تخمة إعلانات رمضان بالمشاهير تفقدها هدفها

القاهرة - قررت شركات الاتصالات في مصر استقطاب حشد كبير من المشاهير في إعلانات رمضان هذا العام، وأصبح الإعلان الذي لا تتعدى مدته دقيقتين يضم 15 نجما من نجوم الغناء والتمثيل وكرة القدم. ولعب منتجو الإعلانات على وتر جذب القطاعات العمرية المختلفة عبر الاستعانة بمشاهير ذوي أعمار متباينة.
ويحاول هؤلاء اللعب على وتر فكرة العائلة واللُّحمة الجماعية في رمضان بالتركيز على الجيران أو حالة اللُّحمة المصرية وراء تشجيع المنتخب في كـأس العالم، أو طقوس رمضان من تجمع العائلات ومبالغات المواطنين في حياتهم، مع دخول لاعبي الكرة على الخط مستفيدين من صعود منتخب الفراعنة لكأس العالم في روسيا، لأول مرة منذ 28 عامًا.
ويقول سامي عبدالعزيز، الخبير الإعلاني لـ”العرب”، إن الإبداع لا يجب أن يكون على حساب المنتج أو الخدمة التي تسوق لها، والتخمة الكبيرة من النجوم والمشاهير الذين تتم الاستعانة بهم، تأتي على حساب مواصفات وفوائد المنتج الذي يتم الإعلان عنه.
ويضيف عبدالعزيز، الجمهور كان يسأل في الماضي هل رأيت إعلان المنتج الفلاني؟ والآن يسأل هل رأيت إعلان الفنان الفلاني؟ الأمر الذي جعل عناصر الإعلان المساعدة ممثلة في النجوم تطغى على العلامة التجارية، ما يضر بهدف الإعلان ذاته.
ويتوقف نجاح الحملات الإعلانية على عدد من العوامل، أهمها “الفكرة” التي تمثل الأرض الصلبة للإعلان أو الحملة، وتأتي الاستعانة بالفنانين في مرحلة تالية. لكن لا يجب أن يتعدى دورهم جزءا في تركيبة الإبهار التي تزيد من المتعة البصرية، فأي إعلان يقوم على ربط الفكرة بالمنتج، واستخدام المشاهير يكون مناسبًا لروح العلامة التجارية وليس طاغيًا عليها.
التخمة الكبيرة من النجوم والمشاهير الذين تتم الاستعانة بهم، تأتي على حساب مواصفات وفوائد المنتج الذي يتم الإعلان عنه
ويأتي اختيار الشخصيات المشهورة لتقديم الإعلانات ضمن معايير مهنية يضعها المعلنون ووكالات الإعلان، من بينها الألفة والشعبية والسمعة والمصداقية، فالمسألة ليست بمدى شهرة مقدمي الإعلان، لكنها مسألة توفر مساحة لها داخل العقول والعواطف للتأثير على الناس، وعرض المضمون بطريقة تتوافق مع المنتج والمستهلك في الوقت ذاته.
وتؤكد سهير عثمان، الأستاذة بكلية الإعلام في جامعة القاهرة، أن حشد أكبر قدر من النجوم، -لأن بطل الإعلان يجب أن يكون مشهورا- أمر وارد، وللأسف طغت على الإعلانات سطحية الفكرة التي جعلت إعلانات لأشخاص عاديين تجذب الأضواء، وتثير رد فعل جيد من قبل المواطنين.
ويرى خبراء علم النفس أن التغير المجتمعي والثقافي أفقد فكرة الاستعانة بالنجم لبيع منتج تأثيرها، فالجمهور لن يقبل على شراء منتج لمجرد أن نجمه المفضل طالبه بذلك أو روج له، وهناك عوامل أصبحت تحتل الصدارة في التفكير، كجودة المنتج وسعره والفائدة المباشرة من اقتنائه، والفرصة البديلة الممثلة في تكلفته وما يعادلها من منتجات ذات أهمية يمكن أن تكون بديلاً عنه.
ويبدو عامل الإقناع حاسما في الرسالة الإعلانية، ولا يحدث إلا عندما يجد متلقي الرسالة شخصية تجذب انتباهه ليصل إلى مرحلة الاندماج العاطفي معها ويقتنع بها، ثم ينتقل ذلك الاقتناع إلى المنتجات المعلَن عنها، ليكون مستعدا تماماً لتقليد السلوك الشرائي.
وتوضح عثمان، لـ”العرب”، أن “فكرة التركيز على النجم كعنصر جذب للجماهير خاطئة وتأتي بمردود عكسي أو غير مفهوم، كأحد إعلانات رمضان التي حاولت الشركة الإسقاط على مزاياها على لسان أبطال الإعلان فانقلب الأمر إلى عنصر شخصي أثار غضب الجمهور”.
وتسببت الاستعانة بقدر كبير من المشاهير في إعلانات التبرع للأعمال الخيرية في انقلاب الرسالة الإعلانية إلى محمل شخصي وضغينة اجتماعية على صفحات التواصل الاجتماعي.