مبيعات الكتب عبر الإنترنت تزاحم المشتريات الورقية

أمام موجة الإقبال على المنصات الرقمية لمطالعة الكتب ومواكبة آخر التطورات العلمية ظهرت العديد من المبادرات المشجّعة على حمل الكتاب بدل تحميله.
الاثنين 2018/07/23
المراجع النادرة والقديمة لا يمكن العثور عليها عبر الإنترنت

نيويورك- أفرز دخول التكنولوجيا في تفاصيل الحياة اليومية حدوث عدة تغيرات وعادات دأب عليها البشر، لتتحول معايشتهم لهذه العوائد من الواقع الملموس إلى العالم الافتراضي، من ذلك المطالعة التي انتقلت شيئا فشيئا من مجالسة الكتاب إلى مؤانسة الكمبيوتر.

وفيما كان يقال سابقا إن “خير جليس في الأنام كتاب” لكن اليوم صار هذا الكتاب رقميا يباع ويشترى ويحمل ويقرأ عبر الإنترنت، وأثبتت عدة تقارير أن نسب مبيعات الكتب عبر الإنترنت في تزايد متواتر.

وبحسب أرقام نشرتها جمعية دور النشر الأميركية مؤخرا، فإن مبيعات الكتب عبر الإنترنت في الولايات المتحدة تساوت للمرة الأولى في العام 2017 مع تلك المسجلة في المكتبات.

وبلغ رقم الأعمال الذي حققه الناشرون عبر قنوات التوزيع الإلكترونية 7.5 مليار دولار مقابل 7.6 مليارات للمؤلفات التي تم شراؤها في مراكز البيع التقليدية. وكانت المبيعات الورقية في العام 2016 أعلى بشكل واضح عن تلك المسجلة عبر الإنترنت مع 7.95 مليارات دولار في مقابل 7.13 مليارات.

الإنترنت أفرزت نوعا جديدا من أنواع القراء وزبونا من نوع مختلف صار يفضل تمضية الوقت أمام الكمبيوتر للقراءة بدل الإمساك بكتاب

وفي المجموع فقد تم بيع 2.72 مليار كتاب في الولايات المتحدة العام 2017، وهو رقم مشابه للعام السابق (2.71 مليار). وقد استفادت السوق عموما من النمو الكبير المتواصل للكتب المسجلة التي ارتفعت مبيعاتها بنسبة 28.8 بالمئة مقارنة بالسنة السابقة ليصل مجموعها إلى 820 مليون دولار.

وأعلنت شركة “أمازون دوت كوم” التي أسسها جيف بيزوس خصيصا لبيع الكتب عبر الإنترنت في مرآبه في عام 1994، أن قيمتها السوقية وصلت إلى 900 مليار دولار للمرة الأولى مسجّلة علامة بارزة في مسارها الذي بدأته قبل 21 عاما كشركة مدرجة للتداول العام.

وتمكنت أمازون من النجاة من أزمة شركات التكنولوجيا، ثم توسعت لاحقا ليشمل نشاطها قطاع التجزئة ككل، ولتغير طريقة أسلوب شراء المستهلكين للمنتجات. وعلى الرغم من انتشار الوسائط الإلكترونية بشكل واسع في تونس مثلا، إلا أن الطلاب والجامعيين والمثقفين مازالوا يتوافدون على أرصفة بيع الكتب القديمة للبحث عن المراجع والكتب والموسوعات النادرة.

ويمكن للزائر أن يقضّي أكثر من ساعتين وهو يقلّب الكتب من رصيف إلى آخر وقد ينتهي به الأمر إلى اقتناء عناوين لم يخطط لشرائها بشكل مسبق. وقال معمر بوعزيزي، وهو أحد الباعة العارضين، “طبيعي أن تؤثر الإنترنت والثورة الرقمية على المبيعات، لكن المراجع النادرة والقديمة لا يمكن العثور عليها عبر الإنترنت. هنا المنبع لكل العناوين المطلوبة”.

لكن بوعزيزي (70 عاما) وباقي الباعة لا يخفون تراجع مبيعاتهم من الكتب القديمة فضلا عن تأثر حركة السوق بانتشار الوسائط الإلكترونية. وأكد حمزة، الذي يعمل بائعا للكتب في متجر أبيه، “لا يبدو مستقبل الكتب القديمة واضحا كما ليس معلوما للباعة إلى أي مدى ستصمد في وجه التحولات التكنولوجية واهتمامات القراء الجدد”.

السوق عموما استفادت من النمو الكبير المتواصل للكتب المسجلة التي ارتفعت مبيعاتها بنسبة 28.8 بالمئة مقارنة بالسنة السابقة ليصل مجموعها إلى 820 مليون دولار

وفي المقابل ذكرت إحصائيات اتحاد الناشرين ببريطانيا، الذي يسجل مبيعات فواتير الناشرين عن عام 2017، أن مبيعات الكتب الورقية مستمرة في التفوق على الرقمية، حيث ارتفعت العائدات بنسبة 5 بالمئة العام الماضي، بينما ارتفع إجمالي دخل مبيعات الكتب الرقمية بما في ذلك الصحف بنسبة 3 بالمئة.

وأشارت الأرقام إلى أن الكتب الإلكترونية للمستهلكين تمثل 35 بالمئة من قيمة المبيعات الرقمية للفواتير في مبيعات الناشرين في المملكة المتحدة في عام 2017، بعد أن كانت 51 بالمئة في عام 2013.

وكشفت الأرقام أنه في الفترة بين عامي 2013 و2017، تراجعت عائدات الناشر من الكتب الإلكترونية للمستهلكين بمقدار الربع، في حين زادت مبيعات تنزيل الكتب الصوتية بأكثر من الضعف.

وأمام موجة الإقبال على المنصات الرقمية لمطالعة الكتب ومواكبة آخر التطورات العلمية والاطلاع على أجدّ الأحداث العالمية ظهرت العديد من المبادرات المشجّعة على حمل الكتاب بدل تحميله والتفاعل مع الأوراق عوضا عن الأرقام والأزرار.

وبدأت مجموعة من الشباب ببعض الدول العربية على غرار ما يحدث في الدول الغربية بمحاولات لنشر ثقافة المطالعة، لا سيما بالأماكن العمومية من جديد من خلال وضع مكتبات بقلب الشارع وإثرائها بالكتب أو عبر مكتبات متنقلة في حافلات أو عربات متجولة.

ومع ذلك فإن الإنترنت أفرزت نوعا جديدا من أنواع القراء وزبونا من نوع مختلف صار يفضل تمضية الوقت أمام الكمبيوتر للقراءة بدل الإمساك بكتاب، كما أضحى يبحث عن ضالته عبر الإنترنت ويعقد صفقة شراء وبيع عبرها ربحا للوقت والمجهود المهدر بين كمّ ضخم من الكتب سواء في المكتبات أو على الأرصفة.

12