نتنياهو يلتقي بومبيو وسط قلق من تغير سياسة إيران بالجبهة الشمالية

القدس - يكثف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من تحركاته لمواجهة تغلغل إيران في الجبهة الشمالية (لبنان وسوريا)، وآخر هذه التحركات لقاءه مساء الاثنين بوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في العاصمة البلجيكية بروكسل لبحث الأمر.
ويأتي لقاء نتنياهو مع بومبيو بعد أيام قليلة من عودة القصف الإسرائيلي على مواقع في ريف دمشق والجنوب السوري.
ويرى مراقبون أن هذا اللقاء الذي أعلن عنه نتنياهو في وقت سابق الاثنين، من المرجح أنه يحمل مستجدات جديدة، خاصة وأن أوساط إسرائيلية كشفت مؤخرا عن تغيرات في سلوك إيران في المنطقة بتركيزها على لبنان بدل سوريا.
وقال نتنياهو للصحافيين لدى مغادرته إلى العاصمة البلجيكية “أغادر إلى بروكسل لبضع ساعات، لعقد اجتماع مهم، مع وزير الخارجية الأميركي، نحن على اتصال مباشر مع أصدقائنا الأميركيين”.
وأضاف “سأبحث مع السيد بومبيو سلسلة التطورات الإقليمية والإجراءات التي نتخذها معا من أجل صد العدوان الذي تمارسه إيران والمنظمات الموالية لها في الشمال”.
وعادة ما يركز نتنياهو حديثه عن الوجود الإيراني في سوريا بالسنوات الأخيرة، بيد أنه اليوم بات يتحدث عن التحدي الذي يتشكل في كل من لبنان وسوريا معا.
وعاد القصف الإسرائيلي الخميس الماضي، لمواقع داخل سوريا، بعد انقطاعه لأسابيع على خلفية الأزمة التي استجدت في 17 سبتمبر الماضي بين تل أبيب وموسكو جراء إسقاط طائرة روسية من نوع إيل 20.
وكانت المضادات السورية قد أسقطت الطائرة الروسية خلال محاولاتها التصدي لمقاتلات إسرائيلية في محافظة اللاذقية، واتهمت موسكو تل أبيب بالتسبب بالحادث من خلال تعمد إبلاغها بالهجوم قبل أقل من دقيقة، الأمر الذي حال دون إمكانية إبعاد الطائرة، فضلا عن كون المقاتلات المهاجمة كانت اتخذت من الأخيرة غطاء لها.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن استئناف القصف يعكس عودة التنسيق الروسي الإسرائيلي، فموسكو بدورها لم تعد قادرة على تحمل عبء الوجود الإيراني الذي يعرقل التوصل إلى حل لتسوية الصراع السوري.
مسؤولون إسرائيليون كشفوا أن طائرة شحن إيرانية هبطت في مطار رفيق الحريري قبل ساعات من الغارات على سوريا
وأكدت هذه الوسائل أن القصف الذي جرى على غير ما سوّق له الإعلام العربي حيث كان محدودا. ولفتت هذه الوسائل إلى أن هذا القصف أتى بعد ساعات قليلة من تصريح مثير لرئيس الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يادلين قال فيه إن إيران، غيّرت من سلوكها مؤخرا في المنطقة، عبر تركيز أنظارها على لبنان بدلا من تكريس وجودها العسكري في سوريا.
وأوضح يادلين الذي يترأس “معهد دراسات الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، أنه “بعيدا عن حقيقة غضب الروس منا وإدارة ظهرهم إلينا. أعتقد أيضا أنهم أرسلوا رسالة قوية لإيران، مفادها أن تحصيناتها العسكرية ومصانعها في سوريا تضر بالجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في سوريا”.
وأضاف “سوريا غير المستقرة لا تناسب الروس. انخفضت الضربات الجوية الإسرائيلية. وأعتقد أن هذا ليس لأننا لا نريد شنّ هجمات، بل لأن الإيرانيين غيّروا من تكتيكاتهم. إنهم ينقلون كل شيء إلى لبنان”.وقال مصدر كبير في حزب الله الاثنين إن مواقع الجماعة والمواقع الإيرانية في سوريا لم تصب الأسبوع الماضي خلال ما وصفته وسائل الإعلام الرسمية السورية بهجوم إلى الجنوب من دمشق.
ويرى مراقبون أن تصريح القيادي في حزب الله يدعم رواية عاموس يادلين الذي قال إن ما يثير قلق العديد من المسؤولين الإسرائيليين حاليا هو “انتقال المعركة الإسرائيلية الإيرانية بمعظمها إلى دول أخرى بسبب التغييرات التي فرضتها روسيا” والتي تقوم على تقليص تدريجي للنفوذ الإيراني في سوريا.
وسبق أن أعلن مسؤولون إسرائيليون أن طائرة شحن من طهران هبطت في مطار رفيق الحريري ببيروت قبل ساعات من الغارات الأخيرة على سوريا، ويعتقد أنها نقلت شحنة أسلحة لـ”حزب الله”.
وفيما بدا محاولة من الحزب اللبناني، الذي يشكل الذراع الأقوى لإيران في المنطقة، لتحذير إسرائيل من مغبة مهاجمته في لبنان، في ضوء ما أعلن عن الشحنة الإيرانية، نشر الإعلام الحربي التابع له شريط فيديو يستعرض فيه المناطق والمواقع التي يمكن أن تستهدف داخل إسرائيل وبينها وزارة الدفاع في تل أبيب.
ورد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي من خلال وسائط التواصل الاجتماعي باللغة العربية على الفيديو الدعائي لحزب الله بالقول “من بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة”.
ويرى مراقبون أن نقل إيران تركيزها إلى لبنان بدلا من سوريا، من شأنه أن يشكل تحديا إضافيا، لإسرائيل وأيضا للولايات المتحدة، ويرجح أن يكون هذا الموضوع على طاولة البحث بين نتنياهو وبومبيو.
وذكرت صحيفة هآرتس، عن عودة بعض مقاتلي حزب الله من سوريا مع قرب انتهاء الحرب هناك وتغيير انتشارهم ضمن لبنان.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه ربما لا يسعى حزب الله إلى الحرب مع إسرائيل في الوقت الحالي إلا أن تحسين قدراته الهجومية، بعد الخبرة التي اكتسبها نتيجة للمعارك في سوريا، مع عودة بعض وحداته إلى لبنان، يشكلان عامل قلق للجيش الإسرائيلي.
وتأتي هذه التطورات، بعد أسابيع قليلة من تحذيرات أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي من وضع أمني وصفه بالخطير. مما يطرح تساؤلات، حول وجود نية لدى إسرائيل لشن هجوم عسكري قريب يستهدف الجبهة الشمالية.
ويرى مراقبون أن هذه التساؤلات مشروعة خاصة وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان حريصا على احتواء التصعيد الخطير الذي جد مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وبرر نتنياهو الأمر بأنه أكثر من ضرورة ويتعلق أساسا بحماية الأمن القومي الإسرائيلي.