البارونة سعيدة وارسي تكشف أسرار "العدو في الداخل"

انتظرت البارونة سعيدة وارسي قرابة عامين ونصف العام لتردّ على مزاعم علاقتها الخفية مع المتطرفين حينما كانت وزيرة الدولة لشؤون الجاليات والأديان في بريطانيا برواية قصة “العدو في الداخل” التي تكشف وجهة نظرها حول التعددية الثقافية وذلك بصفتها أول امرأة مسلمة مهاجرة تتقلد منصبا حكوميا في البلاد.
الخميس 2017/04/06
الحكاية مستمرة

لندن - سرد مصدر مقرّب من حكومة ديفيد كاميرون السابقة قصة مثيرة في عام 2014 مدعيا أن البارونة سعيدة وارسي، عضو مجلس الوزراء آنذاك، تتواطأ سرا مع التنظيمات الإرهابية واستعانوا بها لاختراق الحكومة.

ولم يستغرق الأمر طويلا لإثبات أن المزاعم لم تكن واقعية، بل كان الأمر مضحكا، لدرجة أن البعض شعر بالانبهار الذي لم يكن نابعا مما فعلته أو قالته وارسي، بل من الأعداء الذين استطاعت أن تكتسبهم في تلك الفترة.

وللرد على تلك الأقاويل، نشرت وارسي كتاب “العدو في الداخل” مؤخرا يحوي أجوبتها عن الاتهامات بتعاملها مع الجماعات المتشددة، ويكشف وجهة نظرها المميزة كأول مسلمة من أصول باكستانية تتقلّد منصبا في حكومة بريطانية.

وتقول الكاتبة أفوا هيرش في تقرير نشره موقع صحيفة “ذي غارديان” البريطانية إن رؤية وارسي كانت نتيجة لارتباطها الوثيق وإيمانها بمجتمعها وأصولها وأيضا من خلال عملها كجزء من الحكومة المتهمة باتباع سياسة الإقصاء للمسلمين.

وتكشف الحياة البسيطة التي عاشتها وارسي في دوسبري غرب يوركشاير أنها ذات خلفية ثقافية متعددة فقد ترعرعت وأخواتها الأربع في حي يعيش فيه المهاجرون الباكستانيون كأقلية.

وكانت وارسي ابنة لعائلة فخورة جدا بتراثها وتاريخها حيث كانوا يقضون صيفهم في مدينة بلاكبول الساحلية شمال غرب بريطانيا أو في قطف الثمار مرتدين زيهم الرسمي “السلوار”.

لقد عاشت وارسي تفاصيل محيّرة في حياتها متمثلة في صراع الهوية بين وعيها الشديد بالاختلاف والرغبة في التكيّف حيث تعرضت في العشرينات من عمرها إلى أزمة أثرت بشكل مباشر على حياتها العملية، حين كانت محامية ناجحة آنذاك، ودفعتها إلى السفر حول باكستان خلال عام كامل.

وفي محاولة لدحض نظريات المؤامرة التي كانت تحاك ضدها، حذرت هؤلاء المرتابين في أمرها بأن يتوقفوا عن مشاهدة قناة “فوكس نيوز”، كما أثارت ضجة حول العيوب التي ظهرت في سياسة الحكومة بشأن معالجة التطرف وعن التعددية الثقافية.

وفي فصل بعنوان إسلاموفوبيا، رفضت وارسي مقاربة ديفيد كاميرون ورفاقه السابقين حول طريقة الحد من التطرف واعتبرتها هراء. وتقول إن تناول الحكومة لمفهوم التطرف سيجعله يشمل كل الفئات بما في ذلك الممثل الكوميدي راسل براند.

وتذهب وارسي في مقتطف آخر من كتابها إلى أبعد من ذلك حينما أشارت إلى أن بريطانيا كانت في طريقها إلى الإصابة بحالة من “جنون العظمة” بعد أن اكتشفت أن مستشارها كان يتجسس عليها حينما كانت وزيرة الدولة لشؤون الجاليات والأديان.

ويعكس الكتاب علاقة وارسي الشخصية بهويتها. فبعد أن تناولت وصف طفولتها الليبرالية، روت بإيجاز قصة زواجها بابن عمها الباكستاني، الذي أقيم في حفل لم تشعر فيه بالارتياح بالمرة.

ووصفت وارسي (46 عاما) آراءها التي صدرت في حملة “رهاب المثلية الجنسية” في عام 2005 والتي طالبت فيها بإنهاء التشجيع على ممارسة الشذوذ الجنسي، بالمربكة والمهينة ولكن لم تعط تحليلاتها لتلك القضية التي تنتشر في قلب الثقافات المتعددة ويطلع عليها العديد من البريطانيين.

واضطرت السياسية المسلمة الاستقالة من منصبها في أغسطس 2014، احجتاجا على موقف لبلادها بما يحصل في غزة، ولم تكن مآخذها على جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين وإنما لتقاعس الحكومة عن الالتزام بإعادة إعمار غزة عقب الحرب.

ومنذ ذلك الحين، عملت على إظهار موقفها الواضح الموالي لقضايا المرأة، التي من شأنها أن تحث على نقل “القيم البريطانية” أيضا في تعاملاتنا مع الدول الأجنبية مثلما يحدث مع مسلمي بريطانيا.

12