"الداندورمة" مثلجات مصرية للصيف والشتاء

القاهرة – يشدو في حرارة الصيف اللاهبة ومع العطلة المدرسية وانتشار الأطفال في الشوارع، صوت بائع “الداندورمة” أو الآيس كريم أو البوظة، أو الجيلاتي، معرفا بضاعته التي تقبع في وعاء كبير داخل قلب عربة خشبية تزركشها الرسوم والألوان الجميلة المبهجة.
وتعرف “الداندورمة” بأنها نوع شهير من الحلوى المثلجة والمحفوظة بألوان ونكهات عديدة، والمواد الأساسية التي تتكون منها هي الكريمة واللبن البودرة والثلج المجروش، إضافة إلى أنواع متعددة من الفواكه والشيكولاتة، وتجذب إليها الصغار في المناطق الشعبية بأحياء مصر.
واختلف كثيرون حول أصل الكلمة، لكن أكثرهم يميلون إلى أن أصلها كلمة تركية تعني المثلجات وهي “طوكديرمة”، وتنتشر في مصر في فصل الصيف بشكل أساسي إلا أن الشتاء أيضا لا يخلو منها تماما.
وشهد شكل عربة المرطبات الخشبية تطوّرات كثيرة، وصارت الآن وإن بقيت على هيئتها الخشبية، تأخذ أشكال بعض الطيور والحيوانات، مثل البطة أو الفيل لتجذب إليها الأطفال، ويتم تلوينها بألوان مبهرة وجذابة، ثم أضيفت إليها سماعات كبيرة وجهاز تسجيل “كاسيت” وأنوار ملونة وبعض الشرائط الملونة.
ويقبل الصغار على هذا النوع من المثلجات، ليس فقط لرخص سعرها، ولكن أيضا لحلاوة مذاقها وسهولة وصولها لأيدي المشتري، إذ يأتي البائع بعربته حتى باب المنزل.
ويعوّل محمد عبدالله المصري في دخله على مهنة صنع المرطبات التي ورثها عن والده، ويقضي فيها النهار كله إلى جانب بعض ساعات من الليل وغالبا لا يعود إلى منزله إلا بعد الفراغ من كافة ما لديه، ليقوم بتصنيع “داندورمة” أخرى يبيعها في اليوم التالي، وهو يعتمد على التصنيع اليدوي ويحصل على كافة الخامات ومستلزمات التصنيع من عدة أماكن.
وقال المصري لـ”العرب” إنه رغم سهولة مهنة تصنيع المثلجات إلا أنها تحتاج إلى حرفية عالية ومهارة في الحفاظ عليها عند درجة برودة معينة حتى لا تتفكك، كما أن إضافة الفواكه والعصائر واللبن والثلج تتطلب خبرة كبيرة حتى لا تفسد، فهي تشبه عملية طبخ وتجهيز الطعام الذي يحتاج لمقادير محددة لضبط المذاق.
وأوضح محمود السيد (عامل الآيس كريم) لـ”العرب” أن الطلب على “الداندورمة” لم يعد قاصرا على فصل الصيف فقط، بل إن الشتاء أصبح الآن أكثر رواجا بسبب موسم الدراسة، وقال إن الشريحة الكبرى من الزبائن من الشباب، كما تتجمع بعض الأسر لتناول المرطبات.
وقالت هنادي شاكر عبدالعزيز إحدى الزبائن “أنا عاشقة للمرطبات بكل مذاقاتها وأعتقد أنني متذوقة جيدة، وجرّبت كل الأطعمة مثل المانغو والفراولة والأناناس والشيكولاتة والمِستكة والفانيليا والليمون، ومؤخرا أضيف طعم الزبادي بالتوت، ولا يمكن أن أترك أي مذاقات جديدة دون تجربتها”، مضيفة لـ”العرب” “لي معها ذكريات جميلة لا تُنسى منذ أن كانت ‘الدندورمة’ بخمسة قروش فقط، وكنا نترقب صوت البائع في آخر النهار لتكون مكافأة الطاعة وسماع كلام الوالدين كوبا منها”.
ولا تعترف المرطبات بالتفاوت بين الطبقات، كما ظهر مؤخرا نوع جديد يتم تحضيره عن طريق النيتروجين السائل في درجة حرارة 195 تحت الصفر، ما يعطي درجة عالية من التجميد تؤدي إلى خروج ما يشبه الدخان من الفم عقب تناوله.
وأكدت نيرة شاكر أخصائية التغذية لـ”العرب” أن النيتروجين السائل هو غاز خامل يجب استخدامه في التبريد فقط، أما إذا دخل كأحد مكونات الغذاء مثل المثلجات ففي هذا كارثة صحية، وحذرت من لمسه إذ قد يؤدي إلى فقد العضو الذي لامسه.