الإنترنت المظلم يكشف صفقات المخدرات وسرقة بطاقات الائتمان

بعث زوجان فرنسيان شركة ناشئة مهمتها الغوص في عوالم الإنترنت المظلمة التي لا يمكن لمحركات البحث الولوج إليها، حيث يتم في الخفاء صنع القنابل في متاجر للإرهاب، وتعقد صفقات الأسلحة والمخدرات، وتقوم أيضا الاحتجاجات.
باريس – صممت شركة فرنسية ناشئة محرك بحث كناية عن “غوغل الشبكة المظلمة” يسمح بالغوص في باطن الإنترنت الخفي حيث تجري صفقات الأسلحة والمخدرات وتباع رموز البطاقات المصرفية.
وقالت سيلين هايري، إحدى مصممات شركة “ألف نتوورك”، “نحن نفهرس معظم ما يجري على الإنترنت المظلم” وهو جزء من الإنترنت لا يمكن لمحركات البحث الولوج إليه، ولذا يبقى ما فيه من تداولات سريّا، وتتناول غالبا أنشطة غير قانونية.
ومع أن إدخال المعلومات إلى الشبكة المظلمة (دارك ويب) يجري بشكل سهل جدا ومن دون الحاجة إلى أدوات خاصة، إلا أن هذه المعلومات لا تظهر بوضع كلمات مفتاحية كما هو البحث عادة، بل يجب وضع العنوان المحدد.
ورصدت الشركة الفرنسية في خمس سنوات، مليارا و400 مليون رابط و450 وثيقة على 140 ألف موقع بسبعين لغة، بفضل برنامجها.
وتطبع هايري على محرك البحث كلمة “غلوك”، وهي علامة تجارية لمسدسات نمساوية تستخدمها المافيا وتضيف “بيتكوين” أي العملة الافتراضية التي يصعب تعقّب مصدرها، وتظهر لها بذلك روابط لمواقع تبيع بهذه العملة.
ومن الأمور التي تفاجئ هايري وزوجها نيكولا هرنانديز المدير العام للشركة أن بعض مواقع البيع تطلب من الزبائن تقييم الخدمة بوضع نجوم.
وأحصت الشركة في مطلع ديسمبر الحالي، ثلاثة ملايين و900 ألف رقم لبطاقات مصرفية مسروقة، وكانت ترغب في تطوير الخدمة بإلغاء هذه البطاقات، لكن “المصارف لا يهمها ذلك، فهي تستفيد من التأمين”، بحسب هرنانديز.
ومن خلال البحث عن عبارة “سيزيوم 137” يمكن العثور على مواقع ترشد إلى كيفية صنع قنابل، وعدد هذه المواقع 87، إضافة إلى “متجر للإرهاب” يبيّن كيف تصنع بندقية بازوكا أو عبوة ناسفة في البيت.
ولا تبقى المواقع ثابتة على الإنترنت المظلم، بل سرعان ما تختفي وتظهر من جديد بشكل آخر.
وأكد هرنانديز “من دون محرك بحث لا يمكن الحصول على مشهد كامل”.
ويتيح برنامجه كشف الروابط بين المواقع لرسم خارطة للإنترنت المظلم وصلاته الممكنة مع الإنترنت العادي.
وفي عام 2019 أضافت “ألف نتوورك” إلى برنامجها أدوات من الذكاء الاصطناعي للتعرّف على الصور، من بنادق رشاشة إلى الأطفال ضحايا الاستغلال وصولا إلى المنتجات المقلّدة عن علامات تجارية.
وبدأت هذه الفكرة بين هرنانديز وصديق قديم له، وهما مهندسا معلوماتية نهارا، وقرصانان إلكترونيان ليلا، يجمعهما حبّ مناصرة القضايا الكبرى مثل حرية التعبير ومواجهة سوء معاملة الأطفال.
وبعد فشل في دخول أسواق عدة، لاقت الشركة اهتماما كبيرا من الأوساط العسكرية.
ويروي هرنانديز أن السلطات العسكرية الفرنسية اتصلت به طالبة منه عرض ما لديه من إمكانات، غداة الهجوم المسلح على صحيفة “شارلي إيبدو” في باريس يناير 2015.
لكن هرنانديز يشدد على أن جهازه لا ينبغي أن يقع بيد أنظمة الاستبداد، فالإنترنت المظلم أيضا مكان تنظم فيه حركات الاحتجاج. وأكدت الشركة أنها ترفض 30 بالمئة إلى 40 بالمئة من طلبات الحصول على برنامجها، بعد استشارة لجنة للمعايير الأخلاقية وزبائن من مؤسسات الدولة.
يعمل في الشركة اليوم تسعة أشخاص، وقد صارت قادرة على تمويل نفسها بنفسها منذ عام 2017.