ضغوط للإسراع في تنفيذ مشروع أكبر مطار مدني في تونس

تمارس الأوساط الاقتصادية التونسية ضغوطا على الحكومة للإسراع في تنفيذ مشروع أكبر مطار مدني في البلاد، والذي يتوقع أن يتم تشييده في ولاية بنزرت وفق أعلى المعايير الدولية، بعد أن ابتعد مطار قرطاج الدولي عن المنافسة في ظل تفاقم المشاكل، التي يعاني منها.
بنزرت (تونس) - يؤكد خبراء النقل الجوي أن مشروع بناء مطار جديد في ولاية بنزرت، الذي سيكون الأكبر بالبلاد، لن يشكل عبئا ثقيلا على خزينة الدولة لوجود عدد كبير من الجهات الممولة، التي تنتظر القرار السياسي لضخ الأموال.
وصادقت الحكومة قبل أشهر على المشروع ليكون بديلا عن مطار قرطاج الدولي، والذي وصفه خبير النقل الجوي حبيب بن سلامة في إحدى المرات بأنه لا يعدو أن يكون موقفا لسيارات الأجرة قياسا بما تتمتع به مطارات العالم المتطورة.
وتظهر البيانات أن مطار قرطاج بلغ طاقته القصوى في استقبال المسافرين بنحو 5 ملايين زائر سنويا، وبات لا يعكس صورة دولة تسعى إلى استعادة ثقة السياح وتحقيق نسب توافد قياسية كانت تحققها قبل الأزمة في 2011.
وتهدف تونس من المشروع إلى جذب المزيد من الزوار خاصة وأن مطارات البلاد السبعة دون احتساب مطار قرطاج تتأهب لاستقبال شركات الطيران الأوروبية منخفضة التكلفة، ما سيشعل المنافسة بين شركات الطيران المحلية ويزيد في عدد زوار البلاد.
وشكل منتدى “أوتيك التحدي الاقتصادي الأهم للشمال التونسي”، الذي احتضنته بنزرت الشهر الماضي فرصة لحث الحكومة للإسراع في تنفيذ المشروع الضخم، الذي سيفتح آفاقا أوسع لمعظم القطاعات الاقتصادية.
ويعتقد المسؤولون في جمعية بنزرت 2050، التي نظمت المنتدى، أن الفرصة باتت سانحة اليوم لتحويل بنزرت إلى مركز تجاري ضخم يجمع القطاعات، التي ستدور في فلك المطار الجديد.
وقال برهان الذوادي رئيس الجمعية خلال المنتدى إن “الدولة قررت بناء المطار وهو ما يعني مصانع وأنشطة تجارية، وهذا ما جعلنا نرجع لأنفسنا لنرى كيف يمكن أن نستقبل هذا المشروع وتحقيق أعلى درجات الاستفادة منه”.
850 مليون دولار تكلفة مشروع المطار الجديد في ولاية بنزرت، الذي صادقت عليه الحكومة قبل أشهر
وتستند الجمعية، التي تعمل على مشروع تحويل المطار من مجرد مقترح إلى أمر واقع على حزمة من المؤشرات أهمها أن مطار قرطاج سيستقبل في غضون عقد من الزمن نحو 13 مليون مسافر، ما يتجاوز طاقة استيعابه ويجعله خارج المنافسة بعد 2030.
وتشير دراسة المشروع التي اطلعت عليها “العرب” إلى أن منطقة المبطوح التابعة لمدينة أوتيك في بنزرت تعد المكان الأنسب للمطار الجديد من موقع الحسيان التابع لمنطقة قلعة الأندلس، وهو مقترح لوزارة التجهيز منذ العام الماضي.
وتبلغ مساحة المطار قرابة 900 هكتار وهو ما سيضفي حركية اقتصادية وسياحية وصناعية على كامل ولايات الشمال، التي تطمح إلى أن يتغير شكلها مع المشروع.
ويعتقد المختصون أن المشروع سيكون بمثابة مركز اقتصادي وصناعي شامل لا سيما مع بناء ميناء بحري جديد ومد شبكة السكة الحديدية بين الولايات، إضافة إلى تعزيز البنية التحتية للطرقات.
كما أن المنطقة الصناعية في الجهة ستكون المكان الأمثل للمستثمرين التونسيين والأجانب، والتي يتوقع أن توفر الآلاف من فرص العمل الجديدة. وتقدر الحكومة تكاليف بناء المطار الجديد بحوالي 850 مليون دولار، ويعتقد الذوادي أن المبلغ المخصص يكفي لإنجاز المشروع بمعايير دولية.
ويأتي قرار إنشاء المطار بينما تستعد السلطات لتوسيع مطار تونس قرطاج بتكلفة تبلغ 70 مليون دولار، في إطار خطة تهدف إلى إدخاله بعد 5 سنوات تحت مظلة اتفاقية السموات المفتوحة، التي وقعتها تونس مطلع العام مع الاتحاد الأوروبي.
وكان وزير النقل السابق رضوان عيارة قد أكد في وقت سابق هذا العام أن مشروع المطار الجديد لن يدفع السلطات للتخلي عن مطار قرطاج. وقال حينها إن “تونس ستبني مطارا جديدا بمواصفات عالمية في بنزرت، في إطار سعيها لاجتذاب المزيد من المسافرين”.
ويرى خبراء أن المطار يجب أن يكون مجهزا بتكنولوجيا متطورة وفق المعايير الدولية الحديثة حتى يستطيع استقبال طائرات من نوع أيرباص 380، مثلا، مقارنة بمطار قرطاج.
ورغم أن تونس بنت مطارا في مدينة النفيضة البعيدة عن العاصمة جنوبا بنحو 90 كلم وتم تدشينه في أبريل 2010، والذي يتوقع أن يستقبل قرابة 30 مليون مسافر سنويا بحلول عام 2040، لكنه لم يخفف الضغط عن مطار قرطاج.
وتقول البرلمانية لمياء الدريدي إن المشروع يندرج ضمن الرؤية الاستراتيجية للدولة، إذا ﻻ ينطوي ضمن دائرة تحقيق العوائد الاقتصادية فقط، بل يصل للاقتصاد الاجتماعي والثقافي نظرا لما تزخر به المنطقة من مقومات تنموية.
وترى كوثر عباسي رئيسة الجمعية التونسية للتنمية المستدامة ببنزرت أنّ المشروع سيحد من معدلات البطالة، وسيمكّن من النهوض باقتصاد البلاد، بما يقضي على مركزية المشاريع واقتصارها على العاصمة أو في المدن الساحلية.
وكانت وزيرة السياحة السابقة سلمى اللومي قد كشفت عن المشروع للمرة الأولى في فبراير 2017، ومنذ ذلك الحين لم يعلن عن تفاصيل حوله حتى الآن.