سائقو الدراجات يواجهون الموت يوميا في شوارع لندن

لندن – سائق سيارة أجرة يتجاوز سائق دراجة بوسط لندن، بالكاد يشعر صاحب الدراجة بالتهديد فينقر النفير كردة فعل سريعة، لكن سائق السيارة يتوقف ثم يتجاوزه مجددا، هذه المرة تحتك المركبة بالدراجة بصورة طفيفة وبعد ذلك يسقط سائق الدراجة الذي ينجو بأعجوبة بعد إصابته بكدمات.
تم تصوير المشهد وعرضه على الموقع الإلكتروني لصحيفة ايفينغ ستاندر لتوضيح العلاقة المتوترة بين من يستخدمون السيارات والذين يقودون الدراجات في أنحاء العاصمة البريطانية.
وتلقى الدراجات في بريطانيا رواجا هائلا عند قاطنيها وخاصة في مدنها المكتظة، وركوب الدراجات هناك ليس حكرا على عامة الناس أو أصحاب الدخل المحدود؛ بل يشمل الموظفين ورجال الأعمال وحتى السياسيين.
وبحسب تصنيف السلامة المرورية الذي أصدرته منظمة غرين بيس، فإنه من بين 13 مدينة أوروبية، تعد لندن ثاني أسوأ مدينة بالنسبة لسائقي الدراجات، وتتقدم عليها روما فقط كمدينة أكثر خطورة بالنسبة لمن يختارون استخدام الدراجات فيها. وخلال عام 2016، لقي ثمانية من سائقي الدراجات حتفهم في لندن، وفي ظل وقوع 251 حادثا لكل عشرة آلاف رحلة بالدراجات، من الواضح أن المدينة البريطانية خطيرة بصورة خاصة.
ولغرض المقارنة، سجلت برلين 15 حالة وفاة بين سائقي الدراجات في نفس الفترة، ولكن في ضوء بلوغ النسبة 13 بالمئة، تعتبر حصة الطرق التي يسلكها سائقو الدراجات في برلين أعلى بدرجة كبيرة من نسبتها في لندن، التي تبلغ 2 بالمئة.
وأمام كثرة الحوادث التي يتعرض لها سائقو الدراجات الهوائية بات الكثير منهم يخشى على سلامته في شوارع لندن.
ووفقا لاستطلاع لجامعة رويال هولوواي وكلية كينغز، فقد قال أكثر من 70 بالمئة من سائقي الدراجات إنهم يشعرون بالخوف عندما يقودون دراجاتهم في لندن. وقال العديد ممن تم استطلاع آرائهم، إنهم حتى يشعرون بأن السائقين الآخرين يحاولون إلحاق الضرر بهم عن عمد. وقد تم استطلاع آراء أكثر من 320 شخصا من الذين يقومون بقيادة دراجات بصورة منتظمة.
لندن تعد ثاني أسوأ مدينة بالنسبة لسائقي الدراجات، وتتقدم عليها روما فقط كمدينة أكثر خطورة بالنسبة لمن يختارون استخدام الدراجات فيها
وحتى المشهورين من الرياضيين والفنانين قد يتعرضون لمثل هذه المضايقات عندما يفكرون في ركوب الدراجات في شوارع لندن، فقد تعلم المغني إد شارين هذا الدرس بصورة صعبة، بعدما أصيب في حادث دراجة العام الماضي وانتهى الأمر بوضع ضمادة على إحدى ذراعيه وربط ذراعه الأخرى، مما دفعه لإلغاء عدة حفلات.
وسعى الممثل الكوميدي البريطاني جاي فوريمان للتوصل لتفسير الخطر الذي يتعرض له سائقو الدراجات من خلال إجراء حوارات مع غرباء بصورة عشوائية في مقطع فيديو، وجاءت معظم الردود بالتعجب “أنا أقود دراجة في لندن؟ لا وإن فعلتها فذلك يعني أنني سوف أموت أو سوف أكون مجنونا للغاية لو قدت دراجة في هذه المدينة”.
وخلص فوريما إلى أن المشكلة تنبع من تصميم الكثير من الطرق لحركة مرور السيارات فقط، الكثير من المنعطفات التي يصعب التركيز عليها كما أنه لا توجد مسارات محددة للدراجات.
وعلى الرغم من ذلك، يمكن أن تتحسن الأمور ببطء، فمنذ عامين، تم تركيب عدة إشارات مرور عند عدة تقاطعات تظهر إشارات خضراء وحمراء قبل السيارات بفترة قصيرة.
وعلى مدار الخمسة أعوام المقبلة، تريد وزارة النقل استثمار 2.9 مليون دولار لجعل الشوارع أكثر نظافة وأمنا.
وبما أن الكثير من الشاحنات تكون طرفا في حوادث الدراجات، فإنه سوف يتم منع الأكثر خطورة منها من السير بوسط لندن بحلول عام 2020.
وسوف يتم نشر المزيد من أفراد شرطة المرور، وسوف يواجه سائقو الدراجات الذين يتم رصد قيادتهم بأسلوب خطير عقوبات وفقا للتغيرات المطروحة لأن سائقي الدراجات ليسوا هم دائما الضحايا.
وعلى سبيل المثال، صدر حكم العام الماضي بحق شاب يبلغ من العمر 20 سنة بالسجن لمدة 18 شهرا مع وقف التنفيذ عقب تسببه في وفاة سيدة حين كان يقود دراجة سباقات دون فرامل فاصطدم بالسيدة دون أن يتمكن من تلافي الحادث.
وهناك أيضا قضية التلوث التي تؤثر على سائقي الدراجات والمشاة على حد السواء، فبحسب منظمة غرين بيس، فإن لندن تأتي في أقل مستوى ضمن دول أوروبا، بجانب برلين وروما وبودابست وباريس.
وتعد مستويات ثاني أكسيد النيتروجين في لندن أعلى من حدود الاتحاد الأوروبي، كما أنها لها تأثير ضار على البيئة وصحة المواطنين.
ولذلك يرتدي الكثير من سائقي السيارات أقنعة على الفم والوجه، وهذا أيضا خطر آخر يتعين مواجهته في شوارع لندن.