مخاوف من تأثير الحملات الانتخابية على رجال الأمن

نقابات أمنية تهدد بمقاطعة الاقتراع إذا لم يتم تعديل مواعيد الانتخابات.
الجمعة 2018/02/16
مواطنون قبل أن يكونوا رجال أمن

تونس – هددت نقابات أمنية في تونس عشية الانطلاق الفعلي في قبول الترشح، بمقاطعة الانتخابات البلدية في حال لم تتم معالجة “البعض من التجاوزات” المتعلقة بمواعيد إجراء هذا الاستحقاق.

وحمّل الاتحاد الوطني لنقابات قوات الأمن التونسي، في بيان صادر عنه، هيئة الانتخابات مسؤولية إقرارها الصمت الانتخابي يوم 5 مايو في حين أن رجال الأمن والعسكريين سيصوتون أثناء فترة الحملات الانتخابية.

واعتبر الاتحاد أن في هذه الخطوة “خرقا واضحا للقانون ولشفافية العملية الانتخابية ومن شأنها إحداث تشويش على اقتراع الأمنيين”. وقال مهدي بالشاوش الناطق الرسمي باسم نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل، لـ”العرب”، إنه “من غير المعقول أن يقترع رجال الأمن قبل إعلان الصمت الانتخابي”، داعيا هيئة الانتخابات إلى ضرورة مراجعة تاريخ عملية تصويت أفراد القوات الحاملة للسلاح أو الموعد الفعلي لانطلاق الصمت الانتخابي.

وأكد بالشاوش تخوف رجال الأمن من حشرهم في معارك سياسية، إذ أن ظروف تصويتهم في الانتخابات البلدية ستكون في خضم تواصل الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية والمستقلين المرشحين لخوض هذا الاستحقاق. وطالب بوجوب تفادي هذا الأمر الذي قد يجعل القوات الحاملة للسلاح في مرمى العديد من الانتقادات والاتهامات.

وانطلقت في تونس عملية قبول الترشح للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في 6 مايو المقبل، الخميس.

نبيل بالعم: القانون يمنع إجراء استطلاع نوايا التصويت قبل الاقتراع بثلاثة أشهر
نبيل بالعم: القانون يمنع إجراء استطلاع نوايا التصويت قبل الاقتراع بثلاثة أشهر

وعلق رياض بوحوش عضو هيئة الانتخابات، لـ”العرب”، على المسألة بقوله إنه لم يرد على الهيئة أي شيء رسمي من رجال الأمن أو وزارة الداخلية يطالب بتأخير عملية الاقتراع بالنسبة لرجال الأمن والعسكريين أو تقديم موعد الصمت الانتخابي. وأوضح بوحوش أن “المسألة لا تتطلب كل هذا التوجس من قبل القوات الحاملة للسلاح، لأن الحملات الانتخابية لن تؤثر على نوايا تصويتهم والدليل أن التونسيين المقيمين خارج البلاد سيصوتون بدورهم قبل بقية المواطنين”.

وهذه هي المرة الأولى في تونس التي يشارك فيها أفراد القوات الأمنية والعسكرية في عملية الاقتراع لاختيار أعضاء المجالس البلدية. ويصوت أفراد الجيش ورجال الأمن لاختيار ممثليهم في المجالس البلدية يوم 29 أبريل المقبل، أي قبل بداية الصمت الانتخابي.

واعتبر مراقبون أن عملية تصويت أفراد القوات الحاملة للسلاح تزامنا مع تواصل الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية وقبل موعد الصمت الانتخابي، قد تشهد حصول تجاوزات تساهم في إرباك العملية الانتخابية أو في الزج برجال الأمن والعسكريين في معارك سياسية.

وحذر معز بوراوي الرئيس السابق للجمعية التونسية من أجل نزاهة الانتخابات “عتيد”، في تصريح لـ”العرب”، من التجاوزات التي قد تشهدها عملية تصويت رجال الأمن والعسكريين. وأكد بوراوي أنه كان من المفترض أن تختار هيئة الانتخابات موعدا لا تشوبه شائبة يكون بعيدا عن الحملات الانتخابية للأحزاب وما تشهده من تنافس وإرباك ومحاولات استقطاب للناخبين.

ويأتي الجدل الجديد حول مشاركة رجال الأمن والعسكريين في الانتخابات، بعد خلافات طويلة بين الأحزاب السياسية أثناء مناقشة مشروع القانون في وقت سابق حول حقهم في الاقتراع. وتم حسم الجدل بتصويت مجلس نواب الشعب منذ فبراير 2017 على الفصل السادس من مشروع قانون الانتخابات المحلية، الذي مكن العسكريين ورجال الأمن من التصويت في الانتخابات البلدية والمحلية دون غيرها من الانتخابات.

وأفاد بالشاوش أن النقابات الأمنية، عكس اتحاد نقابات قوات الأمن، لم تناقش بعد مسألة اقتراع أفراد القوات الحاملة للسلاح أثناء الحملة الانتخابية ولإصدار موقف مشترك. وطالب البعض من النقابات بتجنب ترديد الشعارات المقاطعة للانتخابات لأن ذلك يتنافى تماما مع مطالبهم السابقة بالمشاركة في الحق الانتخابي كبقية المواطنين.

ونصت هيئة الانتخابات في تونس في قرار أصدرته في 18 ديسمبر الماضي ويتعلق بجدول مواعيد الانتخابات البلدية لعام 2018، على أن الحملة الانتخابية تنطلق يوم 14 أبريل 2018 وتنتهي في 4 مايو. وأقرت الهيئة أن فترة الصمت الانتخابي تنطلق يوم 5 مايو وتمتد إلى حين غلق آخر مكتب اقتراع بالدائرة الانتخابية يوم 6 مايو (موعد الاقتراع).

وشدد بالشاوش على وجود البعض من التوجسات لدى رجال الأمن من أن يتم الزج بهم في منطق الانتماءات السياسية عبر ما قد يحصل من تجاوزات قد تقترفها شركات سبر الآراء، التي يمكن أن تكشف أعمالها ومنشوراتها الانتماءات السياسية لأفراد القوات الحاملة للسلاح.

وحذر مراقبون في تونس من مغبة الانزلاق وراء محاولة القيام بدراسات أو تقييمات أو استطلاعات يكون هدفها البحث عن نتائج تصويت القوات الحاملة للسلاح بمعزل عن بقية الناخبين، لأن ذلك قد يساهم في تسييس الأجهزة الأمنية والعسكرية.

وطمأن نبيل بالعم رئيس شركة “امرود كونسيلتينغ” المختصة في عمليات سبر الآراء، خلال حديثه لـ”العرب”، أفراد القوات الحاملة للسلاح الذين سيشاركون في عملية الانتخاب “لأن القانون يمنع إجراء أي استطلاع أو استبيان حول نوايا التصويت قبل موعد الاقتراع بثلاثة أشهر”. وشدد على أن آخر استطلاع طبقا للقانون تم إنجازه ونشره يوم 13 فبراير الحالي. وأشار إلى أن الانتخابات البلدية تختلف عن الاستحقاقات الرئاسية والتشريعية، حيث لن يكون هناك أي استطلاع للرأي قد يكشف نتائج الانتخابات البلدية قبل إعلان هيئة الانتخابات عنها على غرار ما حصل في انتخابات 2014.

4