الرياض في جولة جديدة لمواجهة تحديات سوق العمل

الرياض – جاءت أكبر إشارة ترحيب بتعيين وزير العمل السعودي الجديد أحمد بن سليمان الراجحي من بورصة الرياض التي قفز مؤشرها الرئيسي بنسبة 2 بالمئة أمس وسط حالة من التفاؤل بأن ينعكس ذلك على النشاط الاقتصادي للشركات.
وقال خبراء اقتصاديون إن تعيين الراجحي، وهو رجل أعمال بارز، وزيرا للعمل يمكن أن يساهم في تهيئة بيئة ملائمة لقطاع الأعمال، وتعزيز التواصل بين القطاعين العام والخاص، والمساعدة في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وأصبح الراجحي ثالت وزير للعمل خلال 3 سنوات شهدت إصلاحات قاسية تهدف إلى تقليل اعتماد الاقتصاد على العمالة الوافدة، وشملت فرض رسوم على تشغيل الأجانب، وأدت إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية للشركات وانخفاض هامش الأرباح.
ولاقت الخطوة ترحيبا كبيرا من القطاع الخاص في وقت تسعى فيه الحكومة السعودية لتنوع اقتصادها بعيدا عن النفط وتوفير فرص عمل للشباب الذين يمثلون غالبية السكان.
ويمثل حصول مئات آلاف السعوديين العاطلين عن العمل على وظائف، التحدي الأكبر لبرنامج الإصلاحات الذي يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يشرف على السياسة الاقتصادية في أكبر مصدر للنفط في العالم في وقت تصل فيه نسبة البطالة إلى 12.8 بالمئة.
ونسبت رويترز إلى مسؤول كبير بوزارة العمل قوله إن الحكومة تهدف إلى توفير 1.2 مليون فرصة عمل بحلول عام 2022 من أجل خفض نسبة البطالة إلى 9 بالمئة.
وينبع اختيار الراجحي، وهو رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية وسليل ملياردير مصرفي إسلامي، من اتجاه أوسع للاستفادة من القطاع الخاص في شغل المناصب الحكومية العليا ومن بينها وزير الإسكان.
وكانت تقارير صحافية قد ذكرت العام الماضي أن الراجحي كان ضمن وفد يضم 10 رجـال أعمـال يمثلـون القطاع الخـاص التقوا مع ولي العهد لبحث مدى تـأثر القطاع الخاص بإجراءات التقشف التي تستهدف خفض العجز في الموازنة وزيادة رسوم توظيف الأجانب والتي تسهم في رحيل المغتربين.
وقال الاقتصادي السعودي البارز فضل البوعينين إن “بعض برامج وزارة العمل ربما انفصلت في بعض مراحل تشكيلها عن القطاع الخاص ما أثر سلبا في فاعليتها”.
ويرجح خبراء الاقتصاد أن يعمل الراجحي على توفير بيئة مواتية لقطاع الأعمال على نحو أكبر ويعزز الاتصال بين القطاعين العام والخاص ويساعد في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأكد رجل أعمال سعودي أن تعيين الراجحي هو “أفضل خبر سمعناه خلال السنوات القليلة الماضية. نحن متفائلون للغاية”.
وفرضت وزارة العمل على الشركات التي تقل فيها العمالة الأجنبية عن نظيرتها السعودية سداد 960 دولارا عن كل موظف أجنبي في العام الحالي، ترتفع على مرحلتين لتصل إلى حدها الأقصى البالغ 2240 دولارا سنويا في عام 2020.
وترتفع رسوم كل عامل أجنبي في الشركات التي يزيد فيها عدد العمالة الأجنبية عن نظيرتها المحلية إلى 1280 دولارا في العام الحالي عن كل عامل يزيد على عدد المواطنين وترتفع أيضا على مرحلتين لتصل إلى 2560 دولارا اعتبارا من عام 2020. ويقول مراقبون إن تلك الرسوم أدت إلى تباطؤ نشاط الشركات وزيادة التكاليف التشغيلية وضغط هوامش الأرباح بدرجة كبيرة.
وطالبت شركات تجارية وصناعية بتطبيق رسوم العمالة الوافدة تدريجيا وجبايتها على أقساط بدل تسديدها مقدما ولمدة سنة كاملة. وأكدت أن ذلك يربك الحسابات المالية للكثير من نشاطات القطاع الخاص.
ويريد رجال الأعمال تقسيم الزيادات الكبيرة المقررة على مدى 3 سنوات ورفعها تدريجيا على مدى 8 سنوات لتصل إلى حدها الأقصى بحلول عام 2025.
وذهب مسؤولو الشركات إلى اقتراح اعتبار تلك الرسوم رصيدا للشركات لدى وزارة العمل، في حالة الخروج النهائي للموظف الأجنبي، نتيجة توطين المهنة التي يعمل بها.
وأكد محللون أن هذا الاقتراح يمكن أن يعطي أرباب العمل حافزا كبيرا لتسريع سعودة الوظائف من أجل استعادة الرسوم التي دفعوها، ما يساهم في تحقيق أهداف “سعودة الوظائف خلال سقف زمني أقصر”.
ودخلت إصلاحات سوق العمل في فبراير الماضي مرحلة جديدة بإصدار قرار يحظر عمل الأجانب في 12 نشاطا ومهنة في مبيعات التجزئة ويقصر العمل في وظائفها على السعوديين فقط، بعد إجراءات مماثلة في قطاعات أخرى.
ويلاحظ مراقبون تحولا جذريا إلى العلاجات القاطعة بحصر الوظائف في قطاعات كثيرة على المواطنين، بعد أن عجزت السياسات السابقة عن سعودة الوظائف بسبب وجود ثغرات تسمح للشركات بالإفلات منها.
ويرى محللون أن السياسات الجديدة يمكن أن تغير ثقافة العمل في البلاد بسبب الاعتماد حصرا على السعوديين، الأمر الذي يرفع إنتاجيتهم والتزامهم بقواعد وساعات العمل.
وأكدوا أن جهود خفض العمالة الوافدة يمكن أن تعالج الكثير من الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية وتعزز جهود تنويع الاقتصاد وبنائه على أسس مستدامة.
ونسبت وكالة بلومبيرغ للأخبار الاقتصادية إلى كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري مونيكا مالك قولها أمس إن تغيير وزراء العمل بهذا الإيقاع السريع يظهر صعوبة خلق الوظائف ويؤكد أن إجراءات التقشف زادت من صعوبة ذلك.