اللاجئون السوريون في انتخابات تركيا: رفض المعارضة وتلاعب العدالة والتنمية

مجموعة الأزمات الدولية تؤكد أن العنف بين السوريين والأتراك زاد ثلاثة أضعاف في النصف الثاني من عام 2017.
الأربعاء 2018/06/06
سيمضون العيد في سوريا ثم يعودون لاجئين إلى تركيا

دومينيك إيفانز ويسيم ديكمان

بورصة (تركيا) - لا يملك الملايين من اللاجئين السوريين في تركيا حق التصويت في الانتخابات التي تجرى يوم 24 يونيو 2018، لكنهم يمثلون مادة انتخابية دسمة للرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، الذي اختار من بين مرشحيه للانتخابات البرلمانية رجل أعمال سوري المولد، في حين سارت المعارضة التركية في الطريق المعاكس وصعّدت من حدة خطابها ضد اللاجئين السوريين في تركيا.

انتقل محمد الشيخوني، من مدينة حماة السورية إلى تركيا منذ عشر سنوات، قبل أن يؤدي الصراع والانهيار في بلاده إلى موجات تدفق من مواطنيه للجوء إلى جارتهم الشمالية؛ وهو الآن رئيس شركة للسفر والبناء في مدينة بورصة الصناعية (شمال غرب تركيا) ومرشح لحزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات.

وقال الشيخوني، الذي غير اسم عائلته إلى أردوغان، تأثرا بالرئيس التركي، “تركيا فتحت أبوابها أمام السوريين ورحّبت بهم ولا تزال تقول إننا أشقاء وهذا بلدكم”. لكن، كلمة أردوغان الشاب (34 عاما)، ضمن حملته الانتخابية تبدو بعيدة عن الواقع مع تزايد مشاعر العداء تجاه اللاجئين السوريين.

ذلك الترحيب، الذي يتحدث عنه أردوغان السوري في تراجع، إذ ينتقد الكثير من الأتراك التكلفة الاقتصادية لتدفق السوريين والتوترات الطائفية. كما يؤجج خصوم حزب العدالة والتنمية الحاكم تلك المخاوف.

وانتقد محرم إنجيه، مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض لانتخابات الرئاسة، أردوغان لسماحه لعشرات الآلاف من اللاجئين بالعودة إلى سوريا في العيد ثم العودة إلى تركيا مرة أخرى.

78 بالمئة من الأتراك يعتقدون أن بلدهم ينفق أموالا أكثر من اللازم على رعاية اللاجئين

وقال لمحطة سي.أن.أن ترك التلفزيونية “هذا خطأ.. 72 ألف شخص يذهبون لقضاء العطلة ويمضون أسبوعا أو عشرة أيام ثم يعودون.. إذا كان بإمكانهم الذهاب والعودة فعليهم البقاء هناك للأبد.. هذا حكم طائش".

ومع تصاعد القلق من تأثير اندماج السوريين على التركيبة الديموغرافية لتركيا، ذهبت المرشحة الرئاسية ميرال أكشينار، في أول خطاب لها ضمن حملتها الانتخابية إلى حد قطعها وعدا بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مُعتبرة أن وجودهم “في تركيا ترك أثرا سلبيا على اقتصاد البلاد نتيجة سياسة أرودغان الخاطئة".

 وقالت أكشينار “أعدكم بأن اللاجئين السوريين في تركيا سيتناولون إفطار شهر رمضان في 2019، برفقة إخوانهم في سوريا”.

لكن، يقلل محمد أردوغان من أمر الانتقادات والتوترات. ويقول إن الوقت “حان ليصبح للسوريين صوت رسمي على الساحة السياسية التركية”. وقال “كل هؤلاء السوريين في تركيا. يجب أن يكون هناك من يمثلهم إذا أراد الشعب التركي ذلك”.

يعيش في بورصة، العاصمة الأولى للدولة العثمانية، 140 ألف لاجئ إلى جانب نحو مليوني تركي. ويمثل هؤلاء اللاجئون جزءا من أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري ينتشرون في أنحاء تركيا بعد أن فروا من الصراع المحتدم في بلادهم منذ عام 2011.

ومع ارتفاع التضخم وتكاليف المعيشة يعتقد الكثير من الأتراك أن العمالة السورية الرخيصة قلصت الأجور وزادت من حدة التنافس على الوظائف التي لا تتطلب مهارة عالية.

 وقالت مجموعة الأزمات الدولية إن العنف بين السوريين والأتراك زاد ثلاثة أضعاف في النصف الثاني من عام 2017.

ترشح رجل الأعمال السوري محمد الشيخوني، الحاصل على الجنسية التركية، والذي غير اسم عائلته إلى أردوغان في الانتخابات البرلمانية، في خطوة لا تلقى ترحيبا تركيا واسعا
ترشح رجل الأعمال السوري محمد الشيخوني، الحاصل على الجنسية التركية، والذي غير اسم عائلته إلى أردوغان في الانتخابات البرلمانية، في خطوة لا تلقى ترحيبا تركيا واسعا

وأظهر استطلاع أجراه مركز التقدم الأميركي للأبحاث السياسية في فبراير 2018 أن 78 بالمئة من الأتراك يعتقدون أن بلدهم ينفق أموالا أكثر من اللازم على رعاية اللاجئين. في تلك الفترة تصاعدت تصريحات أردوغان المطمئنة للأتراك بأن السوريين لن يبقوا في تركيا للأبد، ووصف العمليات العسكرية في شمال سوريا بأنها وسيلة لإعادة الاستقرار حتى يتسنى عودة بعض اللاجئين.

وشيّدت تركيا أيضا جدارا على الحدود في تأكيد للرسالة بأن سياسة “الباب المفتوح” التي اتبعتها أنقرة خلال السنوات الأولى للصراع في سوريا قد انتهت وإرغام عشرات الآلاف من النازحين على العيش في مخيمات على الجانب السوري.

وحصلت مجموعة صغيرة من السوريين من أصحاب المهارات العالية مثل الأطباء والمدرسين على الجنسية التركية. وقال مسؤول تركي إن العدد يزيد قليلا على 50 ألفا.

وقال عمر كدكوي، الباحث بمؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية التركية، إن الشعور تجاه السوريين يزداد سوءا في تركيا وإن الساسة يبعثون بنفس الرسالة بوجه عام.

وبعد استعادة الرئيس السوري بشار الأسد بدعم من روسيا وإيران أراضي والمنطقة التي كانت قوات المعارضة تسيطر عليها في الشمال والتي فر منها الكثير من اللاجئين تحت وطأة البراميل المتفجرة والأسلحة الكيمياوية والخاضعة جزئيا لسيطرة المتشددين، فإن السوريين ليسوا في عجلة من أمرهم للعودة.

وقال محمد نزار، وهو مدرس من حلب يعيش الآن في مدينة إسطنبول، التي تستضيف أكثر من نصف مليون لاجئ سوري وفقا لما تقوله الأمم المتحدة، “لسنا هنا ليوم أو يومين ثم نعود إلى بلدنا”. وأضاف “هناك بعض الأشخاص الذين يعيشون هنا منذ خمسة أو ستة أعوام. يجب أن يكون ثمة ممثل برلماني (للسوريين) في الحكومة التركية”.

ولا يحظى محمد أردوغان بمكانة بارزة على قائمة مرشحي حزب العدالة والتنمية لمنطقة بورصة مما يعني ضرورة أن يحقق الحزب نتائج طيبة كي يتمكن أردوغان من الفوز بمقعد في البرلمان. وواجه محمد أردوغان استقبالا متباينا في شوارع بورصة.

وقال إكرام أوجورلو “أنا أوافق (عليه) إنه أخونا المسلم”. لكن فيليز جوني وهي ربة منزل كانت أكثر تشككا. وقالت “لا يمكن أن يكون عضوا بالبرلمان.. الشخص الذي لا يعرف مشكلات تركيا لا يمكن أن يمثلها”.

6