ازدهار المدارس الدولية يكشف الحاجة العربية إلى تعليم بمعايير دولية

لندن - أظهرت العديد من الدراسات أن السكان المحليين والوافدين في دول مجلس التعاون الخليجي عموما، مستعدون لتحمل تكلفة التعليم العالية في المدارس الدولية.
وتظهر إحدى الدراسات التي أجرتها جامعة أم القرى في السعودية أن أكثر من الثلثين في المملكة فضلوا تسجيل أطفالهم في المدارس الدولية التي تتبع المناهج الدولية وتقدم مهارات اللغة الإنكليزية وممارسات التعليم الحديثة. أما في الإمارات، فيفضلون المناهج البريطانية والأميركية بشكل عام، بالإضافة إلى المناهج التي تقدمها مدارس الباكالوريا الدولية.
وتقدم المدارس الدولية المناهج الدراسية لطلاب المرحلتين الابتدائية أو الثانوية باللغة الإنكليزية بشكل كلي أو جزئي، وذلك خارج البلدان الناطقة باللغة الإنكليزية، وتعرف باسم المدارس الدولية المعتمدة على اللغة الإنكليزية. ويقدم الكثير من هذه المدارس منهجاً دولياً، إلى جانب أن عدداً منها يقدم منهجاً ثنائي اللغة حيث تكون الإنكليزية إحدى لغات التعليم الأساسية، ويقدم البعض مزيجاً من المنهجين الدولي والمحلي.
وتم إنشاء 85 مدرسة دولية جديدة وحرما لمدارس دولية منذ يناير 2016-2017، ومن المتوقع أن يضاف عدد هائل في السنوات القليلة المقبلة فيما يستفيد مشغلو المدارس الدولية بشكل ملحوظ من الفرص المهمة التي تقدمها سوق التعليم المتنامية في المنطقة.
وأكدت تقارير مؤسسة “أي أس سي ريسيرتش” المختصة في السوق العالمية للمدارس الدولية أن الطلب على التعليم في المدارس الدولية في ارتفاع متواصل في العالم، وخصوصا في الشرق الأوسط ودول الخليج وقد حقق عدد الطلاب المسجلين في المدارس الدولية المعتمدة على الإنكليزية الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و18 سنة في منطقة الشرق الأوسط ارتفاعا مطردا خلال السنوات الدراسية الماضية.
سوق المدارس الدولية ستواصل ازدهارها ومن المتوقع أن يبلغ عدد طلاب المدارس الدولية عام 2021 حوالي 6.3 ملايين في العالم
ويقول تقرير المؤسسة حول تطور سوق التعليم في المدارس الدولية لعام 2017 إن منطقة الشرق الأوسط شهدت نموا يقدر بنسبة 40.3 بالمئة بالنسبة إلى عدد المدارس الدولية خلال السنوات الأربع الماضية من 1086 مدرسة في عام 2012 إلى 1524 مدرسة عام 2016، وتظل دولة الإمارات العربية المتحدة في صدارة الترتيب من حيث عدد المدارس الدولية بـ593 مدرسة سجل فيها حوالي 600 ألف طالب وطالبة.
وبحسب إحصائيات المؤسسة فإن سوق المدارس الدولية ستواصل الازدهار بنسق مرتفع ومن المتوقع أن يبلغ عدد طلاب المدارس الدولية في أفق عام 2021 حوالي 6.3 ملايين في العالم، ولن يقتصر الإقبال على التسجيل في هذه المدارس على العائلات المهاجرة أو العائلات ميسورة الحال والثرية بل سوف يضم العائلات من السكان المحليين لأن هذه المدارس اشتهرت بنوعية تعليم جيدة تضمن حصول أبنائها على مستوى تعليمي جيد حيث يتمكنون من إتقان اللغة الإنكليزية ويكتسبون المؤهلات التي تتيح لهم فرصة الدخول إلى الجامعات الدولية المرموقة.
ويظل التحدي الأكبر الذي من شأنه أن يصعب المهمة على المستثمرين في المدارس الدولية هو توفير العدد الكافي من المدرسين المؤهلين وذوي الكفاءة العالية خصوصا ذوي القدرات التي تتلاءم مع التعليم في الشرق الأوسط.
وبحسب تقرير أي أس سي ريسيرتش لعام 2017 فإنه بالرغم من أن المدارس الدولية تحقق الاكتفاء الذاتي من ناحية المدرسين المؤهلين حاليا خاصة من حاملي الجنسية البريطانية والأميركية إلا أن تزايد الإقبال عليها يستوجب العمل على جذب المزيد من الكفاءات من المعلمين والأساتذة الذين لديهم المؤهلات العالية التي تمكنهم من التدريس فيها، وتعمل الكثير من الجامعات بجانب المختصين في التعليم الدولي على إيجاد حلول لتوفير حوالي 581 ألف مدرس بحسب تقديرات عام 2021.
وكشف التقرير أن دولة الإمارات العربيةالمتحدة احتلت الصدارة بأكبر عدد من الطلاب المسجلين في المدارس الدولية المميزة المعتمدة على اللغة الإنكليزية في العالم، بينما احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الثانية بأكثر من 288 ألف طالب، وتليها الصين بـ256 ألف طالب. وجاءت الكويت في المرتبة الرابعة خليجيا والخامسة بمنطقة الشرق الأوسط من حيث عدد المدارس الدولية، إذ تضم 84 مدرسة، وبلغ عدد الطلاب المسجلين في تلك المدارس أكثر من 108 آلاف طالب.
السكان المحليون والوافدون في دول مجلس التعاون الخليجي، مستعدون لتحمل تكلفة التعليم في المدارس الدولية
ويظهر هذا النمو الاهتمام المتصل بالتعليم في الشرق الأوسط، حيث توفر غالبية الحكومات في جميع أنحاء المنطقة البنية التحتية المناسبة والدعم اللازم للمدارس الدولية لكي تزدهر بهدف تلبية الطلبات المتزايدة عليها من قبل أولياء الأمور.
كما تكشف الأرقام أن دول الخليج تعد الأكثر إقبالا في المنطقة على إنشاء المدارس الدولية التي يسجل فيها أبناء العائلات المقيمة والعاملة في هذه الدول إلى جانب نسبة هامة من أبناء السكان المحليين. الأمر الذي يؤكد أن هذه الدول تضع التعليم وتوفير نوعية جيدة منه وبمعايير دولية في سلم أولوياتها. كما يكشف حاجة الأهالي إلى مثل هذا النوع من التعليم الذي يخرّج طلابا بقدرات تنافسية عالية سواء في الجامعات الدولية أو في سوق العمل المحلية والعالمية.
وتشير بيانات إضافية من أي أس سي ريسيرتش إلى أن دبي هي المتصدرة على الصعيد الدولي كونها المدينة الرائدة عالميا من حيث عدد المدارس الدولية حيث تضم 281 مدرسة، وتليها أبوظبي في المرتبة الثانية بـ151 مدرسة.
وتفيد دراسات سوق المدارس الدولية بأن منطقة شرق آسيا ومنطقة الخليج وأميركا الجنوبية ستشكل مجتمعة مصدر الطلب الجديد في المستقبل، مع ازدياد الرغبة في الحصول على مستوى من التعليم يتميز بمواصفات دولية وجودة عالمية.
وتعد آسيا سوق المدارس الدولية الأسرع نموا حاليا لذلك تعمل الجهات المستثمرة في هذه السوق على الاستعداد لمواجهة التحديات التي سترافق التطورات المرتقبة الموسومة بارتفاع الطلب والزيادة في أعداد الطلاب الذين سوف يسجلون فيها خلال السنوات المقبلة وأهمها توفير الموظفين والمعلمين الأكفاء إلى جانب تجديد المناهج واعتماد نماذج التعليم المبتكرة المواكبة للعصر.