مهرجان الظفرة عنوان تراث شعبي إماراتي لا يتلاشى

مهرجان الظفرة يحظي بإقبال مكثّف وملفت للانتباه من قبل الزوار والمشاركين من داخل الإمارات ومن خارجها، حيث تم تخصيص أكثر من 800 جائزة للمسابقات التراثية والمزاينات هذا العام.
الأربعاء 2019/01/02
للإبل مكانة متميزة في تاريخ الحضارة العربية القديمة

شهد مهرجان الظفرة في دورته الأخيرة مسابقات تراثية متميزة تسرد تاريخ الإمارات، حيث استمرت لليوم الأخير المزاينات والمسابقات التي تحصد إعجاب آلاف الزوار، نظرا إلى ما تمثله الإبل والتمور من مكانة متميزة في تاريخ الحضارة العربية القديمة. كما شهد المهرجان استعراض لوحات من الماضي تكرس القيم الإماراتية النبيلة من خلال الصور المتنوعة داخل أروقة السوق الشعبية التي تمثل نقلا حيا لحياة عاشها الأجداد ببساطة.

أبوظبي - اختتمت، مساء أمس، فعاليات الدورة الـ12 من “مهرجان الظفرة”، بعد أن استقبل العام الجديد بالفرح والبهجة في بوابة صحراء الربع الخالي، وبعد أن شهد فعاليات ومسابقات تراثية متميزة، تسرد تاريخ الإمارات من خلال رصده لأدق مظاهر الحياة في البلاد، حيث استمرت لليوم الأخير المزاينات التي تحصد إعجاب آلاف الزوار من إماراتيين وخليجيين وعرب وأجانب، ليظل التراث الإماراتي محفوظا في عيون وقلوب أبنائه ومحبيه.

وقال رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي فارس خلف المزروعي، إن مهرجان الظفرة  سيظل فخرا للإماراتيين، وعنوانا للأصالة واستشرافا لمستقبل باهر، يكون للماضي الجميل أكبر الأثر في عمليتي البناء والتطوير.

وأشار إلى أن المهرجان حظي بإقبال مكثّف وملفت للانتباه من قبل الزوار والمشاركين من داخل الدولة ومن خارجها، وأن ذلك يؤكد الشعور بالمسؤولية الوطنية تجاه تراث الإمارات الحضاري، وما قدمه للعالم من إرث فكري وإبداعي.

وسيظل التراث شاهدا على مراحل مهمة من تاريخ الإمارات، كما أكد نائب رئيس اللجنة عيسى سيف المزروعي الذي قال “تقع على عاتقنا جميعا مسؤولية الحفاظ على التراث، ومنحه الاهتمام والرعاية الكاملة، كونه يمثل جزءا مهما من تاريخ دولتنا الحبيبة، فهو الجسر الذي يربط الأجيال الحالية والقادمة بتاريخها وثقافتها، وهو الركيزة التي انطلقت منها قيادتنا وشعبنا نحو مستقبل مشرق وحياة أفضل”.

العائلة الإماراتية تواكب المهرجان
العائلة الإماراتية تواكب المهرجان

جوائز وحوافز

أفاد عيسى المزروعي بأن الفعاليات والمسابقات التراثية الرئيسية هي ذات صلة وثيقة بماضي الأجداد الجميل، حيث عكست روح البداوة الأصيلة، وساهمت في تعزيز مشاعر الفخر بالوطن حاضره وماضيه.

وأشار إلى أنه تم تخصيص أكثر من 800 جائزة للمسابقات التراثية والمزاينات هذا العام، حيث توزعت على المسابقات مثل مزاينة الإبل، والمحالب، ومسابقة الصقور، ومزاينة الصقور، والرماية، وسباق الخيل العربي الأصيل، ومزاينة وسباق السلوقي العربي التراثي، ومزاينة غنم النعيم، ومزاينة التمور وأفضل أساليب تغليفها، ومسابقة الفنون الشعبية التي تضمنت الشعر والشيلات، ومسابقات الحرفيات من أزياء وطبخ وحرف يدوية، بالإضافة إلى المسابقات اليومية التي أقيمت في قرية الطفل.

وحظي المهرجان بمشاركات خليجية ومحلية واسعة في مزاينة الإبل، خصصت لها جوائز نقدية بقيمة إجمالية بلغت أكثر من 38 مليون درهم، موزعة على 590 جائزة. وتوجت اللجنة المنظمة للمهرجان الفائزين بالمراكز الأولى ضمن مزاينة الإبل، وعمت الفرحة كل المشاركين، حيث تعتبر المسيرات الاحتفالية من أبرز علامات الفرح والسرور التي يقدمها مالك الناقة أو الجمل حينما تظفر مطيته بإحدى الجوائز الأولى في أشواط المزاينة، وتكون الفرحة أكبر حينما يظفر بالجائزة الأولى في النهاية. ويحتفل الجميع بروح رياضية، حيث يعانق ملاك الإبل بعضهم البعض على هذا الفوز، ويتسابقون لمصافحة الفائز في عزبته وتقديم المباركة له.

وحضر المئات من السياح والأجانب الذين استمتعوا بمزاينة الإبل التي أقيمت ضمن فعاليات مهرجان الظفرة، بفئتيها الأصايل والمجاهيم، والتي حققت نجاحا باهرا منذ انطلاقتها، وصولا إلى الدورة الثانية عشرة من المهرجان.

وأكدت السائحة جيكا ماكو، من اليابان، أنها انتهزت فرصة وجودها في الإمارات ضمن فوج سياحي، وقررت أن تشاهد مزاينة الإبل التي سمعت عنها من الصحف ووسائل الإعلام اليابانية، خاصة مزاينة المحليات التي تثير الإعجاب بجمالها وروعتها وكبريائها داخل الشبك.

وعبرت صديقتها شاتي ستروفرز عن سعادتها بهذا التجمع للإبل وملاكها وعشاقها الذين يتواصلون معها بحب وود واحترام. وتؤكد شاتي أن صيحات الجمهور داخل المنصة -وهم يخاطبون إبلهم التي ترفع بدورها رأسها- دليل على الألفة والتفاهم بين الناقة والإنسان.

فيما تعتبر ماري كوتو -وهي أيضا سائحة من اليابان- أن هذه المزاينة تستحق أن يشاهدها الجميع، كونها تجمع الإبل والإنسان في أجواء تعكس مدى الترابط بينهما، قلما تتوفر في فعاليات وأحداث أخرى.

من جهته، أوضح السائح جون جاستيف أنه سمع كثيرا عن جهود الإمارات في الحفاظ على التراث، ولكن اهتمام الأهالي فاق كل توقعاته، وأكد سعادته بحضوره هذه المسابقة الجديدة بالنسبة له، والتي لم يشاهدها من قبل.

للتمر عشاق يتنافسون عليه
للتمر عشاق يتنافسون عليه

وأعلنت اللجنة المنظمة نتائج مسابقة “تغليف التمور”، والتي شارك فيها عدد كبير من المهتمين بالنخلة والتمور، حيث حرص أغلب المشاركين على تقديم نماذج ابتكارية وإبداعية.

وأوضح عبيد خلفان المزروعي أن مسابقة تغليف التمور شهدت منافسة قوية بين المتسابقين، وإقبالا واضحا من المهتمين بتغليف التمور، وهو ما يعكس الذوق الرفيع لمحبي التمور والتراث والأصالة.

وأضاف المزروعي أن من ضمن المعايير الخاصة بالعبوة ومواد التغليف، أن تكون معبأة بطريقة صحية ومحكمة الإغلاق لتحافظ على سلامة المنتج، وذات طابع جذاب، ولا تحتوي على أكثر من صنف، وألا تزيد سعة العبوة على كيلوغرامين، ومصنعة من مواد لا تضر بصحة الإنسان وليس لها تأثير سلبي على البيئة، ولا تكون للمواد المستخدمة في اللصق والتغليف أية آثار سلبية على صحة الإنسان والبيئة.

 وجذبت المشغولات اليدوية والأعمال التراثية في المهرجان الزوار لزيارة السوق الشعبية واقتناء المشغولات اليدوية كتذكار لهم عند زيارتهم للمهرجان، وتشكل الأفواج السياحية والوفود الأجنبية الشريحة الأكبر من المشترين لتلك المنتوجات  نظرا إلى دقة صنعها وما تتسم به من إبداع وتميز.

وتؤكد ليليان فوكسي من كندا، أنها سعيدة بزيارة المهرجان، وأن هذه هي المرة الثانية التي تحضر فيها لزيارة المهرجان حيث سبق لها العام قبل الماضي أن زارته بصحبة أصدقاء لها، وأصرت على زيارة المهرجان في العام الحالي للاستمتاع بما يقدمه من برامج وأنشطة، وتقول إنها احتفظت لنفسها بتذكار من السوق الشعبية في زيارتها السابقة، وقامت  بشراء تذكار في هذه الزيارة بجانب هدايا أخرى لأصدقائها.

وتعددت الحرف والصناعات اليدوية وتنوعت في المهرجان منها التلي والمعقصة والخوص والسدو. والتلي من الحرف المنتشرة في الإمارات كانت تمارسها النساء، وتسمّى هذه الحرفة “تلّي بوادل” أو “تلّي بتول”، نسبة إلى كلمة التلّي وهو شريط مزركش بخيوط ملونة بالأبيض والأحمر، وخيوط فضيّة متداخلة.

وأكدت أم عبدالله، التي تعرض منتجاتها في أحد محال السوق الشعبية، أنها تشارك في المهرجان من بداية انطلاقته حتى اليوم، مضيفة أن المهرجان تطور بشكل كبير عن الأعوام السابقة.وأشارت إلى أنها تشارك بمنتجات سعف الخوص من فراش الطعام “السرود” وحافظات التمور بأحجامها المتعددة وأخرى لحفظ الحلوى. وأكدت ميرة المنصوري أن للمشاركة في المهرجان فوائد متعددة، إذ تتعرف في كل دورة على زبائن جدد يقصدون محلها، بالإضافة إلى الالتقاء بالسيدات من الأسر المنتجة التي اعتادت لقاءهن في دورات المهرجان للتعرف على جديدهن، مشدّدة على أن كل واحدة منهن تستفيد من آراء وأفكار الأخريات بالشكل الذي يساهم في تطوير مشروعها ومنتجاتها.

اهتمام مميز بتقاليد الطهي الإماراتية
اهتمام مميز بتقاليد الطهي الإماراتية

أياد ناعمة للطهي التقليدي

تنافست في المهرجان مجموعة من الإماراتيات للفوز في مسابقة الأكلات الشعبية التي تهدف إلى التعريف بالموروث الشعبي، وتقاليد الطهي الإماراتية، وحفظها في الحياة اليومية للأجيال المقبلة، كما يسعى المهرجان إلى الارتقاء باسم الإمارات وجعلها مركزاً عالمياً في خدمات الضيافة، وتشجيع زواره من مختلف الجنسيات على الاهتمام بالمطبخ الإماراتي ودعم مكانته. وأعدت السيدات طبق المجبوس باللحم المجفف، مستخدمات لحم الجمل، والأرز، والبصل، والبهارات المشكلة، والملح، واللومي المجفف، حيث قدمنه للجنة التحكيم وزوار المهرجان الذين تجمعوا لمشاهدة كيفية إعداد هذا الطبق التراثي الخاص، وتذوق الأكلة الأكثر شهرة على مائدة الأسرة الإماراتية. ويعتبر اللحم المجفف من الأغذية الإماراتية التقليدية التي تفنن الأجداد في حفظها، حيث عمدوا إلى تجفيف السوائل بتعريض اللحم لأشعة الشمس مدة أسبوع حتى ينضج، ويكتسب لونا ومذاقا مختلفين.

واتفقت الفائزات، وهن موزة سالم وشمسة سالم المزروعي وكاملة محمد ثاني وعفرة يافور المنصوري ومريم سالم خلفان وحمدة عيسى المزروعي وموزة مكتوم المزروعي وهادفة محمد المزروعي، على الأهمية التي يوليها المهرجان في تحفيز الأعمال المنزلية للخروج إلى السوق المحلية.

كما أبدعت المرأة الإماراتية في صنع طبق العصيدة التراثي، حيث قدمت للزوار صنفا من الحلويات التي يرغبها الإماراتيون في فصل الصيف بشكل خاص، وذلك لتوفر جميع أنواع التمور التي تعد من أهم مكونات هذه الحلوى، بالإضافة إلى الطحين والتمر والهيل والسمن البلدي.

ورافقت الحلوى الإماراتية القهوة العربية بالهيل والزعفران وماء الورد، وهي عنوان حسن الضيافة والمنافسة الشريفة في العادات والتقاليد الإماراتية، لتكون تجربة الضيافة في مهرجان الظفرة لا تضاهى، بالنسبة للضيوف القادمين من جميع أنحاء العالم.

 تراث يربط الأجيال الحالية والقادمة بتاريخها وثقافتها
 تراث يربط الأجيال الحالية والقادمة بتاريخها وثقافتها

 

20