أول صومالية تقلع بطائرة حربية تنقل خبراتها للأجيال الجديدة

أصلي عبادي صومالية تحصل على لقب أول سيدة صومالية تقلع بطائرة حربية عام 1976، تكابد الآن رغم تقاعدها لنقل مهاراتها وخبراتها في الطيران إلى الأجيال الجديدة، كما أنها تحث الحكومة على تمكين المرأة من المشاركة في النهوض بالوطن.
الثلاثاء 2017/08/15
للمرأة دور في وطنها يبدأ بالتحدي

مقديشو – تستحضر الصومالية أصلي عبادي سنوات صباها البعيدة، عندما كانت تراقب بانتظام، إقلاع وهبوط الطائرات من قاعدة عسكرية قرب منزلها، دون أن يتوقع أحد سواها أن تكون أول امرأة تقود طائرة حربية في بلد محافظ بامتياز.

ونشأت عبادي (60 عاما)، وسط أسرة ميسورة، في إقليم هيران، جنوب وسط الصومال، حيث أكملت مرحلتي تعليمها الابتدائي والإعدادي، قبل أن تنتقل إلى العاصمة مقديشو، مع أسرتها.

وأكملت الصبية وقتها، المرحلة الثانوية، في العاصمة بتفوق ملحوظ في المواد العلمية، لكن المنزل الذي سكنت فيه الأسرة غيّر أحلامها، وبالتالي مستقبلها.

كان المنزل على بعد أمتار قليلة من قاعدة أفسيوني العسكرية، التي ألهمت حركة طائراتها عبادي لأن تصبح أولى قائدة طائرة حربية في بلادها.

وتحكي المرأة الستينية كيف أنها كانت تستمتع بإقلاع وهبوط الطائرات، وهي تدعو الله أن "أرى نفسي أطير بالطائرات من هذا المطار، وأهبط بها".

وكان طريقها إلى أول إقلاع مليئا بالمطبات، بدءا من معارضة والدها ومجتمعها، وليس انتهاء بأفراد المؤسسة العسكرية في بلادها. وأمام إصرارها، وافق والدها على خطتها للالتحاق بمدرسة الطيران العسكري الصومالية، لكن تداعيات قصتها كانت قد وصلت إلى رئيس البلاد وقتها، محمد سياد بري.

واستدعى الرئيس الأسبق الفتاة لمناقشتها حول رغبتها، والتأكد من أهليتها لهذه المهنة الشاقة والخطرة أيضا.

وبحسب رواية الكابتن أصلي فإن الرئيس خاطبها مازحا "ألا تعلمين بأن هذه المهنة صعبة؟ فكري مليا وراجعي قرارك”، لكن مع إصرارها خاضت التجربة الصعبة.

وحازت الطالبة الحربية بعد سنوات مريرة مرت عليها داخل مدرسة الطيران العسكري، على لقب أول سيدة صومالية تقلع بطائرة حربية عام 1976.

وسافرت الكابتن بعد 10 سنوات من الخدمة العسكرية في بلادها، إلى الولايات المتحدة. وتفتخر عبادي التي تزوجت لتصبح أما لـ4 أولاد، اليوم، بعد أكثر من 40 عاما على تخرجها، بأنها "ضحت بنفسها، من أجل خدمة وطنها وشعبها، وتعزيز جهود المرأة الصومالية في الدفاع عن الوطن".

وعادت عبادي بعد 30 عاما من الغربة والشوق، إلى مسقط رأسها، ولا شيء يشغلها سوى تعافي موطنها من الحرب الأهلية.

وتكابد عبادي مع أنها في سنوات التقاعد، لنقل مهاراتها وخبراتها في الطيران إلى الأجيال الجديدة، الواعدة بمستقبل أفضل.

وتسعى حاليا، لتقديم دورات مجانية للشباب، وتسهم في تكوين طيارين جدد، بعدما حصلت على رخصة تدريب من إدارة الطيران الاتحادية (فاء). وتمتد جهودها إلى رفيقاتها لكي لا تنقرض المساهمة العسكرية للمرأة الصومالية.

وفيما كانت عبادي فخورة دوما بأنها أول امرأة تقود طائرة حربية، فإن ما يحز في نفسها، أنها أيضا آخر امرأة فعلت ذلك، رغم مرور أكثر من 40 عاما على تخرجها.

وبعد الإطاحة بحكومة بري أصبحت المدرسة العسكرية للطيران، ملاذا للأسر النازحة. واستعادت الحكومة مدرسة الطيران مؤخرا، وإن كانت تستخدمها لأغراض عسكرية غير جوية.

ولم تقتصر مساعي الكابتن أصلي على قطاع الطيران، بل كانت مهمومة، إبان غربتها، بالعمل الإنساني لصالح أبناء بلدها، إذ زارته، ضمن قافلة مساعدات، جمعها المغتربون الصوماليون عام 2011.

ولعبادي أيضا، العديد من المساهمات في مشاريع تهدف إلى نهضة المرأة الصومالية. كما حثت الكابتن أصلي الحكومة الصومالية على العمل لترسيخ السلام، وتمكين المرأة من المشاركة في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لأن ذلك “أمر أساسي لبناء دولة ومجتمع قويين”.

وبفضل الاستقرار النسبي الذي شهده الصومال، خلال الأعوام القليلة الماضية، عاد عدد كبير من المغتربين، لنقل خبراتهم والمساهمة في المشاريع الاقتصادية والتنموية.

24