مخترع الإنترنت من دبي: معركة الأمن الإلكتروني مستمرة

سوليد منصة عنكبوتية جديدة تتيح للمستخدمين تخزين بياناتهم الشخصية والصور ومكتبة الموسيقى وأحداث التقويم والتحكم في الوصول إلى تلك البيانات.
الأحد 2018/10/21
حماية البيانات أو التفريط فيها بيد المستحدم
عمر شبكة الإنترنت التي اخترعها عالم الحاسوب البريطاني تيم بيرنرز لي حوالي ثلاثين عاما، وهو عمر قصير أمام حجم التجاوزات التي أحدثتها الشركات التكنولوجية والقراصنة في هذا العالم الذي جعل البشر يعيشون في قرية صغيرة جدا، حيث استحوذت الشركات التكنولوجية على البيانات الشخصية للمستخدمين، ما جعل “سيد الإنترنت” بيرنرز لي يبتكر منصة عنكبوتية جديدة تتيح لهؤلاء المستخدمين التحكم وتخزين بياناتهم.

دبي - تحدث مخترع الشبكة العنكبوتية العالمية وعالم الحاسوب البريطاني تيم بيرنرز لي أثناء حضوره في معرض أسبوع جيتكس للتقنية 2018 في دبي عن مبادرة لإعادة ابتكار شبكة إنترنت تتيح للمستخدمين التحكم وتخزين بياناتهم الشخصية بما في ذلك جهات الاتصال والصور ومكتبة الموسيقى وأحداث التقويم والتحكم في الوصول إلى تلك البيانات.

وسلط الضوء على عدم شعور المستخدمين بالسعادة من الوضع الحالي للإنترنت، رغم أنه أصبح من السهل على الجميع استخدام الشبكة العنكبوتية والتي اخترعها بيرنرز لي نفسه قبل 28 عاما، لكن المشكلة تكمن في قيام شركات التكنولوجيا الكبرى مثل أمازون وغوغل وفيسبوك وغيرها من الشركات بالاستحواذ على البيانات والمعلومات الشخصية ما يعني أن المستخدم لا يتحكم في تلك البيانات التي تخصه في حقيقة الأمر.

يقول بيرنرز لي، “لطالما اعتقدت أن الويب مخصص للجميع، ولهذا السبب نقاتل أنا وآخرون بشراسة لحمايته، ولقد أحدثت التغييرات التي نجحنا في جلبها عالما أفضل وأكثر اتصالا، ولكن على الرغم من كل النتائج الجيدة التي حققناها، فقد تطورت الشبكة لتصبح محركا للظلم والانقسام، وتستخدم من قبل القوى القوية وفقا لأجنداتهم الخاصة”.

ويضيف معلقا عن الشبكة الحالية، “ليس لدينا اليوم ابتكار، لأنه عندما يدمج ذلك مع الغايات والأعمال التجارية، فإن النتيجة هي الاحتكار، إن وجود الاحتكار يعني أن ابتكارك قد تهاوى.”

تيم بيرنرز لي: نحن مهتمون بالعمل مع المطورين ومنح مستخدمي الإنترنت إمكانية التحكم الكامل في بياناتهم

ويقول، “أعتقد أننا اليوم وصلنا إلى نقطة تحول حاسمة، وأن التغيير نحو الأفضل ممكن وضروري، لذلك نحن مهتمون بالعمل مع المطورين ومنح مستخدمي الإنترنت إمكانية التحكم الكامل في بياناتهم”. وبدل التعامل مع الشبكة العنكبوتية الحالية حيث يتعين على المستخدمين توفير البيانات الشخصية إلى الشركات التكنولوجية، شرع السير تيم في تأسيس شركة ناشئة أطلق عليها اسم “إنربت”، وهي مؤسسة ستعمل على تشغيل منصة “سوليد” وهي شبكة عنكبوتية جديدة تجمع بين الابتكار والإبداع، حيث تستخدم “إنربت”، تقنيات الإنترنت بطريقة تمنح المستخدمين السيطرة الكاملة على بياناتهم. ومع وجود منصة “سوليد” سيتمكن المستخدمون من حرية اختيار كيفية استخدام بياناتهم.

يقول بيرنرز لي، “طورنا منصة سوليد من أجل استعادة التوازن وذلك من خلال منح كل واحد منا السيطرة الكاملة على البيانات الشخصية أو غير ذلك بطريقة ثورية”.

ويضيف، “إن إطلاق إنربت يأتي في الوقت الذي تشهد فيه بيانات المستخدمين في العالم العديد من عمليات خرق الخصوصية وإساءة الاستخدام”، لافتا، “إلى أن بيانات عالم سوليد سيتم تخزينها في مراكز بيانات مختلفة مخصصة حسب نوع النشاط، وتقع مسؤولية حمايتها على شركات أمن إلكتروني متخصصة”. واصفا الأمن الإلكتروني بأنه “معركة مستمرة”.

وتعتبر منصة سوليد مجموعة من المواصفات القياسية تعتمد على التكنولوجيا الأساسية لشبكة الإنترنت العالمية، بما في ذلك بروتوكولات “أيتش تي.تي.بي” و”رست” و”أيتش تي.أم.أل”، وهي متوافقة مع شبكة الإنترنت الحالية مئة بالمئة، حيث توفر المواصفات المعتمدة ميزات إضافية للنظام القائم، ولكن عند استخدامها من خلال التركيبة الجديدة، فإنها تتيح إمكانيات جديدة ومثيرة لمواقع الويب والتطبيقات.

ويتم تخزين البيانات الخاصة في “سوليد بود” أو مخزن البيانات الشخصية عبر الإنترنت، وهو في الأساس نقطة آمنة على خادم مستضاف أو خادم يقوم المستخدم بإدارته بنفسه، ويحصل المستخدم على هوية مرتبطة بهذا المخزن “بود” وبمجرد فرز وترتيب البيانات، فإنه بإمكان المستخدم الاشتراك لاستخدام التطبيقات في النظام الإيكولوجي لمنصة سوليد.

مع "سوليد" سيتمكن المستخدمون من حرية اختيار كيفية استخدام بياناتهم
مع "سوليد" سيتمكن المستخدمون من حرية اختيار كيفية استخدام بياناتهم

وستتضمن هذه المنصة العنكبوتية الجديدة عددا من الخدمات المتوفرة على شبكة الإنترنت الحالية، مثل شبكات التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني وخدمات بث الموسيقى والفيديو، ولكن هذه التطبيقات أو الشركات التكنولوجية لا تتمكن من الاتصال بمخزن البيانات الشخصية، إلا في حال منحها حق الوصل، وبذلك يصبح المستخدم المسؤول الأول عن التحكم في بياناته.

وأوضح بيرنرز لي خلال الجلسة التي شهدت حشدا كبيرا من الحضور، أنه في عالم سوليد، سيتمكن المستخدمون من صهر جميع بياناتهم المترامية في التطبيقات المختلفة في مكان واحد وتمنح الأفراد الحرية الكاملة في التحكم ببياناتهم بشكل كامل واختيار من يشاركهم بها.

وأكد على أن سوليد لا تقوم على تقنية بلوك تشين بل تقوم على تقديم نفس خدمات الإنترنت، ولكن بشكل أكثر أمنا وخصوصية، كما أشار إلى أن سوليد ترتب حياة الأفراد ولا تشكل تهديدا لشركات التقنية الكبرى، بل توفر منصة جديدة تحفز الابتكار وتمنح المستخدم التحكم ببياناته وعن دراية، متوقعا أن يتعلم الجيل الجديد مهارات حماية بياناته بشكل شخصي.

ويأمل بيرنرز لي، أن يتمكن من خلال منصة سوليد من تحويل قدرات الويب من أيدي الشركات إلى أيدي المستخدمين، ويعتقد أن منصة سوليد ستمنح مستقبلا للأفراد والمطورين والشركات طرقا جديدة لتصميم وبناء تطبيقات وخدمات مبتكرة وموثوق بها.

وقد كان لحديث عالم الحاسوب تيم بيرنرز لي، أثره البالغ على جمهور “أسبوع جيتكس للتقنية”، و”جيتكس لنجوم المستقبل” بما صرح به عن رؤيته المتجددة لإعادة السيطرة على البيانات إلى مستخدمي الإنترنت.

17