صبر مارغريت

الجمعة 2017/06/30

قال الأسطوري تشارلي تشابلن عن تكاليف صناعة فيلم سينمائي عظيم ذات يوم إن “إنتاج فيلم لا يحتاج سوى إلى مكان فسيح مثل غراج سيارات خال لاستخدامه كاستوديو، وماكينة تصوير وآلة موسيقية مثل البيانو. ثم خرطوم مياه وعدة سطول للمياه وشخصين يطارد أحدهما الآخر أو مجموعة من الأشرار تطارد شخصين من الأغبياء لأي سبب، سواء لأجل الحصول على المال أو قلب فتاة جميلة تفضل وتحب الشخص الطيب على الشرير الذي يطارده”.

وبما أن السينما صورة ثانية للحياة، فإن الحياة قد لا تحتاج، بالفعل، إلا إلى ما ذكره تشابلن، دون أي تكاليف.

أول مرة نسمع فيها، نحن العرب، تعبير “تكاليف” كانت في شعر زهير بن أبي سلمى الذي قال “سئمتُ تكاليف الحياة ومن يعش/ ثمانين حولا لا أبا لكَ يسأمِ”. فالتكاليف ليست مجرد حوادث، بل هي ما تدفعه في طريقك، طال أو قصر، حتى يتم إنجاز شريط حياتك بتمامه.

لكن من قال بيت الشعر السابق، رجل عاش طويلا وشهد حروبا وكوارث كان يراها كيفما وجه وجهه، حاله لم تكن كحالنا الآن، فنحن في نعيم مقيم وتكاليف حياتنا تغيرت كثيرا.

من تلك التكاليف التي طالما شغلت تفكيري، تكاليف المعرفة. ولا سيما في عصر الثورة التكنولوجية، وطرح المعلومات على قارعة الطريق.

وكان أكثر خبر لافت في الأيام الماضية، خبر الغرامة الضخمة التي فرضتها المفوضية الأوروبية على غوغل والتي تصل إلى قرابة المليارين ونصف المليار يورو.

الدقة في استخدام الكلمات الواردة في قرار الأوروبيين ضد غوغل تجعل من الأمر مسألة جديرة بالتأمل. إذ تشير المفوضية إلى “أن غوغل استعملت هيمنتها من أجل تفضيل خدمتها واحتكار السوق”. احتكار ماذا؟ احتكار المعلومات.

وتقول مارغريت فيستاجر مفوضة شؤون المنافسة في الاتحاد الأوروبي إن غوغل “طرحت العديد من المنتجات والخدمات المبتكرة التي أحدثت فرقا في حياتنا وهو أمر جيد. إلا أن استراتيجية الشركة أساءت استعمال هيمنتها”.

الإجراءات ذاتها اتخذتها مارغريت، من قبل، ضد شركة أبل، التي اتهمها الأوروبيون بأنها ضللت المستخدمين، وطرحت مواصفات لم يتحقق الكثير منها. كذلك تمت خلال الشتاء الماضي مواجهة فيسبوك بتهمة “تقديم معلومات مُضللة” ما عرّض الشركة إلى غرامة تعادل 1 بالمئة من إيراداتها. حينها قالت مارغريت ذاتها “فيسبوك قدمت لنا معلومات غير صحيحة”.

تعهدت مارغريت الدنماركية بملاحقة القراصنة في عالمنا. وقالت في مقابلة مع يورونيوز “لدينا حالتان قادمتان تنتظران، وهما حالة ماكدونالدز وحالة أمازون”. ويبدو أن صبرها قد نفد، بعد أن سئمت القارة العجوز تكاليف الحياة.

24