فنان بدرجة سفير

الاثنين 2017/11/20

أضحك كثيرا من تعليقات بعض الفنانين التي تثير تصريحاتهم شهيتي للدعابة والتندر ربما لأيام متتالية تنزع عني أحزاني وتغرقني في نوبة ضحك طويل، لكن تبقى المطربة المصرية شيرين عبدالوهاب لها نصيب الأسد من سعادتي وسعادة الشعب العربي، لها ولمن هم على شاكلتها من الفنانين، ندين بالفضل في نوبات الضحك الهستيري التي ندخل فيها عقب قراءة تصريحاتهم.

أعتقد أن الفنان بالأساس سفير لبلاده، عليه وزن كلماته بميزان من ذهب قبل التفوه بها، فمن لا يدرك عمق كلماته ومدى ما قد تسببه من مشكلات ربما تدخل البلاد في أزمات دبلوماسية حادة قد تحدث بعض الشقاق بين دول وشعوب، فعليه التحلي بالصمت، رجاء يصل حد التوسل أبعث به لنجوم نعشق فنهم بعيدا عن اندفاعهم في الحديث. من لا يجيد الكلام فعليه التزام الصمت حتى يحفظ لفنه وموهبته بهاءهما، فالموهبة التي تفتقر إلى عقل يحميها ولسان ينأى بها عن لغو الحديث ومهاترات سخيفة لا حاجة للجمهور بها.

أقحمت المطربة شيرين عبدالوهاب صاحبة الحنجرة الأقوى والصوت العذب الرقراق نفسها في مواقف وقضايا، ودست أنفها في أمور لا يليق بفنانة في حجمها الدخول فيها، ودخلت طائعة في أحداث شتى نالت من نجوميتها، شيرين تملك صوتا شجيا مفعما بالأحاسيس وعابرا لكافة الطبقات باتت حديث الجميع بتصريحاتها غير المسؤولة، فتارة تشعل الشارعين المصري والعربي برفعها للحذاء الأحمر للطرق به على زر الموافقة في المسابقة التي كانت فيها من أعضاء هيئة تحكيمها، وتارة ثانية تثير السخرية وربما الاشمئزاز من طلبها للمطرب العراقي كاظم الساهر على الهواء مباشرة هدية في عيد الحب “بيبي”!! طفل!!، وبكل ما يعنيه الطلب من تجاوز في حق نفسها وحق جمهورها وحق الساهر ذاته، بادرت بالاعتذار وتصحيح الوضع، لكن مسار لسانها المنفلت لم يصحح بعد، ولم تخرج من الموقف أكثر تعقلا وحكمة كما كنا نتوقع أو نحلم.

على النقيض تماما تكاد لا تخلو وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ولا وسائل التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر من أخبار اندفاعية شيرين، وزلات لسانها التي اعتادها الجمهور العربي والمصري، حتى أصبحت سقطاتها عادة دورية متواترة ومنتظرة من الجميع، فلم تتعلم من أخطائها -وما أكثرها- أن الفنان سفير لبلاده، ومحسوبة عليه كل كلمة وأن ما يكون مقبولا في جلسات السمر العائلية وبين الأصدقاء لا يجوز التفوه به في معرض حديث على الهواء مباشرة في قدسية ومكانة دولة يعد الفنان مرآتها العاكسة لمدى حضارتها، فأول تعليق لا يكون بالطبع من نصيب الفنان ذاته وإنما من نصيب بلاده، فلم نسمع للوهلة الأولى اسم شيرين، في حين جاءت التعليقات، فنانة مصرية، كما لو كان جميع فناني مصر بنفس الدرجة من ضحالة الفكر وانعدام الوعي بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم.

أثار تصريح شيرين الأخير تعليقا على طلب معجبة في مهرجان الشارقة للموسيقى لغناء أغنيتها الأروع “ما شربتش من نيلها”، وردها “ستصابين بمرض البلهارسيا، اشربي إيفيان أفضل”، المياه المعدنية الفرنسية!

أثار حديثها الساخر من نيل بلادها في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية وضربات قاسمة للسياحة وتحاول جذب فنانين عالميين ونجوم كرة قدم وملكات جمال للترويج للسياحة المصرية على منصات عالمية، استياء الكثير من جمهورها، ورغم الانقسام بين مؤيد ومعارض خاصة بعد نشر اعتذارها، إلا أن المعارضبين لتهورها واندفاعها غير المسبوق أكثر بكثير، وأصبحت وطنيتها محل نظر.

رجاء من فنانين نحترم فنهم وتثقلنا تصريحاتهم بهموم كثيرة، التزموا الصمت الجميل، احرصوا على ذهب الصمت، طالما لا تجيدون فضة الكلام.

كاتبة مصرية

21