صراعات قطاع تجميع السيارات تربك الحكومة الجزائرية

كشفت محاباة وزارة الصناعة الجزائرية لوبيات متنفذة في السلطة للسيطرة على قطاع تجميع السيارات عن حجم الصراعات بين المستثمرين والهياكل المعنية بهذه الصناعة ويظهر وجه الحكومة المرتبك لفض هذه المشكلة المزمنة.
الخميس 2018/02/08
إصلاح القطاع مهمة معقدة

الجزائر – اتهمت مجموعة عشايبو للسيارات، وزير الصناعة السابق عبدالسلام بوشوارب، بالوقوف وراء إفلاسها بسبب “القرارات المجحفة”، التي عرقلت تفعيل مشروعات التركيب التي كان يعتزم تنفيذها.

وأكد الرئيس التنفيذي للمجموعة عبدالرحمن عشايبو، في شكوى رفعها للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بأن بوشوارب “عمد إلى تجريده من العلامات التي كان يسوقها ومنح ترخيصها لمقربين منه”.

وذكر أن وزارة الصناعة والمناجم عمدت إلى تعطيل الملف الذي تقدم به منذ أبريل 2016، لتجديد رخصة تسويق العلامات التي كان يمثلها في الجزائر، وإنشاء مصانع لتركيب السيارات من علامات كيا ودايو وإيسيزو وفورد.

وأدى هذا الأمر، بحسب عشايبو، إلى تخوف تلك الشركات من عدم تسويق سياراتها في الجزائر، ووافقت على منحها لممثلين آخرين تحصلوا على رخص من وزارة الصناعة في وقت قصير جدا من أجل العمل في البلاد.

وقال إن المجموعة “كانت ضحية ممارسات غير عادلة من قبل وزير الصناعة الأسبق، ما تسبب في تسريح نحو 70 بالمئة من اليد العاملة، وأن الوزير عبدالسلام بوشوارب جرده من تلك العلامات ليمنحها لمتعاملين من أقاربه وأصدقائه”.

ويقول محللون إن هذا الاتهام يظهر تلاعب لوبيات متنفذة في البلاد في هذا القطاع الذي بلغ ذروته في 2013، ببلوغ سقف ستة مليارات دولار.

وأكدوا أن تراجع رئيس الوزراء أحمد أويحيى، عن قائمة حددتها الحكومة لممارسة نشاط التركيب، يكشف بوضوح التجاذبات الخفية داخل القطاع بسبب تضارب المصالح.

أحمد أويحيى: يجب تحديد قائمة واضحة لتلافي سيناريو تحرير مطاحن القمح

واضطرت الحكومة بعد أسابيع من إصدار القرار إثر ضغوط من القطاع لتجميده حتي نهاية العام الجاري، بدعوى مراجعة لائحة الناشطين في القطاع، وهو ما يؤكد حالة الارتباك داخل دوائر القرار.

وكان أويحيى قد برر القرار القاضي بتحديد قائمة المتعاملين في 5 علامات فقط، بتفادي سيناريو الترخيص الحر لمطاحن القمح في السنوات الماضية، ما انجر عنه حالة من الفوضى أدت إلى إفلاس الشركات.

لكن مصادر مطلعة قالت هذا الأسبوع إن الحكومة قررت توسيع قاعدة المتعاملين لتشمل 40 علامة منها نيسان اليابانية وكيا الكورية الجنوبية بعد مراجعة القرار السابق.

ويتوقع الإعلان عن القرار خلال الأيام المقبلة، من طرف وزير الصناعة والمناجم يوسف يوسفي، ليضع بذلك حدا للجدل الذي أثير حول الغموض الذي يكتنف قطاع تركيب وتجميع السيارات في الجزائر.

وتُواجه صناعة تجميع السيارات بالجزائر منذ أشهر أزمات متلاحقة ومعقدة لا سيما بعدما عدلت الحكومة عن قرارها بتحديد عدد المصانع المرخص لها بالنشاط في البلاد.

وكانت الحكومة قد أدرجت الحد من استيراد السيارات ضمن أولوياتها بعد صدمة تراجع أسعار النفط منتصف 2014، لإيقاف نزيف النقد الأجنبي، حيث كان النشاط على رأس قائمة المواد المعنية برخص وزارة التجارة، قبل أن تقرر حظر استيرادها تماما.

وتصنف سوق السيارات الجزائرية، ثاني سوق في أفريقيا، بعد جنوب أفريقيا فترة الريع النفطي قبل أن تدخل في انكماش غير مسبوق بسبب حظر الاستيراد وتضاعف الأسعار.

وكانت جمعية وكلاء السيارات قد وجهت انتقادات لإجراءات وزارة الصناعة بعد التضييق على نشاطهم مما دفع بعضهم إلى تسريح جزء من عمالتهم، والتوقف عن النشاط في أحيان أخرى.

واعتبر خبراء أن لجوء الحكومة إلى نشاط التركيب دون النهوض بقطاع المناولة، “استيراد مقنع واحتكار خفي للنشاط”، بالنظر لنسبة الاندماج التي لا تزال منخفضة جدا ولا تتعدى حدود الخمسة بالمئة.

وكانت صور تداولها ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي تتعلق بسيارات مستوردة تقول الحكومة إن تركيبها قد تم في البلاد، قد أثارت فضيحة منتصف العام الماضي، ما دفع الحكومة إلى مراجعة دفتر الشروط المتعلقة بالنشاط.

عبدالرحمن عشايبو: وزير الصناعة جردني من العلامات التي أمثلها ليمنحها لأقربائه وأصدقائه

وأظهرت الصور من داخل مصنع تركيب لعلامة هيونداي الكورية الجنوبية المملوك لرجل الأعمال محي الدين طحكوت، سيارات شبه مكتملة ولا يتم في المصنع إلا تركيب ونفخ العجلات فقط.

وكشفت أرقام رسمية صادرة عن إدارة الجمارك، بأن كلفة استيراد مصانع التركيب بلغت خلال العام الماضي 2.5 مليار دولار، ما يكرس حالة الاحتكار والفوضى التي تعم نشاط تركيب السيارات، لا سيما في ظل الامتيازات المالية والضريبية التي تستفيد منها اللوبيات.

وشهدت السوق المحلية التهابا غير مسبوق في أسعار السيارات يتعدى بكثير القيمة المسجلة في تراجع قيمة الدينار المحلي أمام العملات الكبرى كاليورو والدولار.

ويشكك اقتصاديون في جدوى خطط الحكومة للتوسع في صناعة السيارات، وأكدوا أن البيانات تشير إلى أن تكلفة تجميع السيارات في البلاد تفوق تكاليف استيرادها وبنوعيات أفضل، الأمر الذي يمكن أن يفاقم أزمات البلاد الاقتصادية.

وتصاعدت انتقادات الخبراء مؤخرا بسبب إصرار الحكومة على توسيع صناعة السيارات في البلاد. وقالوا إنها تدير هذه البرامج بسياسات مرتبكة غير قادرة على جذب المستثمرين الأجانب إلى السوق المحلية.

10