دورتموند الألمانية قاموا، في السابق، باختراع جهاز للتعرف المبكر على أمراض السرطان والالتهابات التي قد تصيب الرئة. ويعتمد الجهاز طريقة جديدة لإجراء التحاليل تتلخص في قياس حركة الشحنة الكهربية في الزفير. تحمل الغازات المنبعثة مع هواء الزفير مؤشرات كثيرة، فعادة ما يقوم رجال الشرطة في ألمانيا مثلاً عندما ينتابهم الشك في تصرفات السائقين، بمطالبتهم بالنفخ في أنبوب معين، لمعرفة ما إذا كانوا قد تناولوا الكحول أم لا، ويحصلون على النتيجة بعد لحظات قليلة. وقد استنتج فريق من العلماء الألمان بأن هواء الزفير قد يحمل أيضاً مؤشرات أخرى، وهذا ما حدا بعلماء الفيزياء في جامعة دورتموند، في غرب ألمانيا، إلى تطوير جهاز يقوم بتحليل الهواء الخارج من الرئة للاستدلال على أمراض مختلفة كأمراض سرطان الرئة والالتهابات التي قد تصيب الجهاز التنفسي.

تقول منظمة الصحة العالمية إن السرطان يحصد سنوياً أرواح 8.8 مليون شخص ومعظمهم من بلدان منخفضة الدخل وأخرى متوسطة الدخل. وتُشخص العديد من حالات السرطان في وقت متأخر جداً، وحتى في البلدان التي تمتلك نظماً وخدمات صحية مثلى، فإن الكثير من تلك الحالات لا يُشخص إلا في مرحلة متقدمة يصعب فيها تكليل علاجه بالنجاح.

ويقول الدكتور إتيين كروغ، مدير إدارة التدبير العلاجي للأمراض غير السارية والوقاية من العجز والعنف والإصابات، إن “تشخيص السرطان في مراحل متأخرة والعجز عن توفير علاج منه يحكمان على مصير العديد من الناس بالموت المبكر”.

17