مشايخ مصر يأملون بقطع الطريق على تمدد إقليمي للمساواة في الميراث

رجال الدين في الأزهر يريدون فرض رؤيتهم المحافظة للشريعة على المجتمع التونسي.
الثلاثاء 2018/11/27
"تغير السياق الثقافي"

القاهرة - أرادت المؤسسة الدينية الرسمية في مصر قطع الطريق على احتمال انتشار دعوات إلى المساواة بين المرأة والرجل في الإرث، عبر تفنيد شرعي أطلقه مفتي الديار المصرية شوقي علام؛ قال فيه إن المساواة في الميراث مخالفة للشريعة الإسلامية وأحكامها قطعية الثبوت والدلالة.

وتخشى طبقة رجال الدين، المعروفين بتحفظهم ويخضعون لمظلة الأزهر، من تحول الدعوة إلى المساواة في الميراث إلى مد إقليمي قد يطول دولا عربية وإسلامية أخرى، في ظل جدل كبير قائم، منذ ثورات الربيع العربي، حول أفكار دينية جامدة تشكل الوعي الإسلامي منذ قرون.

وأكد علّام، في بيان الاثنين، إن المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة “أمر مخالف للشريعة الإسلامية”.

وجاء بيان المفتي المصري بعد يومين من إعلان الرئاسة التونسية أن مشروع قانون المساواة بين النساء والرجال في الميراث الذي عرض الجمعة على مجلس الوزراء ستتم إحالته إلى البرلمان للتصويت عليه خلال الأشهر المقبلة.

شوقي علام: المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة أمر مخالف للشريعة الإسلامية
شوقي علام: المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة أمر مخالف للشريعة الإسلامية

وقال علّام، في البيان الذي نشره على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، “إن المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة أمر مخالف للشريعة الإسلامية ولإجماع العلماء على مر العصور”.

وأضاف، دون الإشارة إلى دولة تونس، أنه “لا اجتهاد في النصوص التي هي قطعية الدلالة قطعية الثبوت بدعوى تغير السياق الثقافي الذي تعيشه الدول والمجتمعات الآن”.

والمساواة في الإرث كانت أحد الإجراءات الأكثر إثارة للجدل بين سلسلة إصلاحات اقترحتها لجنة الحريات الفردية والمساواة التي شكلها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في صيف 2017.

وتقوم قوانين الإرث في تونس المستمدة من الشريعة الإسلامية إجمالا على قاعدة “للذكر مثل حظ الانثيين”.

لكن الأمر لا يتعلق فقط بـ”تغير السياق الثقافي” في المجتمعات الإسلامية، بقدر تعلقه بتبدل جذري في شكل هذه المجتمعات وقيمها وطبيعة العلاقات بين البشر وحالتهم الاقتصادية وسبل المحافظة عليها. فالمرأة باتت عنصرا أساسيا في سوق العمل، مثلها مثل الرجل تماما، في حين يظل رجال الدين معتمدين على تفسير “مثل حظ الأنثيين” المبني على قاعدة العمل حصرا للرجال فقط.

ويترك مشروع القانون التونسي الحرية قائمة على الاختيار بين التمسك بالتفسير الشرعي السائد، أو التوريث القائم على الاستفادة من مواد القانون التي تبيح المساواة بين الرجل والمرأة.

ومطلع يونيو الماضي، قدمت لجنة الحريات الفردية والمساواة (رئاسية)، تقريرا من 233 صفحة تضمن جزأين؛ الأول مخصّص لـ”الحقوق والحريات الفردية”، ويشمل مقترحات بإلغاء تجريم المثلية، وإسقاط عقوبة الإعدام، ورفع القيود الدينية على الحقوق المدنية.

أما الجزء الثاني فيتناول مسألة “المساواة” التامة بين الجنسين، خاصة في مسألة الميراث، والمساواة بين جميع الأطفال، بمن فيهم الذين ولدوا خارج إطار الزواج.

Thumbnail

وسيسحب هذا المشروع الكثير من الاختصاصات المرتبطة بـ”رخصة” البت حصرا في شؤون المسلمين اليومية ومقومات حياتهم من مؤسسات دينية رسمية توغلت كثيرا مؤخرا، وتحولت إلى سلطات “كهنوتية” رقيبة على طرق إدارة الناس لشؤونهم، ويحيلها إلى البرلمان كسلطة سياسية وتشريعية منتخبة.

ويملك الأزهر الرغبة الأكبر في الدفاع عن رؤيته المحافظة للدين. وفي أغسطس الماضي، أثار الأزهر جدلا كبيرا في تونس بعدما عبر في بيان رسمي عن رفضه صراحة للمساواة في المواريث، إذ شدد حينها على أن “رسالةَ الأزهر الشريف، وبخاصة ما يتعلَق بحراسة دين الله، هي رسالة عالمية لا تحدها حدود جغرافية، ولا توجهات سياسية”.

ومن المتوقع أن يمرر مجلس نواب الشعب التونسي القانون، رغم تمتع حركة النهضة الإسلامية، ذراع الإخوان المسلمين في تونس، بالكتلة النيابية الأكبر، والتي تعارض القانون بتردد، إذ تخشى من الاصطدام بدعم واسع النطاق للقانون، خصوصا في صفوف النساء والنقابات.

1