سوق التكنولوجيا التونسي يترقب بقلق حزمة ضرائب جديدة

تونس - تستعد الحكومة التونسية لفرض رسوم جمركية جديدة على استيراد أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وزيادة نسبة الضرائب الحالية عليها بحلول العام المقبل، وهو ما ينذر بارتفاع كبير في أسعار تلك المنتجات.
ويقول خبراء اقتصاد إن سياسة الدولة في ما يتعلق بزيادة الضرائب في قطاع التكنولوجيا تشكل صدمة لمعظم التونسيين لأنها ستزيد من الضغط على ميزانياتهم الضعيفة لا سيما وأن هذه الأجهزة لم تعد من الكماليات.
وأشاروا إلى أن هذا التوجه يحمل تناقضات، فبينما تحرص الحكومة على معالجة الخلل في التوازنات المالية من جهة من خلال محور الضرائب، إلا أنه لا يشجع بالمرة مساعي الدولة نحو تنفيذ مشروع “تونس الذكية” بحلول 2020.
ويعد سوق التكنولوجيا في تونس من الأسواق الناشئة الأكثـر نمـوا، إذ لا يكـاد يخلو شارع في العاصمة وبقية المدن من محلات وعلامات تجارية مختصة في بيع الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، التي تشهد إقبالا متزايدا من قبل المستهلكين التونسيين.
وبينما يتأمل برفقة ابنته، أمام واجهة أحد محلات بيع أجهزة الكمبيوتر في العاصمة تونس، يؤكد أحمد الهلالي وهو موظف تجاوز عقده الخامس، أن أسعار أجهزة الكمبيوتر وخاصة المحمولة منها تتباين وفق النوعية والجودة.
واعتبر الهلالي أن الأسعار بالنسبة لفئة الموظفين وأصحاب الدخل المحدود تبدو مرتفعة نسبيا، لكنه يأمل في شراء كمبيوتر لابنته التي تستعد لدخول الجامعة، وإن لزم الأمر شراؤه بالتقسيط.
وتتراوح أسعار جهاز الكمبيوتر بين 500 دينار (208 دولار) وأكثر من 3 آلاف دينار (حوالي 1250 دولارا)، لكن لا توجد إحصائيات دقيقة حول حجم إنفاق التونسيين عليها.
|
ووضعية هذا الموظف ليست استثناء في بلد يعيش أزمة اقتصادية حادة منذ قرابة 7 سنوات، إذ أن معظم التونسيين يمرون بنفس المشكلة وقد تتزايد متاعبهم مع مضي الحكومة في سياستها الضريبية، كإحدى ركائز برنامجها الإصلاحي.
وعبر جمال برناط رئيس الغرفة الوطنية للتجهيزات المعلوماتية والمكتبية بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية عن تخوفه من استمرار ارتفاع أسعار الكمبيوترات في تونس في الفترة القادمة.
وأوضح برناط أن وزارة المالية أبلغت التجار عن عزمها زيادة الرسوم الجمركية من صفر حاليا إلى 20 بالمئة، وزيادة ضريبة القيمة المضافة من 6 حاليا إلى 18 بالمئة.
والقيمة المضافة هي ضريبة تُفرض على كافة البضائع في تونس، سواء كان مصدرها محليا أو مستوردة، أما الرسوم الجمركية فهي قيمة مالية مقننة تفرضها مصالح الجمارك على البضائع المستوردة فقط.
ورجح رئيس الغرفة اعتماد الزيادات الضريبية الجديدة مطلع يناير 2018 وربما قبل ذلك التاريخ. وقال إن “هذه المسألة ستؤثر مباشرة على مستوى الأسعار”.
ويقر المختصون في المجال بأن أسعار أجهزة الكمبيوتر بمختلف أنواعها في تونس قفزت بشكل واضح في الفترة الأخيرة بسبب انزلاق قيمة الدينار التونسي أمام اليورو والدولار، ما جعل الأسعار ترتفع ما بين 40 و50 بالمئة.
ووفق البنك المركزي التونسي، أمس، بلغ سعر الدولار 2.43 دينار، فيما وصل سعر اليورو إلى 2.9 دينار، مقارنة مع 2.18 دولار و2.6 يورو في الفترة نفسها العام الماضي.
تجار قطاعي أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية يتوقعون ارتفاعا في الأسعار بعد فرض الضرائب
وعلى عكس أجهزة الكمبيوتر، تبقى أسعار الهواتف الذكية في متناول المـواطن التونسي، فبإمكانه شـراء هاتف بثمن معقول.
وتطرح محلات بيع الهواتف أنواعا مختلفة من الهواتف الذكية مراعاة لتنوع الأذواق والقدرات الشرائية إذ أنه بالإمكان شراء هاتف ذكي، على سبيل المثال، بنحو 130 دينارا (حوالي 54 دولارا).
وأكد محمد بالرحومة رئيس الغرفة الوطنية لموردي وموزعي الهواتف الجوالة أن أسعار الهواتف الذكية في تونس من أرخص الأسعار عالميا، لكنه استدرك بقوله إن “الأسعار، ومنذ مطلع العام، شهدت ارتفاعا تجاوز 15 بالمئة جراء تدهور سعر صرف الدينار”.
واعتبر المدير العام للمعهد الوطني للاستهلاك، طارق بن جازية، أن أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية بدرجة أكبر، أضحت أجهزة مهمة في حياة التونسي إلى درجة الإدمان على استعمالها.
وقال إن “أرقام وزارة تكنولوجيا الاتصال والاقتصـاد الرقمـي تظهـر أن حـوالي 30 بالمئـة من الأسر التونسية مرتبطة بالإنترنت إلى حدود 2015، أي حوالي 800 ألف أسرة، كما أن 34 بالمئة من الأسر لديها كمبيوتر في المنزل”.
ووفق البيانات الرسمية، فقد بلغ حجم الإنفاق على الهواتف الذكية 153 مليون دينار (نحو 63 مليون دولار) في عام 2015.
وحتى أبريل الماضي، بلغ عدد المشتركين في الهاتف الجوال قرابة 14.2 مليون مشترك، ويوجد في تونس حاليا حوالي 6 ملايين هاتف ذكي.
وتزايدت الضغوط على الحكومة في الفترة الأخيرة لسد العجز المتفاقم في الميزانية في ظل توقف شبه كامل لمعظم محركات النمو، رغم الخطوات التي اتخذتها منذ بداية العام الجاري لتعبئة المزيد من الموارد المالية.