صيف المغاربة لا يبرد إلا بـ "لبرُود"

الرباط – ينزل بلال، المعروف بين الزبائن بـ“الدكالي”، نسبة إلى قبيلة دكالة بإقليم مدينة الجديدة، غرب الدار البيضاء، على الرغم من أنه يسكن في منطقة بعيدة عن الرباط تسمى زعير، إلى العاصمة السياسية للمملكة المغربية حاملا برادته النحاسية المزينة بباقة ورد في أعلاها، ضاخا بها مرة عصير الليمون المصفى وأخرى عصير خوخ محلى بالسكر أو بالعسل، مناديا المارة بصوت غنائي “لَبرود يا لَبرود، يا طارد الحر والصهود”؛ أي الحر الشديد. وتلك طريقة ذكية فنية اعتمدها بلال لجلب زبائنه منذ احترف هذه المهنة.
و“البرادة” في المغرب عبارة عن آنية تكون مصنوعة من طين أو من نحاس أو فضة، تستعمل لتبريد الماء أو المشروبات، لكنها في الغالب ما تكون مصنوعة من معدن النحاس لخفة وزنه، يصب فيها صاحبها مشروبا شعبيا يسمى في المغرب “لبْرُودْ”، يتجول به بائعه في الأسواق التي تقام أسبوعيا بالبوادي أو بين أزقة المدن، ينعش بمشروبه الزبائن في فصل الصيف ويخفف عنهم شدة الحر.
وقال بلال لـ“العرب” في تصريح خاص، إنه يستيقظ مع الفجر لغسل آنية “البرادة” جيدا، فالنظافة شرط أولي لنجاح كل عمل خصوصا المرتبط بالأكل والشراب، مؤكدا أنه “لا يمكن للزبائن أن يبقوا أوفياء لك وأنت تبيعهم سلعة غير نظيفة”.
وأشاد بلال بثقافة المتابعة والمراقبة التي يفاجئه بها المسؤولون في العاصمة الرباط، الذين صاحبهم في أكثر من مناسبة إلى المركز الصحي الخاص لإجراء التحاليل على الأطعمة والمشروبات التي تباع في الشارع، لكنه دائما يحترم المعايير المعمول بها في إعداد الشراب والطعام للمواطنين.
وأفاد “أنا ورثت هذه الحرفة عن أبي”، موضحا أنها حرفة صحية مئة بالمئة، أساسها فواكه موسمية طبيعية؛ وتكون إما ليمونا، أو برتقالا، أو خوخا، أو مشمشا، أو تفاحا وموزا.
وأكد لـ”العرب” أنه لا يخرج عادة عن فاكهتين اثنتين هما الليمون والخوخ، مشيرا إلى أن الليمون مفيد جدا لجسم الإنسان وله نتائج حسنة على الصحة في فصل الصيف وحتى في الأيام الباردة، لمن أراد من الناس، فالليمون فاكهة غنية بفيتامين “س” المنعش، المبردة صيفا والمسخنة شتاء.
وواصل بلال أنه بعد تنظيفه البرادة يقوم بعصر حبات كثيرة من فاكهة الليمون وخلطها بنظيف قشوره البيضاء التي تشكل غلافا بين لَحمة الليمونة وقشرتها الخارجية، وأحيانا يضيف بعض قطع القشرة الخارجية لرفع درجة الحموضة الإيجابية بمشروب لبرود، ثم يقوم بخلط الكل جيدا وتركه في الثلاجة حتى تبلغ الحرارة ذروتها في النهار.
وتابع أنه يقوم بعد ذلك بتفريغ العصير في برادته النحاسية ويضيف إليه قطع الثلج الكبيرة، وفي النهاية وقبل الخروج، تساعده زوجته على ربط “برادة لبرود” على ظهره ليخرج بها متوكلا على الله ليعود في المساء بما يحتاجه أهله من مصروف.