بريطانيا لم تعد وجهة مفضلة للتعليم بسبب السياسة المقيدة لعدد الطلاب

لندن - تراجعت الجامعات البريطانية كإحدى المؤسسات التعليمية التي تشهد إقبالا من طلاب ينتمون إلى دول أخرى وذلك بسبب سياسة الهجرة المقيدة لعدد الطلاب والتي تشير العديد من التقارير الصحافية إلى أنها أصبحت تقف عائقا أمام حلم إكمالهم لدراستهم في هذا البلد.
وقال ريتشارد آدمز في صحيفة الغارديان إن القوة الناعمة في بريطانيا التي تستخدمها على مدار السنوات الماضية من أجل التأثير على الشؤون الدولية تتعرض للخطر بسبب سياسات الهجرة، بعد أن كشفت دراسة استقصائية جديدة أن المملكة المتحدة قد تم استبدالها بالولايات المتحدة كوجهة للتعليم بالنسبة إلى القادة السياسيين حول العالم.
ودلل آدمز على ذلك بالاستطلاع السنوي لمعهد سياسة التعليم العالي، الذي تم إجراؤه على رؤساء الدول الحاليين ورؤساء الوزراء والملوك في السلطة في حوالي 200 دولة، والذي وجد أن حوالي 58 منهم درسوا في الولايات المتحدة بينما درس 57 منهم في المملكة المتحدة، وهو تحول من الدراسات الاستقصائية السابقة التي تصدرت خلالها المملكة المتحدة أعلى القائمة.
وقال نيك هيلمان، مدير معهد سياسة التعليم العالي، إن المملكة المتحدة تخاطر بفقدان نفوذ دولي ثمين إذا سمحت لسياسات الهجرة الخاصة بها بتقييد أعداد الطلاب الأجانب الذين يذهبون إلى الجامعات البريطانية.
وأضاف هيلمان “يعتمد بناء قوة ناعمة حقيقية على تعليم الكوادر الرائدة للدول الأخرى. في الماضي، كنا أكثر نجاحا من أي بلد آخر في جذب قادة المستقبل في العالم. لكن هذه الأرقام الجديدة تشير إلى أن مركزنا الأول يقع الآن تحت خطر التهديد. ولضمان عدم تحولنا عن هذا الاتجاه، نحتاج إلى اعتماد استراتيجية تعليمية جريئة، من خلال استثناء الطلاب من سياسة الهجرة الرئيسية للحكومة والترحيب بشكل كامل بمن يأتي طلبا للعلم في جامعاتنا”.
وقال هيلمان “من الوسائل العملية لتحقيق كل ذلك هو إعفاء وزارة الداخلية من السيطرة على شؤون هجرة الطلاب، وإسناد الأمر بكامله إلى الدوائر الحكومية بدلا من ذلك، كما هو الحال في الدول الأخرى”.
وكانت فرنسا تحتل المركز الثالث بعد تخرج حوالي 40 طالبا من جامعاتها، مع بقية العالم لا يزال يحاول أن يقطع شوطا طويلا للحاق بها، بما في ذلك روسيا، التي تخرج منها حوالي 10 طلاب وأستراليا 9 طلاب. وعلى النقيض من ذلك، قامت الصين بتعليم اثنين فقط من القادة السياسيين من خارج أراضيها.
وأدى تحول المشهد السياسي إلى تنحي العديد من زعماء العالم الذين تلقوا تعليمهم في الجامعات البريطانية، ولكن كان من بين القادة عمران خان، رئيس وزراء باكستان الذي درس في جامعة أكسفورد.
ومن بين القادمين الجدد أيضا يوليوس مادا بيو وديفيد فرنسيس، الرئيس ورئيس وزراء سيراليون، الذين درسوا في جامعتي برادفورد وساوثهامبتون ببريطانيا.
وينضم أرمين سركيسيان، رئيس أرمينيا، أيضا إلى دائرة القادة المتعلمين في المملكة المتحدة، بعد أن درس الفيزياء في مرحلة الدراسات العليا في جامعة كامبريدج. إلا أن أحد الأمثلة المثيرة للجدل هو رئيس الوزراء الإيطالي الجديد جوزيبي كونتي، الذي كان ادعاؤه بدراسته في كلية جيرتون في كامبريدج موضوع نزاع.
ويظل الرئيس السوري بشار الأسد مدرجا في القائمة، بعد أن درس علم أمراض العيون في مستشفى “ويسترن آي” في لندن. كما شملت القائمة أيضا عددا من الملوك ورؤساء دول الخليج والشرق الأوسط ممن تلقوا تعليمهم في الكليات العسكرية ببريطانيا.
وتعد الأكاديمية العسكرية الملكية “ساندهيرست” واحدة من أشهر المقاصد التعليمية في المملكة المتحدة التي يتطلع إليها قادة من بعض أصغر الولايات في العالم، بدءا من تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر إلى الأمير ألويس حاكم ليختنشتاين وحسن البلقيه سلطان بروناي.
ويعتبر رئيس أيسلندا غواني جوهنيسون، معلم التاريخ المنتخب في العام 2016، من بين أفضل الرؤساء الذين درسوا في المملكة المتحدة، حيث حصل على الدرجة الجامعية من جامعة وارويك، تليها شهادات دراسة عليا من جامعات أكسفورد ولندن.
ويقر خبراء ومحللون بأنه لا شك أن الأوقات الصعبة والمضطربة وغير المؤكدة التي يواجهها قطاع الجامعات في المملكة المتحدة بدءا من العام 2016 من المتوقع أن تستمر في السنوات التالية خصوصا بعد التركيز على مشروع قانون التعليم العالي والبحث العلمي. وبموجب مشروع القانون الجديد، سيكون بمقدور مقدمي خدمات التعليم البديل الحصول على صلاحيات منح شهادات وألقاب جامعية بسهولة أكبر.
وكان تقرير لمعهد سياسة التعليم العالي قد أظهر أن ثلاثة أرباع من هؤلاء المزودين البديلين، العديد منهم مملوكون للقطاع الخاص وخارجها، سيظلون غير منظمين بعد أن يصبح القانون الجديد ساريا فعليا. وذلك لأن الطلاب في هذه الشركات الصغيرة في الخارج لا يتلقون في الكثير من الأحيان الدعم المالي من شركة القروض الطلابية، وهذا يعني أن المؤسسات لا يتم تسجيلها تلقائيا كمقدم للتعليم العالي. وهذا يعني أيضا أن هذه الأنواع من المؤسسات يمكن أن تنزلق بسهولة عبر الشبكة لأن تسجيلها سيكون اختياريا.
وأشار هيلمان إلى أن أسواق التعليم العالي ليست فعالة أو ضيقة في الوقت الحالي خصوصا في المسائل التنظيمية. وهو ما أكده تقرير حديث صدر عن عن كلية لندن الجامعية.