تجار بيروت يطلقون صيحة فزع: المتسولون يحتلون شارع الحمرا

كثرت الأسئلة عن تكاثر عدد المتسولين في لبنان عامة وبيروت العاصمة خاصة، حيث أصبحت هذه الظاهرة تقلق التجار وتزعج المارة، الإجابات على أسباب هذه الظاهرة تراوحت بين الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وكثرة النازحين السوريين الذين هجرتهم الحرب، لكن الثابت أن هذه الظاهرة أصبحت مهنة يحترفها البعض لأنها تعود عليهم بربح مادي يغنيهم عن العمل بأجرة يومية قد لا تغني من جوع.
بيروت – يعتبر شارع الحمرا في مدينة بيروت، من أهم الشوارع التجارية والاقتصادية وأعرقها في العاصمة اللبنانية، ومن النادر قدوم أي سائح إلى لبنان إلا ويقصده، ويكاد يكون أحد الشواهد على كل الأحداث السياسية والفكرية والاجتماعية التي شهدتها المنطقة العربية، من خلال كثرة الوافدين إليه ومن حيث تنوع المحال التجارية والمقاهي الموجودة على
جانبيه.
شارع الحمرا مع تنوعه وازدحامه كان مقصدا للمتسولين، إلا أن أعداد هؤلاء تضاعفت منذ سنوات بشكل كبير إلى أن أصبح ظاهرة بدأت تتفشى فيه، لدرجة أن أصحاب المحال التجارية والمقاهي بدأوا ينزعجون من انتشار المتسولين من الأطفال والفتيات وحتى المسنين من مختلف الجنسيات في الشارع كله.
ويقول فايز الشاعر أحد تجار شارع الحمرا لوكالة الإعلام اللبنانية “إن عددهم تضاعف 15 مرة عن السابق والتجار يعانون من هذه الظاهرة”.
ولفت إلى أن “هذه المنطقة تدفع الثمن عن باقي المناطق”، متسائلا “لماذا توجد شوارع في مدينة بيروت ممنوع على المتسولين دخولها، بينما يتكاثرون في الحمرا؟”.
قوات الأمن تبذل مجهودات لطردهم من الشارع لكنهم يعودون في اليوم التالي
وأشار إلى الخسائر التي تلحق بالتجار بسببهم، قائلا “هؤلاء يطاردون الزبائن من لحظة وصولهم إلى الشارع حتى دخولهم إلى محل ما، وفي أغلب الأحيان ينتظرونهم عند الباب ما يشكل إزعاجا للزبون والتاجر على حد السواء. ولا يقتصر التسول على طفل واحد بل هناك ما يشبه ‘العصابة’ التي تلحق بالزبون أو أي شخص يتجول في الشارع، فما أن يتركه المسن حتى يتبعه طفل بالكاد يستطيع المشي، وصولا إلى الفتيات اللواتي يتمسكن بالزبون”.
ووصلت الأمور ببعض التجار إلى الطلب من المتسولين الانتقال إلى رصيف مقابل للمحال التجارية ليفسحوا المجال أمام الزائرين.
وأكد “أن الأمر لا يقتصر على التسول، بل إن هذه الظاهرة تتحول أثناء الليل إلى أمور مرعبة كالسرقة وقد تم ضبط العديد منهم، أو إلى دعارة وهذا ما يعرفه معظم الناس في الحمرا، أو حتى حصول مشكلات بين بعضهم واستخدام أفظع الألفاظ والكلمات”.
وقد شهد الشارع حالات عدة حيث تقوم بعض الفتيات اللواتي يتسولن أثناء النهار بممارسة الدعارة ليلا.
ويقول فايز “إن بعض المتسولين يمتلكون منازل في شارع الحمرا، وجمعوا ثروات من هذه المهنة”، موضحا أن عددهم في هذا الشارع يتجاوز 150 متسولا، معظمهم من الأطفال والفتيات، تأتي بهم شاحنة صباحا لتعود وتأخذهم ليلا، تاركين الأوساخ والفضلات على الأرصفة.
وطالب الشاعر مع زملائه من التجار “الدولة بإيجاد حل لهذا الموضوع وأن يتم وضعهم في مراكز اجتماعية متخصصة أو نقلهم كليا من بيروت”.
ومن ناحيته، اعتبر نائب رئيس لجنة تجار الحمرا محمد العريس، أن “موضوع التسول في شارع الحمرا زاد عن حده من كل النواحي، ولم يعد موضوع طلب مساعدة من زائري الشارع، بل يتعداه إلى أكثر من ذلك لناحية قلة النظافة والقيام بأعمال منافية للآداب. وقد يصل الأمر عند بعضهم للدخول إلى المقاهي والمطاعم وطلب الطعام من الزبائن”.
ورأى العريس “أن وجود مستشفى الجامعة الأميركية في المنطقة يجذب المتسولين الذين يلحقون بقاصدي المستشفى من مختلف الجنسيات. والحل يجب أن يكون قاسيا جدا، ومن الضروري اتخاذ قرار حاسم وإيجاد بديل أو
مركز لهم”.
وقال “مع الاحترام الكامل لعناصر قوات الأمن التي تقوم بدوريات يومية وتضعهم في منطقة معينة، ولكنهم يعودون في اليوم التالي، لأنهم يعتبرون التسول مهنتهم ويجنون منها الأرباح أكثر من تجار
الحمرا”.
وأشار إلى “أنهم يخبرون بعضهم عند مجيء دورية لقوات الأمن الداخلي فيختبئون ومن ثم يعودون”.
وأكد رئيس قسم “السوشال ميديا” في جمعية الاتحاد لحماية الأحداث المتعاقدة مع وزارة العدل آلان يمين، “أن الجمعية تتابع أوضاع الأحداث الذين هم دون 18 عاما، وهي تحضر التحقيقات التي تجريها النيابة العامة بعد حصول الإخبار وتتحرك من أجل تكوين ملف حماية احتياطي للقاصر وتوصي بوضعه في أحد المراكز المتخصصة حتى لا ينام في المخفر”.
ويقول المدير العام لوزارة الشؤون الاجتماعية القاضي عبدالله أحمد “إن هذه الظاهرة لا تنحصر فقط في لبنان، بل تجاوزته لتنتشر في العديد من الدول. ولا شك بأن معالجتها لن تكون فعالة إلا بتضافر عدة مؤسسات في الدولة سواء حكومية أو مدنية. ومن هذا المنطلق، فإن وزارة الشؤون الاجتماعية بدأت بالتعاون مع جمعيات دولية على وضع خطة توعوية تستهدف المتسولين، لأن غالبيتهم من الأطفال الذين يتم استغلالهم بشتى الأنواع”.
وأشار إلى أن ما يقارب 80 بالمئة من المتسولين هم من جنسيات مختلفة وغير لبنانية.
وأكد “أن الخطوة الأساسية للحد من هذه الظاهرة، تبدأ بعدم إعطائهم المال والاكتفاء بتقديم الطعام أو الثياب”، لافتا إلى “أن معظم هؤلاء المتسولين ليسوا بحاجة للمساعدة، وأن كل شخص منهم يجني شهريا ما يقارب 800 دولار”. وأعلن “أن الوزارة تقوم دائما بخطوات للحد من هذه الظاهرة ضمن إمكانياتها، ولكن القضية بحاجة إلى متابعة دائمة من كل الجهات المعنية”.