الرياضة المعتدلة تطور القدرة الحركية لمرضى التوحد

لندن – يشكو مرضى التوحد من صعوبة بالغة في التحكم في حركاتهم والتواصل مع الآخرين. ويعد هذان العارضان من أكثر أعراض المرض شيوعا وتعقيدا، إلى أن أثبت باحثون أن ممارسة التمارين الرياضية والاندماج داخل مجموعات نشطة يساعدان إلى حد كبير في تعليم المرضى كيفية السيطرة على تحركاتهم ووضعيات أجسادهم وتطوير مهاراتهم الحركية، لتصبح الرياضة بذلك بمثابة علاج لا يقل أهمية عن بقية العلاجات السلوكية والدوائية والنفسية للمرضى.
وترتبط المهارة الحركية بما يسمى بالتوافق والضبط أو التحكم ارتباطا وثيقا، حيث يعبر التوافق عن الأداء الحركي الذي يضمن تأدية الحركة أو مجموعة الحركات في سلاسة وتناسق وتكامل تام لأجزائها المختلفة.
ينمو الأطفال المصابون بالتوحد داخل قوقعة، حيث تحيط بهم مجموعة من الصفات التي تحول بينهم وبين التواصل مع العالم من حولهم، أو أن يكونوا أطفالا طبيعيين قادرين على التحدث والتواصل واللعب والتخيل. وتحول هذه الصفات وما يرافقها بينهم وبين تقدمهم وتطورهم الحياتي أو الأكاديمي.
ويرى الأخصائيون أن العلاج الحركي يساعد على التخفيف من كل تلك الصفات على الأطفال.
العلاج بالحركة لا يقتصر على حركات رياضية ثقيلة تؤثر تأثيرا إيجابيا جسديا على الطفل، إنما يرتبط مفهوم العلاج بالحركة أيضا بوظائف الدماغ المتصلة بالوظائف الحسية والمشاعر، حيث تؤثر الحركة على الطفل عقليا ونفسيا. فالحركة تساعده على تحويل طاقاته الجسدية وتوتره وقلقه إلى حركات وظيفية في صورة تمارين حركية رياضية.
فقد اعتاد الأطفال المصابون بالتوحد على التحرك بشكل عشوائي دائم وبدرجة عالية من الحماس، ولكن خلال العلاج بالحركة يتم تدريب الأطفال وتعليمهم التحرك ضمن نطاق التمارين الحركية الوظيفية التي تمكنهم من الاستمتاع.
ومن التأثيرات الإيجابية للتمارين الحركية هي أنها تبني وتقوي عضلات الجسم المختلفة، منها عضلات اليدين والساعدين الضرورية لإمساك ورمي الكرة على سبيل المثال. فإذا كان الطفل غير قادر جسديا على القيام بالحركة الصحيحة لذراعيه ويديه فإنه لن يستطيع اللعب بالكرة كرميها والتقاطها على سبيل المثال. ونتيجة ذلك، قد يصاب الطفل بالإحباط لعدم قدرته على اللعب بسبب ضعف عضلات يديه وذراعيه وعدم قدرته على التحكم بها. علاوة على ذلك، فإنه ضمن جلسة العلاج بالحركة يتلقى الطفل مهارات عدة للعب، منها اللعب ضمن جماعة وتبادل وانتظار الأدوار واكتساب مهارات التقليد والمحاكاة الجسدية للآخرين.
وأظهرت الدراسات أن سلوك طفل التوحد يتحسن كثيرا بعد ممارسة تمارين الأيروبك لمدة تتراوح بين 5 و8 دقائق باستمرار.
كذلك، يستمتع طفل التوحد بالألعاب التي تتضمن استخدام العضلات الصغرى، مثل الألعاب التي تعتمد على اللمس واستخدام مهارات الأصابع. يقول دكتور جوها لي، أستاذ وبائيات الصحة بكلية الصحة العامة بجامعة كولومبيا الأميركية “من الضروري تدريب الأطفال المصابين بالتوحد على السباحة حالما يصلون إلى عمر 2 – 3 سنوات، وأن يكون ذلك أولوية قصوى حتى قبل أن يبدأ علاجهم السلوكي من التوحد، حيث إن مهارات السباحة ضرورية جدا لإنقاذ الحياة من الغرق”.
وقد توصل لي وزملاؤه إلى هذه النتائج بعد معاينة بيانات الوفاة لأكثر من 32 مليون طفل في الولايات المتحدة الأميركية، فوجدوا أن حوالي 1370 شخصا مصاباً بالتوحد توفوا غرقا في الفترة بين عامي 1999 و2014.
قالت الرابطة الألمانية لأطباء الأطفال والمراهقين إن الرياضة تمثل حلا مثاليا للأطفال المصابين بفرط النشاط ونقص الانتباه، بالاشتراك مع العلاج الدوائي والرعاية النفسية.
وأوضحت الرابطة أن الرياضة تساعد على رفع مستوى الانتباه والتركيز لدى الأطفال، حيث أنها تحفز ما يعرف بالوظائف التنفيذية بالمخ، والتي تشتمل على الانتباه والتركيز.
وتعد الرياضات التي تعمل على تدريب التتابع الحركي والتناسق الحسي والحركي، مناسبة جدا للأطفال المصابين بنقص الانتباه، مثل رياضات الكرة والتسلق.