متى تقتل الطابعة ثلاثية الأبعاد البشر

عصر البندقية القابلة للتحميل من الإنترنت يثير جدلا واسعا وخبراء يرون أنه يشكل انتكاسة لجهود السيطرة على السلاح.
الأحد 2018/08/05
تقنية تفتح أبواب الجريمة

التكنولوجيا الحديثة تتطور سريعا وتقدم حلولا لمشاكل كثيرة اعترضت الإنسان في حياته وعمله، لذلك تستحسنها الأغلبية من الناس، بالمقابل لا يعي هؤلاء العواقب السلبية والتهديدات التي يمكن أن تخلفها الاكتشافات التكنولوجية، من ذلك صناعة الأسلحة بطابعة ثلاثية الأبعاد تجعل البشر غير آمنين في حياتهم

واشنطن - أصدر قاض أميركي الثلاثاء أمرا تقييديا مؤقتا يمنع الحكومة الاتحادية من السماح بتوزيع التصميمات التفصيلية ثلاثية الأبعاد للأسلحة عبر الإنترنت، حسبما ذكر المدعي العام لولاية واشنطن.

وتعمل مؤسسة “ديفونس ديستربيوتد”، والتي تتخذ من مدينة أوستن بولاية تكساس مقرا لها، على تطوير مخططات الأسلحة النارية الرقمية التي يمكن تحميلها من خلال موقعها وتصنيعها باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد، ويقود المؤسسة كودي ويلسون، والذي أطلق قبل خمس سنوات ما يسميه الآن “عصر البندقية القابلة للتحميل”، وهو العصر الذي يمكن فيه لأي شخص استخدام طابعة ثلاثية الأبعاد لتصنيع سلاح ناري في منزله.

وقاد بوب فيرغسون، المدعي العام لولاية واشنطن، ثماني ولايات أخرى وواشنطن العاصمة في دعوى قضائية ضد الحكومة الاتحادية، بعد أن سمحت لأحد أنصار حقوق حيازة السلاح بتوزيع التصميمات.

ودفعت الدعوى بأن السلاح المطبوع طباعة ثلاثية الأبعاد، وليس له رقم مسلسل ولا يحتوي على أي أجزاء معدنية تقريبا، يجعل هناك احتمالية أن يمر حامله عبر أجهزة الكشف عن المعادن دون أن يتم اكتشاف حيازته له، وقد يقع في أيدي مجرمين وإرهابيين.

ونشرت مؤسسة “ديفونس ديستربيوتد” عبر موقعها، “من 1 أغسطس 2018 سيبدأ عصر الأسلحة القابلة للتحميل رسميا”.

وبناء عليه سيتم إعادة تشغيل موقع “ديفكاد” حيث سيتضمن مخططات وتصاميم لعدة أنواع من الأسلحة الفردية، كما سيعطي الموقع للمستخدمين خيار اقتراح وتقديم تصاميم، على أمل أن يتحول إلى قاعدة بيانات كبرى للمهتمين بالأسلحة المصنوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

وتتضمن مخططات الأسلحة المعروضة على موقع “ديفونس ديستربيوتد” مسدس “لبيرايتر” بالإضافة إلى بندقية AR-15 وVZ-58 وهي بندقية هجومية تشيكوسلوفاكية.

ويقول الخبراء إن السماح بنشر مخططات الأسلحة النارية ثلاثية الأبعاد يشكل انتكاسة لا حدود لها لجهود السيطرة على السلاح في الولايات المتحدة، حيث يمكن لأي شخص لديه المخططات والطابعة ثلاثية الأبعاد صناعة سلاح ناري في منزله واستعماله دون ضوابط.

وتوزع شركة “ديفونس ديستربيوتد” بالفعل أجزاء تسمح للمستخدمين بتصنيع أسلحتهم النارية غير القابلة للتسجيل، والمعروفة باسم “غوست غانز” لعدم وجود أرقام تسلسلية.

يمكن لأي شخص لديه المخططات وطابعة {3 دي} والمادة البلاستيكية صناعة سلاح ناري في منزله
يمكن لأي شخص لديه المخططات وطابعة "3 دي" والمادة البلاستيكية صناعة سلاح ناري في منزله

وتكمن أبرز مخاطر هذه الأسلحة في عدم اكتشافها عبر البوابات الأمنية وأجهزة كشف المواد المعدنية.

ويقول ديفيد تشيبمان الذي يعمل مستشارا لمجموعة “غيفوردز” المناصرة لحظر السلاح، “الآن بدأ المجرمون يستخدمون ‘غوست غانز” كوسيلة للالتفاف على لوائح الأسلحة الهجومية، وأتخيل أن الناس سيبدأون أيضا في طباعة الأسلحة للالتفاف على القوانين”.

يذكر أن الشركة المثيرة للجدل قد صممت في 2012 مسدسا بلاستيكيا ثلاثي الأبعاد يحمل اسم” لبيرايتر 380” ووضعت مخططاته على الإنترنت.

ونجحت سنة 2013 في إطلاق النار بنجاح من أول مسدس في العالم مصنوع بتكنولوجيا الطابعة ثلاثية الأبعاد في الولايات المتحدة الأميركية. وقد استغرقت الشركة عاما في محاولة لصنع هذا السلاح، وتم تجربته بنجاح في منطقة لإطلاق النار جنوب أوستن في ولاية تكساس.

وتم صنع هذا المسدس من خلال طابعة ثلاثية الأبعاد يبلغ ثمنها 8 آلاف دولار من موقع “إي باي للمزاد” على الإنترنت. وتم تجميع هذا السلاح من مكونات منفصلة مطبوعة من مادة إيه.بي.أس البلاستيكية، لكن الرصاص فقط مصنوع من المعدن.

وتم تنزيل تصميم المسدس أكثر من 100 ألف مرة قبل أن يحجب المسؤولون الفيدراليون موقع الشركة مستشهدين بقانون التصدير الدولي المُطبق من قبل اللوائح الدولية لحركة الأسلحة، والذي ينص بشكل أساسي على عدم تصدير الأسلحة دون ترخيص.

وقال ويلسون إثر نجاح صناعة مسدس “لبيرايتر 380”، “هناك طلب على هذا السلاح، وهناك دول في جميع أنحاء العالم تقول إنه لا يمكنك امتلاك أسلحة نارية، ولم يعد هذا صحيحا بعد الآن”.

وأضاف، “أرى عالما تقول فيه التكنولوجيا إنك تستطيع أن تمتلك أي شيء تريده، فلم يعد هذا الأمر يخص اللاعبين السياسيين بعد الآن”. وفي سؤاله بشأن ما إذا كان يشعر بالمسؤولية حول من يمكن أن يقع في أيديهم هذا السلاح، قال ويلسون لوسائل إعلام بريطانية، “إنني أدرك أن هذه الأداة يمكن أن تستخدم لإيذاء آخرين، وهذا هو السبب وراء صنع هذه الأداة، فهي مسدس”. ولصناعة هذا المسدس، حصل ويلسون على رخصة من مكتب الولايات المتحدة للكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات.

وقالت دونا سيلر من هذا المكتب آنذاك، إن المسدس المطبوع بالتقنية ثلاثية الأبعاد مسموح به قانونيا في الولايات المتحدة، طالما أنه لم يكن سلاحا من الأسلحة المجرمة قانونيا مثل الأسلحة الآلية.

وأضافت، “في الولايات المتحدة، يمكن للشخص تصنيع سلاح آلي لاستخدامه الخاص، لكن إذا كان هذا الشخص ينخرط في التصنيع من أجل أغراض تجارية، فعليه أن يحصل على رخصة بذلك”.

وقد استخدمت تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد من قبل بعض المنظمات الإجرامية لصناعة بطاقات القارئ الإلكتروني، والتي تعرف باسم “سكيمرز” والتي يتم استخدامها في ماكينات البنوك لأغراض السرقة.

تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد من الممكن إساءة استخدامها في طباعة أسلحة، لكنها على الجانب الآخر تقدم العديد من الحلول الإيجابية وخاصة منها الطبية على سبيل المثال.

17