الكاتبة سالمة الموشي: نعيش عصر المرأة في السعودية

المرأة السعودية الكاتبة بدأت عمليا تخرج من النمطية وتكسر حاجز الصمت لتمارس الكتابة والتعبير عن الذات والتمهيد لأرضية خصبة تنطلق منها إلى أفق أبعد.
الاثنين 2018/02/19
تحولات نوعية في السعودية ستنعكس على كافة شرائح المجتمع

الرياض – تعتبر الكاتبة والروائية السعودية سالمة الموشي أن التحولات الأخيرة التي شهدتها السعودية منحت أفقا أوسع لدى المرأة، والأمر لن ينعكس فقط على المشهد النسوي الثقافي السعودي، وتستطرد قائلة لـ”العرب” إن “التحولات الأخيرة التي حدثت في السعودية والتي أفضل تسميتها بعصر المرأة لن تنعكس على المشهد النسوي الثقافي فقط بل على المجتمع بأكمله. فهناك حراك مدهش ظهر في كافة أنماط الحياة الاجتماعية والثقافية بالنسبة للنساء السعوديات مما سيكون مؤثرا في طريقة عيش النساء وتعاطيهن مع الحياة اليومية والفكرية مع الرجل، مع الكتابة مع المتغير. إنها الحياة التي يمكن أن تمنح المرأة الكثير من التجربة والنضج الفكري والثقافي، الكثير من الحواجز تتلاشى وبهذا ستنمو النساء بشكل أكثر انفتاحا وأفقا، سيتمدد الوعي للخارج وتتغير عناوين الحكايات ومسمياتها”.

وتضيف “هذا النضج الروائي يذكرني الآن بمقولة قالها الروائي الطيب صالح قبل سنوات ‘إذا كان الخليج عنده أدب حديث وأصيل وليس ازدهارا مجبرا فسيكون مكتوبا على يد امرأة لأن النساء هنّ اللواتي يعشن تحت ظروف اجتماعية صعبة تجعلهن مؤهلات للكتابة في الرواية والشعر وأنه إذا كانت هناك رواية خليجية خلال العشر سنوات المقبلة فإنها سوف تكون رواية امرأة، كتبت بالقهر والغضب’. نعم بشكل واضح هذا ما نعاصره”.

وعن التحولات العميقة التي يشهدها المجتمع السعودي وانعكاسها المباشر على المشهد الثقافي تقول “نحن كمجتمع سعودي نمر حاليا بمرحلة مختلفة ومتغيرة عمليا وحركيا، مرحلة التحولات النوعية ومنها عودة السينما والمسرح مما سينعكس على كافة شرائح المجتمع وعلى المشهد الثقافي بشكل خاص، إذ ستكون هناك حركة أدبية في الإنتاج والتأليف والنشر والفن السابع حضورا وكتابه”.

تلامس سالمة الموشي في كتاباتها معاناة المرأة في بلدها، وحاولت اقتحام فضاءات ومناطق جديدة لم يسبقها إليها أحد في المشهد الثقافي السعودي، تفرد في الكثير من كتاباتها الصحافية والأدبية مساحة لائقة لتسليط الضوء على هموم بنات جيلها. وتقدم الموشي تفسيرا للتحولات التي مرت بها الرواية السعودية وتحديدا في مرحلة ما عرف بالطفرة السردية التي ترافقت مع موجة عاتية من الأعمال الروائية لكاتبات سعوديات ملأت أعمالهن رفوف المكتبات العربية.

وتشير إلى أنه “حدثت على أرض الواقع طفرة روائية في السنوات الماضية لأسباب عديدة أهمها حركة النشر والتوسع الإعلامي عبر المواقع والمنتديات وكذلك الإقبال على معارض الكتاب وتنامي حركة النقد الأدبي؛ هذا من الناحية الترويجية للرواية أما على المستوى الحركي النسوي فالمرأة السعودية الكاتبة بدأت عمليا تخرج من النمطية وتكسر حاجز الصمت لتمارس الكتابة والتعبير عن الذات والتمهيد لأرضية خصبة تنطلق منها إلى أفق أبعد، فهي لم تخفت أو تتراجع بقدر ما هي تستعد وتتهيأ للتجسد في أفضل حالات الكتابة السردية النسوية بعد أن تكون قد تجاوزت مرحلة التجريب والمحاولة”.

وفي ردها على سؤال حول هواجس الكتابة التي مازالت تختبئ في عقول الكاتبات السعوديات خشية العديد من العوامل الثقافية والاجتماعية، تقول “كان هناك أكثر من هاجس لدى الكاتبة السعودية ولم تعبر عنه بعد، فهذا يحتمل نعم هناك هاجس ويحتمل لا ليس هناك هاجس وذلك لأن الأمر هنا يعود إلى الكاتبة بشكل خاص والبيئة السعودية بيئة خصبة ومتعددة الأنماط، فما يشكل هاجسا في مكان ما هو بالضرورة لا يشكل هاجسا لدى أخريات وهكذا تتحرك الكتابة النسائية ضمن هذه المتغيرات، فالخلفية الاجتماعية والثقافية عامل مؤثر في كل المجتمعات وعلى سبيل المثال المؤثر للعوامل الاجتماعية والثقافية يمكننا أن نذكر حياة الروائيتين جين أوستين وفرجينيا وولف وغيرهن كان للعوامل الاجتماعية والثقافية دور كبير في أدبهن”.

وفي تقييمها للواقع الثقافي في بلدها اليوم وتحديدا ما يتعلق بدور الأندية الأدبية، تشير الموشي إلى أن المشهد السعودي الثقافي اليوم يعاني من متغيرات ليست في صالحه نتيجة توسع منافذ المعرفة والتلقي وتراجع الإقبال على الصحف والملاحق الثقافية مقابل انتشار مغريات النشر السريع والزخم الثقافي السطحي عبر شبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مضيفة “على صعيد الأندية الأدبية فهي أصبحت كالمحارب القديم يناضل محاولا الحفاظ على تاريخه القديم ومكانته المعنوية، ومع كل هذا فإن الأندية الأدبية تجتهد ومازالت حاضرة ونشطة، أبوابها مفتوحة وزوارها قلة والمشهد الثقافي السعودي سيتحرك في الاتجاه الصحيح إذا غيّر مسار البوصلة”.

6