الشيخ تميم في تركيا: مجاملة أم لكسر جدار الصمت

الدوحة- ذكرت وكالة الأنباء القطرية أن الأمير تميم بن حمد آل ثاني يعتزم زيارة تركيا الأربعاء لإجراء محادثات مع الرئيس رجب طيب أردوغان. تأتي الزيارة فيما تراجعت قيمة العملة التركية مع تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة.
وأوضح بيان صادر عن المكتب الإعلامي للرئاسة التركية أن اللقاء سيجري في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، وسيبحث الزعيمان خلاله العلاقات الثنائية بكل أبعادها، ويتبادلان وجهات النظر بشأن قضايا أخرى ذات الاهتمام المشترك.
وتحافظ تركيا وقطر عادة على روابط جيدة بينهما ودعمت أنقرة الدوحة في خلافها مع السعودية ودول عربية أخرى.
تحاول قطر أن تبدي تعاطفها مع تركيا في مواجهة العقوبات الأميركية المشددة عليها، لكن ذلك قد لا يتجاوز مجرد تغريدة على تويتر كالتي كتبها رئيس الوزراء القطري السابق، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، أو بيان المكتب الحكومي القطري.
يأتي هذا في وقت تجد فيه السلطات التركية نفسها في وضع صعب أمام ضغوط واشنطن، ما قد يدفعها إلى الرهان على التقارب مع روسيا أو الصين الأمر الذي يهدّد علاقتها بحلف شمال الأطلسي، ويربك خططها لعضوية الاتحاد الأوروبي.
ووجه الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رسالة إلى من أسماهم بالشامتين من تدهور الوضع الاقتصادي لتركيا. وكتب على حسابه في تويتر “أنا متأكد أن تركيا ستخرج من هذا الوضع بقوة، قد يأخذ ذلك وقتا ولكنّ هناك إرادة وعملا. قد لا أتفق مع بعض سياسات تركيا، ولكن تركيا المسلمة القريبة لنا لا تستحق منا هذا العداء غير المبرر ولمصلحة من؟”.
ويقول متابعون خليجيون إن تغريدات الشيخ حمد بن جاسم ليست أكثر من تسجيل موقف لاسترضاء تركيا كنوع من ردّ الجميل تجاه موقفها الداعم للدوحة في خلافها مع رباعي المقاطعة، لافتين إلى أن قطر تعرف جيدا أن الولايات المتحدة لن تسمح لها بأكثر من تسجيل “تعاطف كلامي” مع أنقرة.
وتعتقد أوساط خليجية أن الدوحة المقامرة لا تريد المبالغة في إظهار دعمها لحليفها أردوغان، وأنها لا تتقن غير التسلّي. وهذا يعني أنه لا أمل بأن تضخ الدوحة العشرات من المليارات لإنقاذ اقتصاد تركي ينوء تحت دين 300 مليار دولار.
كما أرجع مراقبون هذا التردد القطري إلى خشية الدوحة من استفزاز الولايات المتحدة وخسارة المزيد من النقاط في سياق نفوذها المتراجع في المنطقة.
وتبقى زيارة أمير قطر لأردوغان محل تساؤلات عدة حول الدور القطري هذه المرة هل يأتي في اطار تقديم الشيخ تميم لنفسه كوسيط لنزع فتيل الخلاف مع واشنطن أم أنها من باب الوقوف مع الحليف الابرز في المنطقة وإذا كان ذلك صحيحا فلماذا كل هذا التأخير في دعم تركيا.
وقطر الغارقة في أزمات متعددة والمتورطة في دعم الإرهاب لا تريد المزيد من الخلافات كما أن رهانها على المال قد لا ينجح في حل أزمة الليرة وهو ما دفعها إلى التردد والتريث قبل اتخاذ أي موقف وفق ما أفاد متابعون.
وتجد الدوحة نفسها في مشكلة حقيقية، فإذا ساهمت بالقليل، فسيبتلعه الثقب المالي الأسود الذي يتشكل الآن في ضوء استمرار تهاوي العملة التركية، وإذا ساهمت بالكثير، فإن عليها تحمل تبعات خطيرة على اقتصادها وهي التي لا تزال تعاني بسبب المقاطعة الإقليمية.
وفقدت العملة التركية نحو 40 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام، بعدما ضاعف الرئيس الأميركي يوم الجمعة الماضي،الرسوم الجمركية على واردات الألومنيوم والصلب التركية، وذلك بعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين، بذريعة عدم الإفراج عن القس الأمريكي أندرو برانسون الذي تحتجزه تركيا بتهم تتعلق بالإرهاب.
وردا على هذه الخطوة، دعا الرئيس التركي مواطنيه لدعم الليرة ومقاطعة المنتجات الإلكترونية الأميركية، واصفا العقوبات بأنها حرب اقتصادية، وهدد بالتخلي عن الدولار الأميركي في التجارة مع دول أخرى.