الزراعة المائية تتحدى شحّ المياه في السعودية

الرياض - في أعقاب عودته من رحلة إلى النمسا قبل سبع سنوات انخرط الموظف الحكومي السعودي مهدي الصنابير في رحلة أخرى للمساعدة في تحويل القطاع الزراعي في بلده عن طريق إدخال الزراعة المائية.
وخلال رحلته في النمسا انبهر الصنابير (42 عاما) بتقنية الزراعة الحديثة، التي تستخدم تربة أقل وكميات أقل من المياه وكذلك مساحة أقل من الأرض، ويمكن أن تنتج ما يصل إلى عشرة أمثال المحصول الذي يزرع في حقل مفتوح.
وعقب عودته لجأ الصنابير إلى سطح منزله في مدينة القطيف شرق المملكة وبدأ تجاربه بزرع بذور على الإسفنج دون استخدام أي مواد كيميائية.
وعلى الرغم من التحديات حقق الموظف، الذي تحول إلى باحث مختص في الزراعة المائية الذكية، نجاحا في مزرعة على سطح بيته كلفته 18 ألف ريال سعودي (4800 دولار) وزرع فيها الخيار والطماطم (البندورة) والخس والبروكلي.
وقال مهدي الصنابير “بما أن الزراعة المائية فكرة جديدة أو زراعة جديدة، قمت بتطبيقها عندي في المنزل. وقد صادفتني بعض المشاكل وواجهت صعوبات، لكن الحمد لله أن إصراري على المتابعة والاستمرار كان كبيرا إلى أن حصلت على هذه النتيجة وهذه الثمار”.
وأضاف “في البداية أنشأت محمية أو بيتا محميا في المنزل لدي على السطح. وتقريبا كلفني حوالي 18 ألف (ريال سعودي (4800 دولار) كله بالأنظمة، بالأغراض، بجميع التجهيزات وعملت عليه تجاربي وصرت أنتج أنواع الخضار المختلفة، الطماطم، الخيار، الخس والبروكلي. وهذا الشيء شجعني على أن أبدأ العمل على مشاريع تنموية إلى أصحاب المزارع”.
وساعد الصنابير العديد من المزارعين الآخرين في إنشاء سبع مزارع مماثلة في أنحاء المنطقة الشرقية. وعادة ما يزور بعض هذه المزارع لمتابعة العملية وتقديم النصح اللازم، إضافة إلى الاهتمام بمزرعته الخاصة.
ومن بين من يشرف الصنابير على مزارعهم صاحب مزرعة مائية ذكية يدعى أحمد العبد رب النبي. ونجح العبد رب النبي في زراعة الخس الأوروبي في قلب السعودية.
السعودية وافقت على دعم مالي لقطاع البيئة والمياه والزراعة بقيمة 92 مليار ريال (24.5 مليار دولار) في عام 2017.
وقال “من ضمن المنتجات اللي زرعناها الخس الأوروبي، والخس الأوروبي طبعا يحتاج حماية ويحتاج أجواء مناسبة للزراعة. استطعنا توفير هذه الأجواء من حرارة، ورطوبة، ومياه، ومحاليل مناسبة لهذه المنتجات. وفعلا أظهرت نتائج ممتازة، وحصلنا على إنتاج وفير وخال من أي مبيدات حشرية”.
ويرى الصنابير أن مشروعه يمكن أن يدفع جهود بلاده لتحقيق تقدم في قطاع الزراعة في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي السعودي “رؤية المملكة 2030”.
وقال “من مميزات الزراعة المائية عن الزراعة التقليدية زراعة التربة، نحن هنا نوفر 90 بالمئة من مياه الري، إضافة إلى 80 بالمئة من الأسمدة، وسرعة الإنتاج والتقليل من استخدام المبيدات الحشرية وأيضا العمالة. وخصوصا التقليل من العمالة، لأن الزراعة الذكية لا تحتاج إلى كثرة الأيدي العاملة، وأيضا نحصل على منتج بقيمة غذائية عالية وطعم مميز لأن النبات يتغذى غذاء كاملا ومستوفي للشروط”.
وقال تاجر خضروات يدعى علي آل صلاح “أتيت إلى هنا لشراء منتج خال من المواد الكيميائية، يعني تأكل وأنت مطمئن، لا رش ولا مواد مضرة وزراعة مائية يعني نظيفة 100 بالمئة، ولا تحتاج إلى مواد أخرى، يعني تأكل دون أن تغسل (غسل الخضار)، يعني يمكن الآن أن تأخذ هذا الخس وتأكله مباشرة”.وتهدف رؤية 2030 إلى تنويع اقتصاد المملكة وإنهاء “إدمانها” للنفط واعتمادها عليه كمحرك رئيسي للاقتصاد.
وفي إطار هذه الرؤية وافقت المملكة العربية السعودية على دعم مالي لقطاع البيئة والمياه والزراعة بقيمة 92 مليار ريال (24.5 مليار دولار) في عام 2017. وأحد برامج رؤية 2030 المدرجة هو إنفاق بقيمة 13.94 مليار ريال لوزارة الزراعة و12.92 مليار أخرى لوزارة المياه والكهرباء.
وتعاني المملكة الغنية بالنفط من مشكلة شحّ المياه. وكانت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق من هذا العام عن خطط لبناء تسع محطات تحلية لأكثر من ملياري ريال (530 مليون دولار) على ساحل البحر الأحمر.
وسوف تستوعب المحطة 240 ألف متر مكعب من المياه يوميا، وسيتم الانتهاء منها في أقل من 18 شهرا.
وأكد عبدالرحمن الفضلي، وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي، أن المحطات الجديدة “سيكون لها الأثر البالغ في الارتقاء بجودة خدمات المياه ونطاق تغطيتها، كما ستكون هذه المحطات رافدا قويا لعملنا في المؤسسة العامة للتحلية في رفع كفاءة الإنتاج، وتقليل التكاليف الرأسمالية والتشغيلية”.
ويبلغ إنتاج المملكة من المياه المحلاة أكثر من 6.6 مليون متر مكعب يوميا، وهذه الكمية تمثل ما نسبته 54 بالمئة خليجيا، كما تبلغ نسبة إنتاج المملكة من المياه المحلاة عالميا 22.2 بالمئة.
وتقوم المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بإنتاج الطاقة الكهربائية من خلال محطاتها (ثنائية الغرض) التي تولد الطاقة الكهربائية بجانب إنتاج المياه، ويستخدم جزء من الطاقة الكهربائية لتشغيل مرافق المحطة وما تبقى من التوليد يتم تصديره إلى الشركة السعودية للكهرباء.