ارتفعت الفائدة وبقيت أزمة الليرة: أردوغان محاط بالمستشارين الحمقى

تجرع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رفع أسعار الفائدة الذي قاومه طويلا وبقفزة كبيرة بلغت 3 بالمئة، لكنها لم تكن كافية لإنقاذ الليرة.
الجمعة 2018/05/25
قبضة أردوغان تستسلم للحقائق الاقتصادية في الوقت الضائع

لندن - تسارعت التطورات العاصفة في أزمة انحدار الليرة التركية، التي يقول محللون إنها قد تخنق فرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المرجحة في الفوز في الانتخابات المستندة إلى هيمنته المطلقة على جميع مؤسسات الدولة.

ورضخ البنك المركزي للضغوط الهائلة ورفع أسعار الفائدة بنسبة 3 بالمئة ليصل سعر الفائدة الأساسية إلى 16.5 بالمئة وهي من أعلى المستويات بين الأسواق الناشئة، لكن الإجراء جاء متأخرا بعد مسايرة البنك لإملاءات أردوغان لفترة طويلة، والتي تتنافى مع جميع الحقائق الاقتصادية.

وقالت صحيفة فايننشال تايمز إن الرئيس التركي أصبح منذ فترة طويلة محاطا بالمستشارين الحمقى فقط، بعد أن أخرس جميع أصوات العقل في الحكومة وأنه تسبب في الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة في البلاد.

الرئيس التركي اتهم محمد شيمشك بالخيانة لمجرد قوله إن {الاقتصاد ليس بوضع جيد}
الرئيس التركي اتهم محمد شيمشك بالخيانة لمجرد قوله إن "الاقتصاد ليس بوضع جيد"

وأضافت أنه مع اشتداد أزمة الليرة واقترابها من الانهيار التام لم يكن هناك سوى صهر أردوغان بيرات البيرق للحديث عن الأزمة ليوزع الاتهامات بوجود مؤامرة تحاك من الخارج بهدف إسقاط الحكومة.

وأصبح البيرق وهو وزير الطاقة، أقرب المسؤولين للرئيس التركي في دليل على تنامي عقلية الانغلاق لدى أردوغان، الذي لم يعد يستمع إلا لمن يخبره بما يريد أن يسمع.

ونسبت فايننشال تايمز إلى مسؤول تركي قوله إن “مستشاري أردوغان أصبحوا مجموعة من الحمقى والمتملقين الأذلاء وأنه لم يعد يستمع لأصوات العقل”.

وكانت اتهامات ونيران الرئيس التركي قد طالت أقرب حلفائه الذين حاولوا بتحفظ شديد التنبيه إلى المخاطر الاقتصادية والإشارة إلى الإجراءات التي ينبغي اتخاذها لتفادي انحدار الاقتصاد التركي إلى حافة الانهيار.

وقد اتهم نائب رئيس الوزراء محمد شيمشك الشهر الماضي بالخيانة لمجرد حديثه عن الحقائق الاقتصادية وقوله “الاقتصاد التركي ليس بوضع جيد” وكان ذلك كفيلا بإخراسه منذ ذلك الحين.

وقالت فايننشال تايمز إن شيمشك وهو أرفع مسؤول اقتصادي في الحكومة ومصرفي سابق في ميريل لينش، تحول للحديث عن تسجيلات فيديو عن الحيوانات وتعليقات عن فريق غلطة سراي لكرة القدم.

وأضافت أن ذلك يكشف حجم انغلاق أردوغان وخوف المحيطين به من التعبير عن أي رأي يخالف آراءه المتعارضة مع جميع النظريات الاقتصادية الراسخة.

وبعد ذلك الصمت الطويل عن الاقتراب من المواضيع الاقتصادية قال شيمشك على تويتر بالتزامن مع إعلان رفع أسعار الفائدة “حان الوقت لإعادة المصداقية إلى السياسة النقدية واستعادة ثقة المستثمرين”.

ورغم رفع أسعار الفائدة إلى تلك المستويات الفلكية، لم تتمكن الليرة من استعادة سوى جزء ضئيل من خسائرها في بداية تعاملات أمس. وسرعان ما عادت لتقترب من مستوياتها القياسية المتدنية عند 4.8 ليرة للدولار.

ويرى محللون أن الإجراء جاء متأخرا وأن الاقتصاد التركي سيتحمل الآن أعباء مزدوجة من انحدار قيمة الليرة ومن ارتفاع أسعار الفائدة التي ستقوض قدرة المستثمرين على الاقتراض وتهدد الكثير من القطاعات الاقتصادية وخاصة الرهون العقارية.

ويشير مراقبون إلى أن أزمة الليرة يمكن أن تقوض فرص أردوغان في الفوز في الانتخابات، لولا هيمنته المطلقة على جميع أجهزة الدولة، خاصة إذا استمرت الأزمة حتى موعد الانتخابات في 24 يونيو المقبل.

16.5 بالمئة سعر الفائدة الرئيسي الجديد في تركيا وهو من أعلى المستويات بين الأسواق الناشئة

وكان انحدار الليرة قد تسارع بوتيرة مخيفة منذ الأسبوع الماضي، بعد أن قال أردوغان، الذي يصف نفسه بأنه “عدو لأسعار الفائدة” إنه يتوقع أن تكون له سيطرة أكبر على السياسة المالية بعد الانتخابات.

وجاءت قفزة أسعار الفائدة التي لا مفر منها لوقف انحدار الليرة ومواجهة التضخم الذي يبلغ نحو 11 بالمئة بعد تصاعد مطالبات المستثمرين للبنك المركزي بتحدي إملاءات أردوغان والمسارعة لإنقاذ الليرة من الانهيار التام.

وترتبط المتاعب الاقتصادية بإحكام قبضة أردوغان على جميع مؤسسات الدولة، خاصة منذ محالة الانقلاب منتصف عام 2016 وحملة الاجتثاث التي قادها ضد جميع معارضي سلطته المطلقة.

وأدى ذلك على مدى العامين الماضيين إلى رحيل العشرات من أكبر الشركات العالمية من تركيا بسبب الاختلالات في سيادة القانون وتدخل أردوغان في السياسة الاقتصادية ومحاباة بعض الشركات المقربة من حزب العدالة والتنمية على حساب شركات أخرى.

ورغم ترحيب الأوساط الاقتصادية برفع أسعار الفائدة إلا أن استبعاد تحسن سعر الليرة، يهدد بمزيد من الضغوط على الشركات التركية التي تغرقها الديون بالعملات الأجنبية، التي وصلت إلى 181 مليار دولار في مارس الماضي، وهو ما يعادل حوالي 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وحذرت وكالة “ستاندرد أند بورز” للتصنيف الائتماني يوم الثلاثاء من تزايد القلق بشأن انخفاض الليرة، الذي يمكن أن يؤدي إلى تخفيض تصنيف الديون السيادية للبلاد.

10