وراء كل عظيم.. "نكدية"!

من يعتقد من الرجال أن الزوجة “النكدية” ليس لها فوائد على الإطلاق فهو مخطئ جدا ويجانبه الصوابُ، لأن من أهم هذه الفوائد حسبما قرأت، أنها تجعل لسان زوجها رطبا بذكر الله طيلة الليل والنهار ممسكا بمسبحته ويقول “حسبي الله ونعم الوكيل”، كما أنها تساعد الزوج -إن كان عاقلا- في ثلاثة أشياء: غض البصر، لأنه كره صنف “الحريم” ولن يلتفت لامرأة مرة أخرى.. وصلة الرحم باعتباره لاجئا “زوجيا” بين الحين والآخر عند أمه أو شقيقاته، والمحافظة على وزنه ورشاقته، لأنه من كثر النكد، ستصبح نفسه مسدودة عن الطعام ويفقد شهيته وربما يضرب عنه في المنزل، وأخيرا ستجعل منه رجلا عظيما، فبسبب قرفه وزهقه سيعوض ذلك بقضاء أطول وقتٍ في العمل، ما يجعله ناجحا مرموقا ويحقق مقولة المثل الشهير “وراء كل رجل عظيم امرأة”، ليلتقفها أحد الخبثاء هاتفا ولتزداد العظمة بـ”مثنى وثلاث ورباع″!.
رجل عظيم مثل سقراط، الفيلسوف اليوناني صاحب تسجيل أول حالة إعدام بتجرع السم في التاريخ، قال “ابتليت بمصائب ثلاث: اللغة والفقر وزوجتي.. الأولى تغلبت عليها بالاجتهاد، والثانية فقد تغلبت عليها بالاقتصاد.. أما الثالثة -أي زوجته- فلم أستطع التغلب عليها”.
كانت زوجته سليطة اللسان يهرب منها قبل طلوع الشمس، ولا يعود إليها إلا بعد المغيب. ومع ذلك فقد اعترف أنه مدين لها.. “فلولاها لما تعلمت أن الحكمة في الصمت، وأن السعادة في النوم، مسكين الرجل إنه يقف حائرا بين أن يتزوج أو يبقى عازبا بلا زواج وهو في الحالتين نادم”.. ويحكى أنه حثَّ أحد تلاميذه على الزواج ساخرا “إن ظفرت بزوجة عاقلة صرت سعيدا، أما إن وقعت في براثن زوجة مناكفة صرت فيلسوفا مثلي!”.
“لا أحد يستطيع أن يقول رأيه في زوجته إلا إذا أحكموا إغلاق باب قبره”.. هكذا قال تولستوي أديب روسيا العظيم، واصفا حياته مع زوجته صوفيا التي كانت تراقبه وضبطها مرة تفتش مكتبه وأوراقه، فلم يقل لها كلمة واحدة، وذات ليلة وبعد أن نام الجميع، خرج من قصره وقرر الهرب الأخير وإلى الأبد -بعد أن تجاوز الثمانين- من زوجته ومن حياته كلها، ليموت على سرير حديدي قديم في مكتب مدير محطة قرية إستابو الروسية للقطارات.
بالمناسبة، فاجأتني صديقة وصفتني بـ”الكاتب العظيم”، “نفسي أعرف رأي زوجتك في ما تكتبه؟”. انتفضت كمن لدغته أفعى، فتلفتُّ حولي ثم تنهدتُ بارتياح “الحمد لله، إنها تشجعني بطريقتها الخاصة.. لا تقرأ لي أصلا!”.