القاهرة تطارد الإيرادات في سوق السيارات المستعملة

القاهرة - وضعت الحكومة المصرية سوق السيارات المستعملة هدفا جديدا لمطاردة إيرادات يمكن أن تساعدها في تعزيز مواردها المالية وتقليص عجز الموازنة، وفق رؤية الإصلاح التي تنفذها منذ نحو عامين.
وأكد خبراء أن فرض ضريبة على مبيعات السيارات المستعملة سيؤدي إلى تشوهات في السوق التي كانت تعد ملاذا لفئة كبيرة من المصريين غير القادرين على شراء سيارات جديدة بعد أن تضاعفت أسعارها بعد تعويم الجنيه.
وتوقع هؤلاء أن تشهد سوق السيارات المستعملة ارتفاعات جديدة تصل إلى نحو 40 بالمئة بسبب قرار وزير المالية بفرض ضرائب على مبيعات هذه السيارات.
ويلزم القرار الجديد تجار السيارات بإمساك دفاتر إلكترونية أو يدوية، ويعفي الأفراد من الخضوع لتلك الضريبة.
وكشف أصحاب معرض سيارات لـ“العرب”، أن القرار سيؤدى إلى عشوائية غير مسبوقة في هذه التجارة، بحيث سيلجؤون إلى البيع والشراء في الخفاء، ما يحول أكثر من 90 بالمئة من المعارض للعمل في نطاق السوق السوداء تجنا للضرائب.
وشهدت سوق السيارات ركودا العام الماضي، وفق تقرير مسوقي السيارات “أميك”، الذي كشف عن انخفاض عدد السيارات الجديدة المباعة بنحو 31.6 بالمئة بمقارنة سنوية.
وأكد التقرير أن إجمالي عدد المركبات التي تم بيعها يصل إلى نحو 135 ألفا و632 مركبة، مقابل 198 ألفا و271 مركبة في 2016.
وقال نورالدين درويش، نائب رئيس شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية بالقاهرة لـ“العرب”، إن “قرار وزارة المالية غير مدروس، وسوف تترتب عليه مشكلات اقتصادية كثيرة”.
|
وكانت مصر قد اتخذت خطوات كبيرة لإصلاح بنيتها الاقتصادية، ودشنت مجموعة من القرارات التي تسهل الاستثمار وتفتح آفاقا رحبة أمام المستثمرين. ومع ذلك تواجه الحكومة عددا من العثرات أمام تحقيق أهدافها، ما أرخى بظلال قاتمة على نظرة التفاؤل.
وأوضح درويش أن السيارة المستعملة تباع أكثر من مرة، فضلا عن أن الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء يمثل ربحا ويخضع لضريبة الأرباح التجارية والصناعية، وبالتالي ليس منطقيا على الإطلاق أن تخضع تلك العملية لضريبة القيمة المضافة.
وقدر حجم سوق السيارات المستعملة في مصر من واقع بيانات الشعبة بنحو مليار دولار، وهي تمثل نحو 50 بالمئة من حجم سوق السيارات المحلية.
وأشار تقرير “أوليكس” الذي يعد أكبر منصة إلكترونية للسيارات المستعملة في مصر، إلى أن قيمة التداولات الإلكترونية للسيارات المستعملة وصلت إلى حوالي 11 مليار دولار العام الماضي.
وعكست نتائج التقرير مدى تأثر سوق السيارات المستعملة إيجابا بتعويم الجنيه ورفع سعر الوقود، ثم تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، وهي كلها أحداث جاءت لصالح سوق السيارات المستعملة برفع حجم الطلب عليها.
وأظهر التقرير ارتفاعا بنسبة 10 بالمئة في عدد الزيارات على قسم السيارات المستعملة بموقع “أوليكس” خلال الفترة من يوليو وحتى ديسمبر 2017، مقارنة بالأشهر الستة الأولى من السنة، بعد رفع أسعار الوقود مباشرة.
وأوضح علي توفيق رئيس الرابطة المصرية للصناعات المغذية للسيارات وموزع سيارات شيفروليه وأوبل في مصر، أن الغالبية العظمى من شركات السيارات تتعامل في السيارات المستعملة، حيث يستبدل الكثير من الأفراد السيارة المستعملة بأخرى جديدة.
ولفت في تصريح لـ“العرب”، إلى أن قرار وزارة المالية، يصيب السوق المصري بالمزيد من الركود، ولم يحقق المستهدف من بيع السيارات الجديدة العام الماضي.
وتستحوذ خمس علامات تجارية على النصيب الأكبر من إجمالي السيارات المستعملة في البلاد، ورصدت بيانات سوق السيارات المستعملة تحصل سيارة فيرنا التي تنتجها هيونداي الكورية الجنوبية على المركز الأول بالقائمة بمتوسط سعر 5600 دولار.
|
وتأتي في المركز الثاني السيارة فيات موديل “128” بسعر 1100 دولار، ثم السيارة كيا موديل “سيراتو” في المركز الثالث بمتوسط سعر 10.7 ألف دولار.
كما حلت في المركز الرابع على القائمة، السيارة شيفروليه موديل “أوبترا” بنحو 9 آلاف دولار، وفي المركز الخامس السيارة ميتسوبيشي موديل “لانسر” بنحو 8.2 ألف دولار.
وتوقع توفيق انخفاض حركة المبيعات بسبب القرار الجديد بنحو 10 بالمئة، لأن الارتفاع في سعر السيارة ليس ربحا، فمن يبيع السيارة يشتري أخرى حديثة، ومن ثم ليس من المقبول فرض ضريبة قيمة مضافة.
ويصل عدد المتعاملين في سوق السيارات المستعملة إلى نحو مليوني شخص بين أفراد وأصحاب معارض، ويتعامل معظمهم من خلال سوق السيارات المستعملة الشهير بضاحية مدينة نصر في شرق القاهرة.
ويتفق عفت عبدالعاطي، رئيس رابطة تجار السيارات الأسبق، مع آراء الخبراء حول التداعيات السلبية للقرار على سوق السيارات المستعملة، لكنه قال لـ“العرب”، يجب أن نتفق على أن “من يربح عليه أداء الضريبة لخزانة الدولة”.