الإحماء يقلل حدة الوخز الجانبي أثناء الركض

برلين - يعاني البعض من ألم جانبي أثناء الركض، ولا يوجد حتى الآن تفسير علمي قاطع له، إلا أنه من السهل مواجهته والوقاية منه. وقال البروفيسور كلاوس فولكر إن الألم الجانبي أثناء ممارسة الركض يظهر في صورة وخز شديد على الجانب الأيمن أو الأيسر للبطن. ولم تتمكن الأبحاث العلمية حتى الآن من تحديد سبب الألم والمكان الذي يأتي منه الوخز بشكل قاطع.
وأضاف عضو الجمعية الألمانية للطب الرياضي والوقاية أنه توجد نظريات تفسيرية عديدة، بعضها يُرجع السبب إلى زيادة حجم الدم بمقدار عشرين مرة خلال ممارسة الركض، وأخرى إلى تمدد حواف الأمعاء الغليظة بسبب تكون فقاعات غازية أثناء الركض.
ومن جانبه أشار دانييل لاي، من الجامعة الرياضية الألمانية في كولن، إلى أن بعض النظريات تربط بين الألم الجانبي والحجاب الحاجز، في حين ترجح نظريات أخرى أن السبب يكمن في الوضعية الخاطئة للجسم كالانحناء أثناء الركض.
وقد يحدث الوخز الجانبي بسبب أداء التمارين الرياضية بشكل خاطئ أو بسبب العودة إلى ممارسة الركض بعد فترة توقف طويلة.
ومن الأسباب المحتملة أيضا الأكل قبل الركض، وهو ما يمكن أن يسبب تهيّجا في المعدة. ويرى لاي أن الألم الجانبي أثناء الركض يعود لمزيج من الأسباب. والشيء الثابت هو أن الوخز الجانبي أمر غير سيء، فهو يزول بعد التمارين الرياضية ولا يترك وراءه أي أضرار. وللوقاية من الألم الجانبي يتعين على الرياضي مواءمة البرنامج الرياضي مع قدراته الخاصة، وعدم المبالغة وإثقال الكاهل. ومن الأمور المفيدة أيضا إجراء عمليات الإحماء بشكل جيد والتدرج في زيادة الحمل التدريبي، كما ينبغي تقوية عضلات الجذع بشكل مستهدف لمنع التشنجات في منطقة البطن.
كما شدّدت أخصائية العلاج الطبيعي الألمانية أوته ريبشليغر، على ضرورة إجراء عملية الإحماء لمدة 3 إلى 5 دقائق قبل ممارسة الرياضة، لا سيما تمارين تقوية العضلات، موضحةً أهمية ذلك بقولها “يعمل الإحماء على تهيئة العضلات والمفاصل للتحميل عليها بشكل سليم، وحمايتها من التعرض لتحميل زائد”.
ويجب عدم تناول وجبات الطعام الكاملة قبل أداء التمارين الرياضية بساعتين أو ثلاث ساعات لإعطاء الجسم الوقت الكافي لعملية الهضم، مع مراعاة الإقلال من الأطعمة المسبب للانتفاخ لتقليل فرص تكون الفقاعات الغازية. وفي حال حدوث الألم ينبغي الركض ببطء أو التوقف لفترة قصيرة لتقليل الضغط وإراحة الحجاب الحاجز. كما يمكن مواجهة الألم من خلال تمارين التنفس، مثل اتخاذ وضعية قائمة للجسم وفرد الذراعين لأعلى وإطالة العضلات المشاركة في عملية التنفس.
ذكر الموقع الأميركي “مايو كلينيك” أن الركض على المدى الطويل يفقد الجسم الكثير من السوائل، مما يتسبب في ظهور حالة من الجفاف، بالإضافة إلى ظهور بعض الأعراض الأخرى مثل التعب والصداع. كما يؤثر الركض على المدى الطويل على الركبتين ويزيد من خطر التهاب المفاصل.
ويشار إلى أنه على عكس الإصابات التي تنتج عن بعض الصدمات، فإن التهاب “الأوتار أخيل”، وهو الوتر الذي يربط عضلات الساق وكعب العظام، يسبب الإجهاد المتكرر. وأعراض هذا الالتهاب يمكن أن تشمل الوتر في ربلة الساق وألم الكعب والتصلب والتورّم. ووفقا للأكاديمية الأميركية لجراحي العظام، تحدث معظم حالات التهاب الأوتار أخيل بسبب زيادة سرعة الركض، مع زيادة المسافات بسرعة كبيرة جدا دون أخذ قسط من الراحة.
وتعرّف الكلية الأميركية للقدم والكاحل لجراحة العظام والطب المشط كمجموعة من الأعراض التي يمكن أن تتضمن الشعور بالآلام الحادة والتنميل والالتهاب في إحدى القدمين أو كلتاهما. ويحدث المشط مع الركض أو المشي غير الطبيعي وبسبب الضغوط التي يمكن أن تسبب الإجهاد. ومن بين الأسباب الأخرى الشائعة التي يمكن أن تحدث أيضا من الركض على المدى الطويل ارتداء الأحذية غير المناسبة أو التي لا تحتوي على الخصائص الأساسية والضرورية لسلامة المتدرب.
ويؤكد تقرير سابق نشر في الموقع الألماني “دويتشه فيله” أن ممارسة الركض، بشكل معتدل ومنتظم لها فوائد جمة على صحة الإنسان، حيث تساهم في تدريب عدد كبير من عضلات الجسم في نفس الوقت. بيد أن الإسراف والمبالغة في ممارستها على المدى الطويل يمكن أن يؤديا إلى الإضرار بالجهاز القلبي الوعائي. وتوصلت الدراسة الدنماركية إلى أنه يمكن الوقاية من التعرض لهذا الخطر من خلال ممارسة الرياضة “باعتدال”. كما حذر الباحثون الذين أجروا الدراسة من الركض السريع للغاية وأكدوا أنه لا يمكن الاستفادة من فوائد رياضة الركض إلا عند ممارستها على هذا النحو.
تجدر الإشارة إلى أنه تم نشر هذه الدراسة في المجلة العلمية الأميركية المتخصصة “جورنال أوف ذا أميركان كوليدج أوف كارديولوجي”. ووفقا للدراسة، يفضل ممارسة رياضة الركض لمدة ساعتين ونصف أسبوعيا تقريبا، بحيث يتم توزيعها على أكثر من ثلاث مرات أسبوعيا. وتشير جملة من الدراسات التي أجريت في هذا المجال إلى الفوائد الصحية لممارسة رياضة الركض، لا سيما بالنسبة إلى المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية، ولكن عند ممارسته بشكل معتدل.
ويقول خبراء الصحة إنه يمكن الحد من الشعور بالضغط العصبي عند المواظبة على ممارسة رياضة الركض، وإنها تساعد على تقوية العضلات والوقاية من الإصابة بهشاشة العظام ناهيك عن دورها في إنقاص الوزن، الأمر الذي يساعد على الحد من الحد من خطر الإصابة بالأمراض الناجمة عن زيادة الوزن كالسكري مثلا.